عبد الفتاح عبد المنعم

هل ستظل أمريكا القوة العظمى فى العالم؟

الخميس، 11 مايو 2017 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«منذ نهاية الحرب الباردة أحدثت الولايات المتحدة مجموعة واسعة من التغييرات والمطالب على جيوشها فى صورة تخفيضات فى مستويات الإنفاق والقوة الشاملة، مع الحفاظ على مجموعة من الالتزامات فى أوروبا والشرق الأوسط، وينظر المؤرخون إلى هذه الفترة بأنها واحدة من الفترات التى اتبعت فيها الولايات المتحدة استراتيجية شاملة موسعة وقليلة التكلفة نسبيا، لكن صدمة تفجيرات 11 سبتمبر جلبت نموا كبيرا فى مستوى الإنفاق على المهمات الدفاعية وزادت من الالتزامات خارج الحدود، أهمها اثنان من الحروب الطويلة والمكلفة فى أفغانستان والعراق، وهو الأمر الذى أدى إلى نمو الإنفاق على العسكريين بمعدل سنوى متوسط قدره %3.2 من عام 2000 حتى الآن» هذا كان مدخلا لبحث خطير للباحث نور الدين قلاله وحمل سؤالا: هل ستظل أمريكا القوة العظمى فى العالم؟ هذا السؤال الذى مازلنا جميعا نبحث عن إجابة له وهو ما حاول الباحث تقديمه من خلال بحثه الشيق.
 
يقول نور الدين قلاله: من خلال النداءات والدعوات المتكرة إلى ضرورة «بناء الأمة الأمريكية فى الداخل» كانت إدارة الرئيس أوباما مرغمة على قطع وعود للشعب الأمريكى لوضع حد للحرب فى العراق وخفض مستويات القوات فى أفغانستان ومن ثم «الانسحاب»، وقد شكلت هذه الفترة إعادة التفكير- حتى لا نقول إعادة النظر- فى الاستراتيجية الأمريكية والحد من التدخلات المباشرة، وقد ظهر ذلك فى مواجهة القضايا والأزمات التالية:
 
- انضمام الإدارة الأمريكية إلى الجهود الرامية إلى إسقاط نظام العقيد القذافى فى ليبيا من دون وضع قوة لتحقيق ذلك.
- المشاركة فى عمليات الإطاحة بنظام بشار الأسد فى سوريا مع رفض الزج بالقوات البرية فى المعركة.
 
- دعم الانتفاضات الشعبية فى البلدان العربية أو ما عرف فيما بعد بـ«الربيع العربى» مع تحاشى أى تورط مباشر فى الأزمات التى نشبت فى المنطقة.
ولكن فى النهاية عندما نتحدث عن «معالجة» فى الجسم الأمريكى فإننا نفترض وجود «مرض»، حيث تشير دراسة حديثة لمؤسسة «راند» الأمريكية إلى أن سعى صناع القرار فى واشنطن إلى معالجة التوازن بين خفض الإنفاق فى المجال العسكرى والمتطلبات الاستراتيجية يدلل على وجود اختلال أو عجز فى الأمن القومى الأمريكى ستسعى الإدارة الحالية والإدارة المقبلة إلى إيجاد حلول مناسبة لسد ثغراته، وبحث الخيارات الدفاعية المتاحة التى تستجيب فى النهاية
 
لمجموعة من التحديات التى تواجهها الولايات المتحدة حاليا والأخطار التى تهدد أمنها ومصالحها فى المستقبل، ويمكن تلخيص هذه التحديات فى ما يلى:
 
- الاستراتيجية الروسية الجديدة بعد ضم شبه جزيرة القرم والتدخل فى أوكرانيا وسوريا.
 
- التهديدات التى يتعرض لها أعضاء حلف شمال الأطلسى فى منطقة بحر البلطيق.
- تزايد خطر القوة العسكرية للصين وتهديداتها خاصة فى شرق آسيا.
- سعى إيران لأهدافها التوسعية فى منطقة الخليج وخارجها.
- تنامى الحركات الجهادية وخطر تقدم تنظيم الدولة الإسلامية فى سوريا والعراق.
- تأكيد وإثبات الذات الأمريكية كأعظم قوة عالمية.
 
وتشير بعض التقديرات إلى أنه بحلول عام 2050، سوف تكون آسيا قد قطعت أشواطا معتبرة فى طريقها إلى استرداد حصتها ومجدها التاريخى مع صعود الصين والهند، مما يخلق حالة من عدم الاستقرار وكذلك عدم التوازن المقلق لواشنطن.
 
وحتى تواجه هذه التحديات الناشئة وغيرها، تجد الإدارات الأمريكية نفسها مرغمة على أن تُراجع سياساتها وتخلق ميكانيزمات جديدة لتكييف خفض إنفاقها العسكرى مع ضروراتها الاستراتيجية، حفاظا على مصالحها وعلى قوتها فى العالم، خاصة أن المعطيات المتوفرة حاليا، على أكثر من مستوى، تشير- بما لا يدع مجالا للشك- إلى أن المستوى الحالى للإنفاق الدفاعى لا يلبى المطالب الطموحة للأمن القومى الأمريكى، وأن القيود المفروضة على هذا القطاع، بموجب أحكام قانون مراقبة الميزانية، وفى خضم التهديدات الراهنة، أحدثت عجزا فى الاستراتيجية الأمنية الأمريكية جعلت السؤال عن مستقبل القوة الأمريكية يصبح أكثر إلحاحا من أى وقت مضى.
 
منذ أن تخطت كارثة تفجيرات 11 سبتمبر، وانسحابها فيما بعد من العراق وأفغانستان بعد إسقاط نظامى صدام حسين وطالبان، وجدت الولايات المتحدة نفسها فى مواجهة أزمات أمنية خطيرة لم تكن تتوقعها وتحديات فى أوروبا والشرق الأوسط وشرق آسيا.
 
ويعود السبب من وجهة نظر بعض المتتبعين للتطورات السياسة فى البيت الأبيض إلى أن برنامج الاستراتيجية والدفاع الأمريكى الذى طرح على إدارة الرئيس أوباما فيما بعد عام 2014 وُضع بناء على فرضيات «مضللة» بأن أوروبا ستكون مستقرة وتعيش فى سلام، وأن الأوضاع فى العراق وأفغانستان والشرق الأوسط ستكون هادئة على نطاق واسع، وبالقدر الذى يجنبها الالتزامات البرية وغيرها من الدواعى الدفاعية، وهى الظروف التى تسمح لها بالتركيز أكثر على المزيد من الاهتمام بالموارد وكذا توجيه اهتمامها إلى منطقة المحيط الهادئ. وجاء التدخل الروسى فى أوكرانيا والفشل العراقى فى مواجهة «داعش» ليقلب هذه الافتراضات الهادئة إلى أخطار محدقة. ونواصل بعد غد السبت الإجابة عن السؤال هل ستظل أمريكا القوة العظمى فى العالم؟









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة