شهدت الندوة التى عقدها مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية حضورا عربيا لافتا، حيث حضر كتاب ونقاد من مصر والسودان والأردن، تحدث بعضهم عن انطباعاته بعد قراءة الرواية، وكذلك تصوراته حولها، فيما انصب الجهد النقدى الرئيسى على مساهمة الكاتب منير عتيبة المشرف على المختبر والناقدة دينا نبيل التى قدمت دراسة قصيرة حول الرواية.
وفى الندوة التى استضافها بيت السنارى نفسه، والذى تدور فيه أغلب وحوله أحداث الرواية تم توزيع جوائز على التلاميذ الفائزين فى المسابقة التى أقامتها مكتبة الإسكندرية عن الرواية فى مدارس أحياء السيدة زينب ولاظوغلى والحلمية الجديدة والدرب الأحمر.
وقال عتيبة إن مساحة التخيل فى الرواية ساعدت الكاتب على تقديم عالم متكامل يمكن أن يكون موازيا للملامح الأساسية للعصر، الذى عاش فيه بطلها إبراهيم السنارى، بل يمكن أن يكون موازيا لزماننا هذا أيضا، على اعتبار أن المحركات الأساسية للتاريخ وللأشخاص والعلاقات الاجتماعية وعلاقة السلطة بالناس لم تتغير بشكل جوهرى.
وفى دراستها القصيرة عن الرواية قالت الناقدة دينا نبيل إن الرواية، رغم انشغالها بالتاريخ، فإنها تحفل بعرفانية وصوفية ظاهرة وهو ليس غريبا على كاتبها مثلما سبق أن رأينا فى روايتيه "شجرة العابد" و"جبل الطير"، لكن العرفانية فى "بيت السنارى" مختلفة، وتقوم على شخصية بطلها الذى له قدرة على الكشف، ليس بفعل الكرامات، إنما بقدرته على السحر وقراءة الطالع.
وتابعت "الرواية تسعى إلى إعادة همزة الوصل بين الذاكرة أو التاريخ والتفكر المتجدد فى الحاضر، ويقف بطلها بين ما هو واقعى وما هو تخيلى، واقعى بوصفه شخصية تاريخية حقيقية، وهو فى الوقت نفسه تخييلى"، مشيرة إلى أن الكاتب أضاف للتاريخ الكثير من خياله، وصنع بطلا يشبه "عطيل" بطل مسرحية شكسبير الشهيرة.
وقالت الدكتورة ماجدة عمارة الكاتبة والباحثة فى الفسلفة إن الرواية ولدت فى مكان ساحر، فمنحها الكثير من سحره، ولذا فإننى "حين قرأتها وقعت فى غرامها، كما سبق أن وقعت فى غرام بيت السنارى بمعماره البديع"، مؤكدة أن النهاية المفتوحة للرواية جعلت إمكانية كتابة جزء ثانى منها قائمة.
وركز الناقد السودانى محمد خليل على ما جاء بالراوية من معلومات عن السناري، وكيف تمكن الكاتب من إذابتها فى ثنايا النص، مؤكدا أن بيت السنارى الذى تدور فيه أحداث الرواية بنى على طراز معمارى معروف فى مملكة سنار بالسودان والتى جاء منها إبراهيم السناري، فيما تساءل الكاتب السودانى عيسى حسابه عما إذا كانت القدرات العجيبة للسنارى تعود إلى كرامات صوفية أم قدرة على السحر؟ مشيرا إلى أنه جاء من مكان معروف بالتصوف فى السودان.
وطلب الكتاب السودانيون من عمار على حسن عقد ندوة عن الرواية فى مقر بيت السودان بالقاهرة، لمناقشتها مع أكبر عدد من السودانيين المهتمين بالأدب والمقيمين فى مصر.
وحضر الندوة الكاتب والمترجم الكبير طلعت شاهين الذى تحدث عن الواقعية السحرية التى شاعت فى آداب أمريكا اللاتينية، وترجمناها عنهم وإن كان لدينا فى الأدب العربى جذور لها سابقة على اللاتينيين، وشاركه الرأى الكاتب الأردنى حسين دعسة، المشرف العام على ملحق أبواب فى صحيفة "الرأى العام" الأردنية، الذى تحدث من وحى رواية "بيت السنارى" عن الواقعية العرفانية والروحية أيضا.
يشار إلى أن "بيت السنارى" هى الرواية التاسعة لعمار على حسن بعد "باب رزق" و"جبل الطير" و"شجرة العابد" و"سقوط الصمت" و"السلفي" و"زهر الخريف" و"جدران المدى" و"حكاية شمردل"، إلى جانب خمس مجموعات قصصية: "عطر الليل" و"حكايات الحب الأول" و"أحلام منسية" و"عرب العطيات" و"التى هى أحزن"، وله كتابان فى النقد الأدبي: "النص والسلطة والمجتمع" و"بهجة الحكايا"، إلى جانب عشرون كتابا فى التصوف والاجتماع السياسى، وله تحت الطبع رواية "خبيئة العارف" ومجموعة "أخت روحى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة