محمود حمدون يكتب: الخطأ فى المقدمات

الأربعاء، 05 أبريل 2017 02:00 م
محمود حمدون يكتب: الخطأ فى المقدمات الخطأ فى المقدمات - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعد مراجعة متأنية للتقرير الموضوع أمامه على المكتب، رفع الكاهن رأسه وقال وبدا على صوته أثر إجهاد وتعب شديدين، وموجها حديثه لشاب شاحب الوجه يقف أمامه يرتجف خوفا وجوعا :

ما حواه تقريرك من أرقام رغم ما بذلته من مجهود ظاهر إلاّ أنها جميعها خاطئة .

خاطئة؟ ماذا تقصد؟

أقصد وبالتحديد أنها غير صحيحة بالمرة .

وكيف ذلك؟! لقد راجعت هذه الأرقام أكثر من مرة واستخدمت آلة حاسبة للتأكد من دقة النتائج .

نظر له الكاهن بتفحص من رأسه لأخمص قدميه وقال: بنّى يبدو أنك لم تفهم قصدى، عندما قلت أن النتائج والأرقام خاطئة فلم يكن الحديث عن خطأ حسابى فهذا آخر ما نلتفت إليه أو يشغل بالنا. ثم صمت طويلا .

لم أفهم قصدك وأقسم على هذا! إذن فما العيب والخطأ؟!

يا ولدى الخطأ فى المقدمات والفرضيات التى بنيت عليها حساباتك جميعها، وأودعتها تقريرك المنمّق هذا، لقد جانبك الصواب عندما ركنت لفرضيات رأيتها أنت صحيحة. وقادتك فى النهاية إلى منطق ونتيجة غير مرغوبة على الإطلاق، وبعصبية شديدة طوى الملف الورقى وألقى به على طول ذراعه فى الهواء ليسقط على الأرض محدثا دويا وقد تبعثرت وريقاته بنتائجها فرسمت صورة سريالية عبثية غير منطقية تناغمت مع الحدث .

ارتجفت أوصال الشاب النحيل وسأل بصوت واهن يحمل رجاء كبيرا:

وماذا أفعل؟! عظنى.

لا عظة ولا نصيحة لمن فى مثل وضعك، لكن ينبغى عليك أن تتحرر من فرضياتك التى بنيت عليها حياتك كلها، وأن تؤسس لنفسك أخرى تنتهى بك لنتائج نرضى عنها ونقبلها، عندئذ ربما نقبلك بيننا .










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة