وسط موجة من التطرف والإرهاب تضرب مصر بين وقت وآخر، وتشتد نارها فى شمال سيناء، مع جهود قوية ومتواصلة من القوات المسلحة ووزارة الداخلية لمواجهة الأعمال الإرهابية والإرهابيين مواجهة أمنية حاسمة، نقف فى احتياج حقيقى لمواجهة التطرف والأفكار التى تصنعه وتستلب عقول الشباب باتجاهه، مواجهة فكرية ودينية، وهو ما تعمل عليه وزارة الأوقاف بقوة، فى إطار فرض سيطرتها ورقابتها على العمل الدعوى فى مساجد مصر وعلى منابرها، بينما تحاول فئات عديدة العمل على خلخلة هذا الدور إضعاف رقابة الأوقاف على المساجد، والتغلغل خارج الرقابة والضوابط القانونية، وهو الصراع الممتد طوال الوقت، ولكن يزيد اشتعالا مع حلول موسم شهر رمضان كل عام.
فى هذا العام يبدو أن رمضان المقبل سيشهد فصلا جديدا فى المعركة بين "السلفيين والأوقاف" للسيطرة على المساجد والزوايا، إذ وضع التيار السلفى، وعلى رأسه الدعوة السلفية، الكيان الأكثر تنظيمًا بين تجمعات السلفيين، خطة ناعمة لمزاحمة وزارة الأوقاف فى المساجد، تحمل شعار "دعوة لا سياسة"، فيما أعلنت مديرية الأوقاف بمحافظة الإسكندرية عن تشكل لجنة ميدانية لرصد أى مخالفات فى المساجد، مؤكدة أن سيطرتها على مساجد مصر محكمة وصارمة.
السلفيون يستعدون لشهر رمضان ويزاحمون الأوقاف فى مساجد الإسكندرية
وفقا لمصادر من داخل الحقل السلفى، فإن كثيرين من السلفيين، وعلى رأسهم الدعوة السلفية بالإسكندرية، بدأوا خلال الأيام الحالية الاستعداد لشهر رمضان ومزاحمة وزارة الأوقاف فى تجهيز المساجد، وقال أحد قيادات الدعوة فى تصريح لـ"اليوم السابع": "بدأنا الإعداد لشهر رمضان مبُكرًا هذا العام، بتوفير إجراءات لتسهيل العبادة فى الشهر الكريم، ومن ذلك فتح بعض حضانات الأطفال لاستقبال الصغار ساعتين ليلا فى أثناء صلاة التراويح بالمساجد، لتتمكن الأمهات من صلاة القيام دون إزعاج الصغار وتشويشهم على المصلين".
وأشارت المصادر، إلى أن الدعوة السلفية تسعى لتنظيم أسواق خيرية، وتقديم وجبات إفطار بأسعار بسيطة، متابعة: "يأتى هذا بالتزامن مع الأسواق الخيرية وشنط رمضان وإصلاح تكييفات المساجد والمصليات الخاصة بالنساء وتجهيز المعتكفات"، وتشدد الدعوة السلفية على أن هذا النشاط ليس له طابع سياسى؛ ولكنه نشاط دعوى خدمى للجميع، على حد زعمهم.
وأوضحت المصادر، أن قيادات الدعوة السلفية سيصلون خلال شهر رمضان فى المساجد التى عرفت بكونها معقلا لهم بمحافظة الإسكندرية، ومن أشهرها مسجد الزهراء، ومسجد البخارى، ومسجد بلال الذى يتواجد فيه الشيخ أحمد فريد القيادى بالدعوة، ومسجد الخلفاء الراشدين الذى يصلى ويعتكف فيه الشيخ ياسر برهامى نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة، ومسجد نور الإسلام الذى يصلى فيه الشيخ أحمد حطيبة، وعدد من المساجد الأخرى.
الدعوة السلفية تهاجم مسلسلات رمضان قبل انتهاء تصويرها
فى سياق متصل، شنت الدعوة السلفية هجومًا حادًا على المسلسلات والأعمال الفنية المنتظر عرضها خلال شهر رمضان المقبلة، واصفة إياها بالأعمال المنحرفة.
وقال عادل نصر، المتحدث باسم الدعوة السلفية، فى تسجيل صوتى نشره الموقع الرسمى للدعوة "أنا السلفى": "هل نحن تهيأنا لشهر رمضان واستعدينا له والعزم على رضا الله، أم أننا ما زلنا فى غفلتنا؟ يجب الامتناع عن المحرمات فى شهر رمضان وفى غيره، فنحن نرى من أحوال المسلمين عجبًا، فنرى أهل الانحراف والزيغ يتهيأون لشهر رمضان ويعدون الأفلام والمسلسلات، والبرامج المنحرفة، فكثير من المسلمين ينتظر رمضان ويبحث عما يعرض فيه من أفلام ومسلسلات تبث الرذيلة ومحاربة الفضيلة ولا حول ولا قوة لنا".
ووصف "نصر" فى تسجيله الصوتى، الأفلام والمسلسلات التى تعرض خلال شهر رمضان بأنها أعمال منحرفة تفسد الأخلاق وتؤخر الأمم، على حد زعمه، مشيرًا إلى أن شهر رمضان فرصة للتخلص من الذنوب واكتساب الحسنات، وداعيا لتعمير المساجد خلال شهر رمضان وقراءة القرآن، مستطردا: "هذا الشهر الكريم كان صحابة رسول الله يدعون ربهم قبله بـ6 أشهر أن يبلغهم إياه، وإذا انقضى يدعون الله أن يتقبل منهم، فكانوا يعيشون العام كله شهر رمضان".
مديرية أوقاف الإسكندرية: لن نسمح لغير المرخص لهم بالخطابة أو الإمامة
على الجانب المقابل، قال الشيخ محمد العجمى، مدير الأوقاف بالإسكندرية، إن المديرية لن تسمح لأى جهة سلفية أو جماعة إسلامية بأى استعدادات، غير المصرح لهم بالخطابة أو إعطاء الدروس والإمامة، متابعا: "سياستنا فى شهر رمضان ستكون نفس السياسة المتبعة طوال العام".
وأضاف "العجمى" فى تصريح لـ"اليوم السابع"، قائلا: "يوم الخميس المقبل سننتهى من وضع تصور للجنة المتابعة الميدانية لشهر رمضان، لرصد أى مخالفة فى أى مسجد، واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها"، مؤكدا أن وزارة الأوقاف تسيطر على كل المساجد والزوايا، ولن تسمح لأى إنسان أو فصيل باستغلال المساجد.
جدير بالذكر، أن الدكتور جابر طايع، رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، قال فى تصريحات صحفية، إن الوزارة تهيمن على كل مساجد الجمهورية وزواياها، ولا يمكن لخطيب أن يتجاوز إلا إذا كان "يخطب فى الصحراء".
وأضاف "طايع"، أن الإرهابيين يتم تربيتهم فى شقق مغلقة وأماكن بعيدة عن المساجد والزوايا المعروفة، وأن المساجد لها أئمتها وطاقم عمل يعمل ليل نهار، والوزير وقيادات الوزارة منذ عامين لم يتركوا وزارة الأوقاف قبل الحادية عشرة مساء، وهناك شبكة معلومات وغرفة عمليات دائمة لمتابعة كل مساجد مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة