مع دخول إضراب أسرى فلسطين بسجون الاحتلال الإسرائيلى عن الطعام اليوم الخميس، يومه الخامس، تواصل إسرائيل كسر معنوياتهم من خلال سلسلة من العقوبات التى بدأت بفرضها منذ اليوم الأول للإضراب، بالإضافة للتصريحات الدموية التى يطلقها قادة وزعماء الاحتلال.
وقامت سلطات السجون الإسرائيلية، بتوجيه من وزير الأمن الداخلى جلعاد اردان، بتشديد العقوبات ضد الأسرى داخل السجون، وقررت منع كل الأسرى المضربين عن الطعام من لقاء محاميهم، وعدم إطلاع المحامين وعائلات الأسرى على أوضاعهم الصحية.
جاء ذلك بعد قيام سلطات السجون بنقل الأسير مروان البرغوثى، الذى وصفته بزعيم الإضراب والمحرض، إلى العزل الانفرادى فى سجن "كيشون" فى حيفا.
واحتجاجا على ذلك أعلنت دائرة شئون الأسرى فى منظمة التحرير الفلسطينية ونادى الأسير الفلسطينى، بأن رجالهم سيقاطعون المداولات فى المحاكم الاسرائيلية.
وفى المقابل، فى الوقت الذى تسود فيه قطيعة بين المضربين وسلطة السجون، قال مقربون من عدة أسرى إنه تجرى اتصالات متواصلة بين ممثلى الأسرى وجهات الاستخبارات فى سلطة السجون.
نتانياهو يصفهم بالإرهابيين
فيما تطرق رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو، لموضوع إضراب الأسرى، خلال زيارة إلى مفاعل "ديمونا"، قائلا: "قرأت أمس الأول مقالة فى صحيفة نيويورك تايمز تعرض قائد المسلحين البرغوثى كبرلمانى وزعيم، وقد تراجعت الصحيفة لأننا قدمنا ملاحظة لها، هذا يشبه تسمية الأسد بطبيب أطفال، هؤلاء قتلة، ارهابين، ونحن لا نفقد أبدا وضوحنا لأننا فى الجانب المحق"، على حد زعمه.
ليبرمان يقترح تركهم يموتون جوعا
وفى السياق نفسه، قالت صحيفة "يسرائيل هيوم" إن وزير الدفاع الإسرائيلى، أفيجادور ليبرمان، اقترح تبنى طريقة "مارجريت تاتشر" فى التعامل مع الأسرى المضربين عن الطعام، وهى بتكرهم يموتون جوعا، كما حدث للأسرى الإيرلنديين، حين قررت رئيسة الحكومة البريطانية سابقا، تاتشر انتهاج معاملة قاسية إزاء إضرابهم فى بداية الثمانينيات فماتوا نتيجة لذلك.
وقال ليبرمان، إنه يأمل بأن يرى بسرعة النواب العرب بالكنيست والشيخ رائد صلاح، قائد الحركة الإسلامية فى إسرائيل، بالانضمام إلى الإضراب عن الطعام دون أن ينكسروا وأن يأكلوا الدجاج فى الليل، على حد قوله.
وقالت الصحيفة العبرية، إنه فى الشارع الفلسطينى، وعلى الرغم من دعم الأسرى، إلا أنه لم يصدر عن رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن والتنظيمات الفلسطينية الأخرى، بما فى ذلك حماس والجهاد الإسلامى، وقيادة الأسرى فى السجون، أى أمر جارف بالانضمام إلى الإضراب.
وقالوا فى مقر منظمة التحرير فى رام الله، إن حسام زلمط، ممثل منظمة التحرير فى واشنطن، التقى أمس مع مسئولين فى وزارة الخارجية الأمريكية، وسلم طلبا من السلطة بممارسة الضغط على إسرائيل للموافقة على مطالب الأسرى المضربين عن الطعام.
وقال مصدر فى أجهزة الأمن الفلسطينية للصحيفة العبرية، إن أبو مازن نقل توجيهات قاطعة إلى أجهزة الأمن بمنع المظاهرات والاحتجاجات العنيفة والمواجهات بين الفلسطينيين وجنود الجيش الإسرائيلى، بسبب رغبته بالوصول إلى اللقاء مع الرئيس الأمريكى فى الثالث من مايو فى واشنطن، فى ظل هدوء نسبى.
تطبيق أحكام الإعدام على الأسرى
بينما طالب وزير المواصلات والاستخبارات الإسرئايلى يسرائيل كاتس، بتطبيق عقوبة الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين، مؤكدًا فى تغريدة له على حسابه على موقع "توتير" دعمه لتطبيق هذه العقوبة مثلما تنص عليها القوانين العسكرية الإسرائيلية.
وقالت القناة السابعة الإسرائيلية، إن تصريحات كاتس جاءت بالتزامن مع يوم الأسير الفلسطينى والإضراب المفتوح عن الطعام فى سجون الإسرائيلية.
تحريض على البرغوثى
من جهتها، واصلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، التحريض المباشر على البرغوثى، فبعد ان نشرت مؤخرا على صدر صفحتها الأولى عنوانا نعته فيه بالمحرض، تنشر أمس تقريرا تحت عنوان "طريق القاتل" تستعرض فيه سيرة البرغوثى، وتتبنى فيه التهم التى أدين بها.
وقالت الصحيفة العبرية، إنه منذ 20 سنة، يعتبر البرغوثى الوريث المحتمل لياسر عرفات وأبو مازن فى قيادة السلطة الفلسطينية، على الرغم من احتجازه فى السجن الاسرائيلى منذ عام 2002.
وأضافت يديعوت، أن البرغوثى الذى حظى بدعم واسع فى الشارع الفلسطينى والذى كان فى السابق مقربا من شخصيات فى اليسار الإسرائيلى ولد فى عام 1958 فى قرية كوبر قرب رام الله، وفى عام 1976 اعتقل لأول مرة من قبل إسرائيل، وأمضى خمس سنوات فى السجن درس خلالها اللغة العبرية، وفى نهاية سنوات الثمانينيات، خلال الانتفاضة الأولى ، قاد التظاهرات الحاشدة ضد إسرائيل وتم طرده إلى الأردن.
وفى عام 1994، بعد توقيع اتفاقيات أوسلو، سمح للبرغوثى بالعودة الى المناطق الفلسطينية، وبعد عامين انتخب لعضوية المجلس التشريعى، وخلال هذه الفترة دعم السلام مع إسرائيل، وتقرب من شخصيات إسرائيلية مثل النائب السابق حاييم أورون والأديب عاموس عوز، واعتبر خصما مريرا لعرفات، واتهمه بالفساد وبخرق حقوق الإنسان.
وخلال الانتفاضة الثانية ترأس البرغوثى تنظيم فتح، الذى اعتبر عمليا الجناح العسكرى لحركة فتح، وفى إطار هذا المنصب أدار البرغوثى ووجه عمليات ضد أهداف إسرائيلية.
وفى 2002، بعد نجاته من محاولة اغتيال، تم اعتقاله من قبل الجيش الإسرائيلى فى رام الله.
وقال نائب رئيس الشاباك، يتسحاق ايلان، للصحيفة العبرية، إن الجيش تكهن بأن البرغوثى سيحارب على نقطة دمه الأخيرة لمنع اعتقاله، مضيفا: "بعد اعتقاله اتصل بى اشخاص من الجيش وسألونى كيف استسلم البرغوثى؟، فقلت لهم: هذا يلائمه، إنه جبان وليس بطلا، هذا الشخص يخفى نفسه فى جلد كبش، أنه يرش الرمل فى عيون الإسرائيليين الأبرياء الذين يعتقدون أنه شريك، أنه أحد الجهات الأكثر متطرفة فى فتح، آنذاك واليوم".
وفى عام 2004 أدين البرغوثى بتنفيذ 3 عمليات، قتل خلالها 5 إسرائيليين وأدين بالسجن لخمسة مؤبدات بإضافة 40 سنة سجن أخرى.
ووقعت أشد العمليات القاتلة فى مطعم "سى فود ماركيت" فى تل أبيب 2002، حيث أطلق فلسطينى النار وطعن ثلاثة إسرائيليين.
وفى تلك السنة اغتالت إسرائيل أحد قادة كتائب شهداء الأقصى، رائد كرمى، فامر البرغوثى النشطاء بتنفيذ عملية انتقام، وقام هؤلاء بإرسال مقاومين قتلوا إسرائيلية فى منظمة جبعات زئيف، وقبل سنة من ذلك قتل فلسطينى أرسله البرغوثى، الراهب شيفوكتاتيس جرمانوس.
وخلال المفاوضات لإطلاق سراح الجندى الإسرائيلى جلعاد شليط، طالبت حماس بإطلاق سراح البرغوثى، لكن الجهاز الأمنى أصر على عدم إطلاق سراحه.
ورغم أنه يجلس فى السجن الإسرائيلى، فقد انتخب البرغوثى فى 2009 لعضوية اللجنة المركزية لحركة فتح، ولا يزال يطرح اسمه كمرشح لرئاسة القيادة الفلسطينية.
البرغوثى وأبو مازن
وفى السياق نفسه، قالت صحيفة "هاآرتس"، إن المقريين من مروان البرغوثى رفضوا الإدعاءات التى انتشرت فى اسرائيل بأن الإضراب هو محاولة من قبل البرغوثى لمناطحة الرئيس الفلسطينى محمود عباس.
كما رفض مدير القسم القانونى فى نادى الأسير المحامى جواد بولس هذا الإدعاء، وقال لـ "هاآرتس": "لا توجد للإضراب أى علاقة بالصراعات الداخلية كما يحاولون الترويج".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة