حسب الصور والفيديوهات المنشورة فى «اليوم السابع» لفتاة التحرش بالشرقية، لم تسر فى الشارع عارية أو شبه عارية، وإنما ترتدى فستانا فوق الركبة بقليل، وأين هذا من طالبات الجامعة فى الستينيات والسبعينيات بالمينى والميكرو جيب، ولم يكن هناك تحرش ولا معاكسات وقحة ولا قلة أدب، وكان الطالب يحافظ على زميلته فى الشارع والمدرجات، ويتدخل لحمايتها إذا تعرضت لسوء، ونفس الأمر بالنسبة لبنت الجيران وبنت البلد، وكان لدى الشباب نخوة وكرامة ومروءة، ولم يكونوا أبدا بنفس الدناءة والحقارة التى نشهدها اليوم.
حينما تجد المئات من شباب الزقازيق يحتشدون أمام الكافتيريا التى اختبأت بها الفتاة، لا تملك إلا أن تقول: لله الأمر من قبل ومن بعد، أفواج وراء أفواج من المتحرشين لو تمكنوا لمزقوا ملابسها ونهشوا جسدها، فى مشهد لا تفعله حتى حيوانات الغابة، حتى لو كانت الفتاة ترتدى فستانا قصيرا، كان فى وسع الشبان، لو كانت لديهم ذرة من مروءة، أن يعطوها شيئا تتغطى به، لا أن يقاتلوا من أجل تعريتها، وبالله عليكم ماذا كان سيفعل هذا الحشد الهائل بالفتاة إذا تمكنوا منها؟ وما النصر الذى يتحقق إذا مزقوا ملابسها ونهشوا جسدها؟ وهل هم تربية بيوت أو تلقوا تعليما فى مدرسة، وهل هم نتاج أب محترم وأم صالحة أم أبناء شياطين؟
وأين يحدث ذلك؟ فى الشرقية بلد الكرم والشهامة وأخلاق الفلاحين، وفى أشهر ميادين الزقازيق وعلى مرأى ومسمع من الآلاف، دون أن يتدخل عقلاء يصفعون هؤلاء المتحرشين على وجوههم، ويقولوا لهم «عيب»، حتى لو أخطأت الفتاة، فواجبنا نصحها وإكرامها والحفاظ عليها، وليس الخروج فى تظاهرات الذئاب المجتمعة للنيل منها، مثلما كان يفعل الإخوان بالفتيات فى ميدان التحرير، لتخويفهن وإجهاض ثورة النساء ضدهم، فبدا الأمر فى صورة مدينة خرجت عن بكرة أبيها لتتحرش بالفتاة، وتحاصر المكان الذى اختبأت فيه، وكأنها طيار إسرائيلى هبط بالبراشوت بعد إسقاط طائرته فى حرب 67، وخرجت المدينة كلها للإمساك به.
زمان- والله يرحم أيام زمان- عندما كان شعراوى جمعة وزيرا للداخلية، كان الشاب الذى يعاكس فتاة حتى بكلمتين حلوين، يساق إلى قسم الشرطة وتحلق رأسه على الزيرو، لتجريسه وإذلاله، ليكون عبرة وعظة لغيره من المستهترين، ويبدو أنه آن الآوان لتغليظ عقوبة التحرش، قبل أن تتكرر مأساة فتاة التحرش فى عموم البلاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة