وحاول "أردوغان"، فى حوار مع شبكة "سى إن إن" الأمريكية، تسويق التعديلات الدستورية التى تم تمريرها بفارق 1% فقط من الأصوات لصالح المؤيدين، مع تواتر أنباء وإشارات عن شبهات تلاعب شابت عمليات التصويت، واعتراض عدد من الأحزاب المعارضة على النتيجة ومسار الاستفتاء، وتنظيم مسيرات احتجاجية عديدة، وبينما تؤكد النصوص المعدلة وصياغتها الجديدة أنها تأتى فى اتجاه تعزيز سلطات الرئيس التركى وانفراده بالحكم، من خلال انتزاع سلطة تعيين القضاة وعزلهم، وإصدار كل المراسيم والقرارات دون رقابة برلمانية كافية، فضلاً عن تمكينه من البقاء فى السلطة 12 عاما إضافية، تأتى تصريحات "أردوغان" الدعائية الأخيرة، لتحمل حالة غريبة من الإنكار غير القائم على أسس وحقائق.
صلاحيات ديكتاتورية واسعة لـ"أردوغان".. وخطاب مراوغ: أنا فانٍ وسأموت
فى حواره مع الشبكة الأمريكية، استخدم الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لهجة عاطفية فى الدفاع عن التعديلات الدستورية، التى أعربت كثير من دول أوروبا عن قلقها بسببها، ووصفتها بأنها خطوة نحو مزيد من الديكتاتورية، وذهب الرئيس التركى للقول إن التعديلات لا تتعلق به كشخص، قائلا: "أنا فانٍ ويمكن أن أموت فى أى وقت".
كانت تركيا قد شهدت، الأحد الماضى، استفتاء حول تعديلات دستورية تغير نظام الحكم فى البلاد، لتنتقل من نظام برلمانى إلى نظام رئاسى، يمنح أردوغان صلاحيات وسلطات واسعة، تعزز من فكرة حكم الفرد على حساب المنظومة الديمقراطية والفصل بين السلطات، وانتهت نتيجة الاستفتاء بالموافقة على تمرير التعديلات بنتيجة تتجاوز 51% بكسور طفيفة، ليصبح بمقدور "أردوغان" البقاء رئيسا للبلاد حتى عام 2029، إذ ينص مشروع الدستور على تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة بالتزامن، فى 3 نوفمبر 2019، على أن يشغل الرئيس ولاية من 5 سنوات، قابلة للتمديد لفترة ثانية، فضلا عن الاستيلاء على كثير من السلطات التى كانت مخولة للبرلمان.
الرئيس التركى: جئت من خلفية كروية.. والفوز بالمباراة أهم من عدد الأهداف
فى لقائه مع المذيعة الأمريكية بيكى أندرسون، فى قصر الرئاسة بأنقرة، زعم "أردوغان" أن التعديلات تستهدف تحسين النظام السياسى فى تركيا، وتتيح التعديلات الجديدة للرئيس التركى إصدار المراسيم الرئاسية، وسلطة تعيين مجلس الوزراء وكبار القضاة وإقالتهم، والحد من سلطة البرلمان فى التدقيق فى التشريعات.
وأشارت CNN إلى أن "أردوغان" قام بالفعل خلال الأشهر الماضية، بحملة قمع واسعة ضد معارضيه، إذ فرغ مؤسسات الدولة من جميع المعارضين، واعتقل 47 ألف شخص، منذ محاولة الجيش الفاشلة للإطاحة به من السلطة منتصف يوليو الماضى، فضلا عن سجن ما يقرب من 200 صحفى، وإقالة 130 ألف موظف من المؤسسات المختلفة، بما فى ذلك المدارس والقضاء والجامعات والشرطة والجيش.
وواصل "أردوغان" دفاعه عن نظامه بمزاعم ربما تصطدم اصطداما قويا وواضحا مع الحقائق والمعلومات المتداولة، قائلا: "فى الدكتاتوريات ليس بالضرورة أن يكون هناك نظام رئاسى، لدينا هنا صناديق اقتراع، والديمقراطية تستمد قوتها من الشعب، وهذه هى الإرادة الوطنية"، وأصر طوال حديثه على أن النظام الجديد يمثل منعطفا فى التاريخ الديمقراطى لتركيا، بحسب زعمه.
وتعليقا على هامش الفوز الضئيل، وتمرير التعديلات بنسبة 51% فقط، وهو ما يشير محللون إلى أنه دليل على تقلص شعبية "أردوغان" وانحسار مستوياتها السابقة، قال الرئيس التركى فى لقائه مع "سى إن إن": "لقد جئت من خلفية كروية، والمهم هو تحقيق الفوز فى المباراة، سواء بنتيجة 1 – 0 أو 5 – 0 ."
أردوغان يهاجم الاتحاد الأوروبى لرفض عضوية تركيا ويساومه بنتيجة الاستفتاء
وهاجم "أردوغان" الاتحاد الأوروبى، الذى أعرب عن مخاوفه من الطريقة التى جرى بها الاستفتاء، وتطرق إلى قضية انضمام تركيا للاتحاد الأوروبى، قائلا: "الاتحاد الأوروبى جعلنا ننتظر عند بابه 54 سنة، ومن وجهة نظر سياسية، هذا غير مقبول، لقد حاولنا جاهدين قبول جميع متطلبات الاتحاد الأوروبى، ولم يفِ بوعوده، وعليه أن يفى، وإذا أوفوا بوعودهم يمكننا الجلوس، ويمكننا أن نرى الخطوات التى يجب اتخاذها".
وخلافا للقادة الأوروبيين الذين أبدوا تحفظات بشأن الاستفتاء، اتصل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بـ"أردوغان"، لتهنئته بالفوز وتمرير التعديلات الدستورية، وأبدى الرئيس التركى تطلعه للقاء "ترامب" وجها لوجه، قائلا: "سيكون من الأفضل أن نلتقى وجها لوجه وندفع علاقتنا إلى الأمام".
وردا على سؤال حول ما إذا كان يشعر بأن الولايات المتحدة وتركيا يمكن أن تعملا معا، قال أردوغان فى حواره مع "سى إن إن": "إن الطريقة التى يتعامل بها الرئيس ترامب تجعلنا سعداء بأن الولايات المتحدة وتركيا حليفتان، يمكننا حل المشكلات الكبيرة، وليست لدينا أى صعوبات من هذه الناحية".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة