كيف كان حضور الشخصيات المسيحية فى الأدب العربى فى مصر، بالطبع لم يكن حضورهم كثيفا لكنه فى الوقت نفسه لم يكن خافتا، وقد دارت روايات كاملة عن شخصيات مسيحية بينما اكتفت أخرى باستضافة حفيفة، ومن ذلك:
فى السكرية تسأل العالمة زبيدة رياض قلدس عن اسمه، وعندما يجيبها تقول بدعابة: "كافر؟!". ثم تسترسل فى المباهاة بالتاجر القبطى الكبير الذى كان من ضمن عشاقها.
فى دراسة بعنوان "الشخصية المسيحية فى أعمال نجيب محفوظ" عرضت ليلى فريد لتناول الكاتب العالمى نجيب محفوظ للشخصية المسيحية فى رواياته وقصصه وأشارت إلى عدد من الشخصيات منها:
فى "ميرامار" نلتقى بماريانا صاحبة البنسيون اليونانية وهى جالسة تحت تمثال العذراء، يسألها أحد النزلاء: طلبة مرزوق "لماذا رضى الله بأن يصلب ابنه؟" فتجيب: "لولا ذلك لحلت بنا اللعنة". فيضحك طويلا ويقول: "ألم تحل بنا اللعنة بعد؟!".
ولعل رياض قلدس فى السكرية هو أحد الشخصيتين المسيحيتين اللتين أفرد لهما محفوظ مساحة واسعة، والشخصية الثانية التى تناولها بإسهاب هى عدلى كريم فى السكرية، ورغم أنه لم يشار لدينه فى الرواية، إلا أنه من المعروف أن شخصيته و الدور الذى لعبه فى حياة أحمد شوكت الفكرية، كانا تصويرا شديد التماثل لسلامة موسى وتأثيره على نجيب محفوظ.
كما يتضمن كتابه المرايا لوحات فنية لشخوص روائية تعكس شخصيات واقعية التقاها محفوظ خلال مشوار حياته الطويل. ونجد فيه ثلاث شخصيات مسيحية:
الأول، سابا رمزى زميله فى المدرسة الثانوية، كان كاثوليكيا، ومن خلاله تعرف محفوظ، لأول مرة، على الخلاف بين المذاهب المسيحية. وكانت له قصة كارثية، فقد أحب مدرسة تكبره فى السن، ولما صدته قتلها بمسدس، وبذا اختفى من حياة الطلبة.
والثانى: ناجى مرقص، زميل آخر فى المدرسة الثانوية؛ أرثوذوكسى. يقول عنه محفوظ أنه كان أنبغ تلميذ صادفه فى حياته؛ فهو الأول فى جميع المواد. ولكن بسبب إصابته بداء الصدر وانعدام القدرة المادية، عجز عن مواصلة تعليمه. وعندما التقى به الكاتب صدفة فى طور الشيخوخة، وجده غارقا فى دراسة الروحانيات وتحضير الأرواح.
أما الثالث: إسحق بقطر، فهو زميله فى الجامعة، جاء ذكره سريعا له فى معرض أنه لم يتردد فى مواجهة استاذهم الذى خان المبادئ، وشجعه على جرأته أنه كان غنيا، مطمئنا على مستقبله.
وفى أقصوصة مفترق الطرق، من مجموعة فتوة العطوف، نرى رجلا يتأمل صورة فصل المدرسة، وماذا فعل الزمن بالزملاء القدامى. فيتذكر حنا عبد السيد الذى أصبح طبيبا معروفا، وعبد الملك حنا الذى كانت تنتابه نوبات صرع اضطرته للانقطاع عن المدرسة.
ويأتى ذكر بعض المسيحيين الأجانب، الذين كانوا يقيمون فى مصر، كشخصيات ثانوية فى القصص والروايات. على سبيل المثال: البارمان اليونانى الذى يتبادل المودة مع زبائنه، صاحبة البانسيون التى تربطها علاقات حميمة بنزلاء البنسيون الدائمين، أساتذة المدارس والجامعات موضع إعجاب وتقدير تلاميذهم، جنود الاحتلال البريطانى، فالدميير المحامى بالمحكمة المختلطة ومدموزيل فلورا الخياطة.
عزازيل.. يوسف زيدان
عزازيل هى رواية من تأليف يوسف زيدان، صدرت عن دار الشروق سنة 2008، تدور أحداثها فى القرن الخامس الميلادى ما بين صعيد مصر والإسكندرية وشمال سوريا، عقب تبنى الإمبراطورية الرومانية للمسيحية، وما تلا ذلك من صراع مذهبى داخلى بين آباء الكنيسة من ناحية، والمؤمنين الجدد والوثنية المتراجعة من جهة ثانية.
فازت الرواية بجائزة بوكر العربية سنة 2009، كما حصلت على جائزة "أنوبى" البريطانية لأفضل رواية مترجمة إلى اللغة الإنجليزية سنة 2012.
البشمورى .. سلوى بكر
البشمورى هى رواية للكاتبة المصرية سلوى بكر، تتحدث عن فترة مهمة فى حياة مصر القديمة فى ظل الحكم الإسلامى، هى ثورة البشامرة.
وتجرى أحداث الرواية فى عهد الخليفة المأمون، الذى قضى على ثورة البشامرة، حتى لم تقم لهم بعد ذاك قائمة.
تبدأ الرواية بإرسال الكنيسة ممثِّلَين عنها، هما الشماس ثاونا الناضج الحكيم وبدير بطل القصة وخادم الكنيسة، إلى البشامرة لإقناعهم بالتخلِّى عن ثورتهم ضد الخليفة وبقبول دفع الخِراج للدولة.
وفى الطريق تبدأ الصعوبات: فجغرافية شمال مصر شىء متحول، حيث يقوم النهر العظيم بتغيير جريانه عدة مرات خلال الفصول تبعًا لقوة المياه، فتتغير مواقع فروعه. وتبدأ بالنسبة للكاتبة صعوبةُ استعادة أمكنة الأحداث؛ فالقرى المذكورة قد اندثرت من الخريطة.
رامة والتنين.. إدوار الخراط
"رامة والتنين"، للكاتب والروائى إدوار الخراط، صدرت عام 1980، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وصنفت من أفضل مائة رواية عربية.
وترصد الرواية قصة حب بين ميخائيل ورامة، تبدو على شكل حوار بين رجل وامرأة تختلط فيها عناصر أسطورية ورمزية فرعونية ويونانية وإسلامية.
وتتناول الرواية من خلال الحوار بين الأبطال عمق التجربة الإنسانية والصراع والخوف الذى ينتاب الإنسان طوال حياته، فالرواية تتشابك بين الأسطورية والواقعية وتحتوى على أبعاد فلسفية وعقلية، وتدور أحداثها فى مصر فترة ستينيات القرن الماضى وسبعينياته.
ويذكر أنه بعد 16 عاماً من صدورها، أصبحت ثلاثية، حيث صدر الجزء الثانى لها رواية "الزمن الآخر"، والجزء الثالث رواية "يقين العطش".
خالتى صفية والدير
رواية شهيرة لـ بهاء طاهر، يروى لنا عن طفلٍ نشأ على الحب، وعن حربى وصفية والمقدس بشاى، والقرية التى تحتضن "ديرا".
نساء القاهرة دبى.. ناصر عراق
تناول رواية "نساء القاهرة دبى" حياة أسرة مسيحية مصرية من منطقة شبرا، ذلك الحى الشعبى العتيق الذى تظهر فيه شهامة أولاد البلد وتكاتفهم فتختفى فوارق الدين وتذوب الفتن الطائفية معلنة الوحدة الوطنية، أسرة عاصرت تقلبات وتحولات المجتمع المصرى منذ حرب أكتوبر 1973 وحتى ثورة يناير2011 ، تتنقل بين القاهرة ودبى.
وفى مقالة لـ"عادل أسعد الميرى" نشرها فى "مجلة الثقافة الجديدة" اختار عدد من الروايات، تتعرّض لشخصيات مسيحية، تعيش فى المجتمع المصرى، والروايات التى كتب عنها "الميرى" هى رواية "المرحوم" لحسن كمال، وشخصية ميلاد العامل فى مشرحة كلية الطب بجامعة القاهرة، الذى يحاول أن يرضى رئيسه عبّاس، دون نجاح يذكر فعباس لا يستطيع أن يحترم ميلاد، لأن ميلاد قبطى، عندما يحضّر لهم ميلاد وجبة طعام شهية، يبدأ عبّاس فى الأكل معتقدًا أن ميلاد قد اشترى هذا الطعام من الأسواق، إلا أنه يتوقف عن الأكل فور علمه أن والدة ميلاد هى التى أعدّت هذا الطعام، رغم أنه كان يجده شهيًّا.
رواية "2 ظباط" للأديب عصام يوسف، من شخصياتها الضابط وليد، وهو مثال الالتزام الأخلاقى، الذى يحمع حوله شلة من الأصدقاء، من بينهم هانى عزيز، صديق طفولتهم الذى لم يكن يفارق الشلة إلا مرة واحدة فى الأسبوع، ولمدة ساعة واحدة، هى ساعة صلاة الجمعة.
كذلك اختار "الميرى" رواية "منافى الرب" لأشرف الخميسى، حيث "حجيزى" رجل الواحة الخائف من الدفن، وقد ظلّ فترة طويلة من حياته يبحث عن وسيلة تمكنه من الاحتفاظ برائحة جسده طيبة بعد الموت، حتى يتمكن أقاربه من الاحتفاظ بجثّته بينهم بدلاً من دفنها، واعتقد حجيزى أن دين النصارى يَعِد الموتى بالقيام من الموت فتتبع وهو فى الثمانين من عمره الراهب يؤانس فى الصحراء، حتى جبل الرهبان الذى يعيش فى كهوفه بضع عشرات منهم، معتزلين الناس بعدًا عن أذيّتهم.
وكذلك اختار الميرى رواية "كلوت بك" لسمير زكى، تقدم لنا أيضًا نموذجًا جميلاً لعلاقة الصداقة التى قامت بين (رمّاح) المصرى المسلم و(كيفور/ كيمو) المصرى المسيحى ذى الأصول الأرمينية، بينما فى رواية "جريمة سنقر" لمايكل برنس، نجد نقدًا ذاتيًّا لأوضاع بيوت الطلبة التى تديرها الكنائس، وتدور أحداثها فى الزمن الحالى، فى إحدى مدن الصعيد، وفى ورواية "جومر" لروبير الفارس، تدور حول أسرة مسيحية تعانى وتشعر بالاضطهاد الذى يعانى منه الشعب المصرى.
بينما رواية "لا أحد ينام فى الإسكندرية" للروائى إبراهيم عبد المجيد، تقدم نوعًا نادرًا من الصداقة بين الشيخ مجد الدين المسلم المستنير وحافظ القرآن المتسامح، وبين داميان زميله العامل البسيط الذى لم يتعلم القراءة إلا على كبر.
وفى رواية "أوراق زمرّدة أيوب" لبدر الديب، نعرف أن زمردة مصابة بسرطان فى الدم (لوكيميا)، وأن هذا هو غالبًا السبب فى عودتها من أمريكا، يبدو أن أحد الأطباء هناك كان قد قال إنه لم يعد متبقيا لها فى عمرها إلا بضعة أشهر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة