صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: «سَيَأْتِى عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خُدَّاعَاتٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَ الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنٌ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ».. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ: «الرَّجُلُ التَّافِهُ يَنْطِقُ فِى أَمْرِ الْعَامَةِ».
هذا الحديث ينطبق على زماننا هذا، وما نعيشه من تشويه وقلب الحقائق، فأصبح الخائن المتآمر، رجلا وطنيا، وثوريا لا يشق له غبار، وتحول فيه المدافع عن الوطن، والواقف فى خندق خير أجناد الأرض، مطبلاتى وعبيد البيادة.
وتحول فيه القتل والتفجير فى دور العبادة، وجهاد النكاح وهدم الأوطان، والارتماء فى أحضان الأعداء، جهاد فى سبيل الله، ومن أهل الملة، لا يمكن تكفيرهم، وندعو فقط لهم بالهداية، رغم أن قتل المسلم شرك بالله، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة أربعين عاما»، كما قال أيضا: «من آذى ذميا فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة».
كما أصبح المتلونون سياسيا، والمتحولون أيدولوجيا، حسب الموجة، رجال دولة، ويجلسون فى الصفوف الأولى فى الفعاليات الوطنية الكبرى، وكأن شرفاء هذا الوطن، أصابهم مرض الزهايمر، لا يتذكرون موقف هذا، وتلون ذاك، ولا يملكون إلا أن يضربوا كفا بكف.
ووسط ما تشهده مصر من محاولات تكفيريين يشوهون الدين، بالقتل والحرق والتدمير، وإثارة الفوضى، مرتكبين كل أنواع الخيانة والمؤامرة لهدم الأوطان الإسلامية، لمصلحة الأعداء، وجدنا الأزهر يقف متفرجا، وأن من كان يدعم المعزول محمد مرسى، وجماعته الإرهابية، مستمرون فى مناصبهم، لذلك لم يتخذوا إجراءات حقيقية لمحاربة «داعش»، وكأنهم معجبون بمشاهدة فيديوهات يبثها التنظيم الإرهابى تضم مشاهد قتل خير أجناد الأرض أثناء تناولهم الإفطار فى شهر رمضان، وهم يؤدون الصلاة، كما يحرقون ويسحلون ويفجرون، ويخربون.
فخد عندك، الدكتور عباس شومان، الرجل القوى فى الأزهر الشريف، والمتحكم فى قراراته، يتمتع بمهارة المراوغة، والقدرة على التخفى، وتغيير وجه الحقيقة بعشرات الأقنعة، فعندما وصل الإخوان للحكم، نذر نفسه خطيبا وواعظا مدافعا عن الجماعة، ورأى فيها المنقذ للدين الإسلامى، من براثن الكفرة والملحدين.
كما نذر نفسه ناشطا ثوريا على مواقع الـ«سوشيال ميديا»، وحمل مدفع كلاشينكوف يطلق قذائف «التويتات والبوستات» لتدمير المعارضين لمحمد مرسى وإخوانه، معتبرا مكتب الإرشاد فى المقطم أهم وأعلى منزلة من مشيخة الأزهر فى منطقة الحسين، وأن جلالة وهيبة ووقار المرشد العام للجماعة الإرهابية «محمد بديع»، تفوق هيبة شيخ الأزهر، بل فى الأزمة الشهيرة التى دشنها المعزول محمد مرسى، وصدامه مع القضاة، هب عباس شومان من فوق منبر أحد مساجد القاهرة، ليطالب «مرسى» بأن يكون «قاضيا»، وقال نصا فى خطبته الشهيرة: «يحق له أن يتولى القضاء بنفسه ومن لم يعجبه شرع الله فليبحث له عن شرع آخر!!».
عباس شومان، وكيل الأزهر والرجل الأقوى فى المشيخة والمتحكم فى دفة إدارة الكيان الذى يعتبره العالم، منارة الإسلام الوسطى، ليس الوحيد الذى أعلن تعاطفه مع جماعة الإخوان، ورئيسهم محمد مرسى العياط، ولكن له من الرفاق أربعة آخرين، لا يقلون عنه أهمية وصلاحية فى المشيخة، بجانب العشرات من المحبين والمتعاطفين وأعضاء جامعة الأزهر.
نحن لا ننسج خيوط الوهم، لنصنع قصة من العدم، ولكن نرصد المواقف ونحلل الوقائع، بهدف استنباط الحقائق، ودق ناقوس الخطر، وبالتدقيق فى كل آراء عباس شومان وكيل الأزهر إبان حكم الإخوان، تجدها داعمة للجماعة ورئيسها المعزول، وتتشابه إلى حد التطابق مع رؤى البلتاجى والعريان وخيرت الشاطر وكل المتحدثين باسم الجماعة الإرهابية.
بل رفاق الدكتور عباس شومان الأربعة، فى مشيخة الأزهر، كانوا أكثر عنفا وقوة فى دعم مرسى وجماعته، مثل محمد سليمان مستشار الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والمسؤول عن استقدام وطباعة الكتب وترجمتها من وإلى المشيخة، والغريب أن هذا الرجل ليس مصريا، ولا نعرف له جنسية، وإن كان هناك إجماع بأنه جزائرى، ولعب دورا فى تصاعد العنف المسلح فى الجزائر مع بداية عام 1992.
وأيضا الدكتور حسن الشافعى الذى يعد أحد أبرز القيادات الإخوانية، المعششة فى مشيخة الأزهر، حيث كان يشغل رئيسا للمكتب الفنى لشيخ الأزهر فترة طويلة، ثم مستشارا له، ورغم ما يتردد بأنه قدم استقالته، إلا أن أصابعه مازلت تعبث فى المشيخة.
أما الدكتور محمد عمارة الذى أصدر بيانا أكد فيه أن ثورة 30 يونيو انقلابا، فإنه كان قريبا من شيخ الأزهر، ويرأس تحرير مجلة الأزهر، المنارة الثقافية، وحاليا عضو فى هيئة كبار العلماء، فماذا ننتظر؟
ويأتى محمد عبدالسلام، الرجل الأقوى فى المشيخة رغم صغر سنه فهو من مواليد 1981، وشارك فى لجنة إعداد وصياغة دستور الإخوان، والرجل يلعب الدور الخطير فى هذه المرحلة، وحامل مفاتيح خزائن الأزهر السرية.
وبعد هذا السرد، هل تنتظرون تجديدا للخطاب الدينى، أو فكرا مستنيرا، من هذه المؤسسة؟ أترك الإجابة لحضراتكم..!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة