"السلفيون المظلومون.. هم من يُحاربون الإرهاب والعنف وموجة الإلحاد وتوغل الشيعة والانحرافات الفكرية ومظاهر الانحلال الخلقى والسلوكى.. لا يُفجرون ولا يُكفرون، وهم جزء مهم من نسيج المجتمع، ويتعاملون بالدستور والقانون".
ما بين الأقواس هو جزء من تصريحات للداعية السلفى سامح عبد الحميد، نشرها كعادته عبر صفحته الشخصية على شبكة "فيس بوك" للتواصل الاجتماعى، ونقلتها عدد من الصحف والمواقع الإلكترونية، ولا أزمة فى منطوق التصريحات لو أنها صدرت عن أى سلفى فى مصر، أو خارجها بخلاف سامح عبد الحميد، من باب حق آى شخص فى الدفاع عن التيار الفكرى الذى يمثله، لكن حينما يصدر هذا عن سامح عبد الحميد فإن الذاكرة تستدعى على الفور نص الحديث الشريف "صدقك وهو كذوب" بسبب أن جل الفتاوى الصادرة عن نفس الرجل - إن جاز تسميتها بالفتاوى - تنضح ببث مناخ الكراهية، والكراهية لمن لا يعلم هى أول خطوة فى طريق التفجير والتكفير
القصة من البداية
قفز اسم سامح عبد الحميد خلال العاميين الماضيين إلى الصحف، والمواقع الإخبارية، بوصفه داعية سلفى، وأحد مفتيى التيار السلفى فى مصر، وكلا الوصفين يعوزه الدقة فمن حيث المؤهلات فإنه خريج كلية دار العلوم جامعة القاهرة، ووظيفته التى يخبر الصحفيين أنه يعمل بها تتفق تمامًا مع صميم مؤهله فهو محقق ومراجع لغوى لأبحاث الماجستير والدكتوراه والكتب والمخطوطات، وحتى داخل الدائرة السلفية فإنه ليس له اجتهاد إلا فى هذا الجانب، فمن خلال البحث على شبكة الإنترنت يتبين أن المواقع السلفية الكبرى لا تحمل سوى كتيبًا صغيرًا لسامح عبد الحميد يقل عدد صفحاته عن الـ80 صفحة عنوانه "كيف تكون فصيحًا؟" قدمه ياسر برهامى ووصفه بأنه "ورقات نافعة لتصحيح بعض الأخطاء" - أى الأخطاء اللغوية.
ربما أعتلى المنبر فى وقت سابق لكن هذا لم يعد يحدث الآن، لأنه لا يحمل ترخيصًا بالخطابة من وزارة الأوقاف، فكيف إذن صار داعية ومفتى؟
الإجابة ببساطة هى أن سامح عبد الحميد استغل حالة الفراغ الإعلامى، التى خلفها السلفيون بعد عزلتهم الاختيارية عن وسائل الإعلام عقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فمنذ هذا التاريخ تقريبًا لم يظهر ياسر برهامى فى أى حوار تليفزيونى واكتفى فقط ببث فتاواه ومقالاته من حين لآخر عبر المنصات الإعلامية للدعوة السلفية، وكذلك حال أغلب رموز الحزب حتى وصل الحال بأن المتحدثين الإعلاميين للحزب صاروا لا يتحدثوا مع أحد، وتبقى فقط من "النور" بيانات وتصريحات لعدد من أعضاء الحزب داخل مجلس النواب.
مفتى الـ"فيس بوك"
وجد سامح عبد الحميد ضالته فى الفراغ السلفى على ساحة الإعلام، وأراد أن يلعب دور الداعية السلفى صاحب الآراء الشاذة والصدامية، ضبط بوصلته الداخلية على هذا الدور، وأصبحت صفحته الشخصية على موقع "فيس بوك" هى المنبر، ففى كل مناسبة أو حادث يشغل الرأى العام صار يكتب "بوست" عن أمر ما وقبل أن ينشره عبر صفحته الشخصية يرسله فى محادثة خاصة لمجموعة من الصحفيين يحتفظ بهم فى قائمة أصدقائه، ويمثلون تقريبًا كل الصحف، والمواقع الإخبارية المؤثرة، ويطلب منهم بإلحاح نشرها حتى لو اضطروا لإضافة رأى آخر يعارضه ويهاجمه، وعند الصياغة النهائية يتحول البوست إلى فتوى فى امتهان شديد لشأن الفتوى، التى من المفترض أنها توقيع عن رب العالمين.
الشىء الخطير فى بوستات سامح عبد الحميد، أنها تؤصل لحالة الكراهية فى المجتمع وتقدمها باعتبارها دينًا، وتعيد إحياء كل ما هو مهجور ومنبوذ مجتمعيًا وهنا فقط عينة من العناوين:
-سامح عبد الحميد: بيع الفسيخ للمحتفلين بشم النسيم مشاركة وإعانة على الباطل
- سامح عبد الحميد: عيد اليتيم بدعة و تقاليد غربية ليست من الإسلام فى شيء
-سامح عبد الحميد: الاحتفال بعيد الأم بدعة ومخالف للشريعة
-سامح عبد الحميد: تعيين المرأة فى منصب المحافظ مخالف للشريعة
-سامح عبد الحميد: نصب التماثيل فى الميادين مخالف للشريعة
سامح عبد الحميد: لا يجوز للمحلات بيع أدوات الماكياج للمرأة
-سامح عبد الحميد: تهنئة الأقباط بالكريسماس حرام شرعًا
-سامح عبد الحميد: الاحتفال بالمولد النبوى بدعة منكرة
المضحك المبكى أن حزب النور نفسه قرر أن يتخلص من صداع سامح عبد الحميد، وفصله بعد فتواه بتحريم تولى المرأة منصب المحافظ، لأنه سبب حرجًا لنواب الحزب فى البحيرة مع المحافظة الجديدة نادية عبده، لكن مع ذلك فإن هذه الآراء الشاذة، والتى تحرض على كراهية كل شىء تستدعى إلى المجتمع ثم نتساءل كيف تمددت داعش فى مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة