لحقت بمدينة تدمر السورية العديد من الآثار التدميرية على يد تنظيم "داعش" قبل أن يسترجعها الجيش السورى مجددا الخميس الماضى، وحط موسيقيون سوريون الرحال ليعزفون ويغنون من أجل العودة.
فوق أنقاض واجهة المسرح الرومانى فى مدينة تدمر الأثرية، تجلس الشابة أنجل ديوب لتغنى "راجعين يا هوى، راجعين" بعد يومين على استعادة الجيش السورى السيطرة على المدينة من تنظيم "الدولة الإسلامية".
وإلى جانب أنجل يعزف موسيقيون آخرون على آلات القانون والعود والكمان والدف فيما يمر قربهم جنود سوريون وعسكريون من روسيا. ومن بعيد تسمع أصوات انفجارات بعضها صادر عن تفجير ألغام وأخرى لغارات ما زالت تستهدف نقاط المقاتلين المتطرفين خارج المدينة.
وتقول أنجل، التى لم تتجاوز الخامسة عشرة من العمر "قليل من الدمار لا يعيقنا عن المجىء والعزف والغناء على هذا المسرح رغم ما لحق به".
وتضيف الفتاة وهى عضو فى فرقة "شام" الموسيقية، "أتمنى أن أغنى وأعزف فى كل مكان يخرج منه التنظيم (تنظيم "الدولة الإسلامية) الذى يكره الغناء ويحرّم العزف".
واستعاد الجيش السورى الخميس بغطاء جوى روسى ومشاركة مستشارين روس مدينة تدمر فى محافظة حمص بعد طرد جهاديى التنظيم الإرهابي. وكان هؤلاء تمكنوا من الاستيلاء على المدينة مجددا فى 11 ديسمبر بعد ستة أشهر على طردهم منها المرة الأولى من قبل الجيش السورى.
وسيطر الجهاديون على المدينة المرة الأولى فى الفترة الممتدة من أيار 2015 حتى مارس 2016.
وأقدم التنظيم المتطرف خلال الفترة الأولى على تدمير معبدى بعل شمين وبل وقوس النصر وقطعاً أثرية فى متحف المدينة، وحطم مطلع 2016 التترابيلون الأثرى وألحق أضرارا بواجهة المسرح الرومانى، ما اعتبرته الأمم المتحدة "جريمة حرب".
وفوق حجارة سقطت من واجهة المسرح الرومانى، تغنى أنجل الأغنية تلو الأخرى ويعلو صوتها مع أغنية "راجعين يا هوى".
ويعود تاريخ مدينة تدمر الملقبة أيضا "عروس البادية" إلى أكثر من ألفى عام وهى مدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) للتراث العالمى الإنسانى نظرا لآثارها القيمة.
ومباشرة بعد استعادة الجيش السورى السيطرة عليها، سارعت الفرق الموسيقية إلى زيارة المدينة كجزء من جولة إعلامية نظمتها محافظة حمص نهاية الأسبوع الحالي.
وعند أحد أطراف المسرح الرومانى تعزف ميساء النقرى على آلة العود وتدعو الموجودين إلى التجمع حولها والغناء معها. تناديهم للصعود إلى المسرح وسط الحجارة المتناثرة حولها.
وتقول المرأة وهى فى الثلاثنيات من عمرها "أراد تنظيم داعش أن يحرمنا من هذا المسرح، وأن يمنع عنا الغناء، وأردتُ أن أتحداه، وها أنا أتغلّب عليه".
وتدعو النقرى، بمعطفها الجلدى الأسود وشعرها الأجعد المصبوغ باللون الأحمر الداكن، الموسيقيين الآخرين للانضمام إليها والعزف سوية.
وتقول "داعش فكرة ظلامية، والموسيقى نور"، مضيفة "نحن هنا لنوصل صوت المرأة السورية المتحدرة من زنوبيا ملكة تدمر" فى إشارة إلى ملكة تدمر الشهيرة التى شهدت المدينة فى ظل حكمها أوج ازدهارها فى القرن الثالث بعد الميلاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة