د. حسن صادق هيكل يكتب :ظاهرة التطرف إلى أين؟

الثلاثاء، 07 مارس 2017 12:00 م
د. حسن صادق هيكل يكتب :ظاهرة التطرف إلى أين؟ ارهابين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خلق الله تعالى الإنسان على الفطرة التى فطر الناس عليها، وهذه الفطرة هى الإيمان واليقين بوحدانية ووجود الله الخالق عز وجل، والرضا والقبول بأقدار الله عز وجل التى قدرها على جميع خلقه ومخلوقاته، وكذا اليقين والتسليم بحقيقة الحياة والموت، وكذا الإيمان الجازم بأن جميع البشر وجميع الرسل والأنبياء هم أبناء وسلالة أب واحد وأم واحدة هما آدم وحواء عليهما الصلاة والسلام، اللذين خلقهما الله تعالى من طين لازب شديد التماسك، وهذا يبرهن ويؤكد بأن جميع البشر والرسل هم أخوة كما أن جميع الرسالات والديانات والمعتقدات السماوية هى من عند الله تعالى، كما أنها تكمل بعضها بعض على فترات البعث والتنزيل كما ختمت جميعها بديانة الإسلام والقرآن الكريم، كما أن الإنسان يولد على البراءة والفطرة الإسلامية والدينية السمحة والمتسامحة والمسالمة والطاهرة والنقية والبريئة ثم يكتسب ويلقن عقيدته وديانته من أبويه وأسرته وعائلته وطائفته أو الأوصياء والقائمين على أمره ثم يصبح بعد ذلك مسلماً أو نصرانياً أو يهودياً أو غير ذلك، أيضا يولد الإنسان سوياً مطوعاً للتشكيل أو التأهيل أو التوجيه ثم يكتسب ثقافاته واتجاهاته وانتماءاته وميوله العلمية والفكرية والثقافية والسياسية والمذهبية والدينية والفكرية وغيرها من مراحل التعليم المختلفة ومن وسائل الإعلام المتعددة ومن التربية الأسرية ومن ثقافات الشارع المتنوعة ومن الصحبة ومن غيرها.
 
 من هنا، فإن مظاهر تعدد وتنوع الجريمة والانحراف والتطرف التى شاعت وانتشرت فى المجتمعات العربية والإسلامية ترجع إلى انتشار البطالة بين الشباب والمجتمعات، كما ترجع إلى انتشار مظاهر التمييز والتفرقة المجتمعية والطائفية والمذهبية والجهوية والقبلية وغيرها، وإلى غياب جميع مصادر ومظاهر التوعية والإرشاد والتأهيل والتثقيف التربوى والأخلاقى والدينى والقيمى، فضلا عن الخلل والتفكك الأسرى والمجتمعى وغياب المرجعية والقدوة الراشدة فى الأسرة والمجتمع، وكذلك تصدع وانقلاب الهرم المجتمعى وتصدر الجهلاء والرعناء والحرفيين وغيرهم قائمة الهرم المجتمعى، وقبوع وسقوط العلماء والمهندسين والأطباء والمثقفين والمبدعين والمخترعين والفلاسفة والأدباء والنخب وغيرهم فى قاع الهرم المجتمعى، وهذا ما يهدد بقتل وانحصار ووأد المرجعية والمثل والقدوة الحافزة والمحفزة عند أجيال الشباب والمتعلمين القادمين كما يعثر ويعوق ويعرقل تواصل واستمرار قاطرة التطور والتقدم العلمى والتقنى والثقافى المستقبلية فى العالمين العربى والإسلامى .
 
وإن معالجة ظاهرة انتشار الانحراف والجريمة والتطرف فى المجتمعات العربية والإسلامية تكمن فى ضرورة القضاء على ظاهرة البطالة، وكذا ضرورة تطوير الخطاب الدينى الداعى للفضيلة ومكارم الأخلاق والقبول بالأخر المختلف، وكذا ضرورة إعادة تقويم وتصحيح وتطوير وهيكلة مسار وقواعد العملية التعليمية والبحثية المتعثرة عن صناعة التطور والتقدم العلمى والتكنولوجى المنشود، وكذا ضرورة ترسيخ مفهوم المواطنة والعدالة الاجتماعية، وضرورة تفعيل دور القضاء العادل والمحايد والناجز، وبناء وتدشين قنوات وقواعد دائمة وشرعية للتواصل بين الحاكم والمحكوم، وكذا ضرورة تأسيس وفتح قنوات ومنافذ شرعية لإعلاء حرية الرأى والتعبير المؤيدة والمعارضة والمسئولة، وكذا ضرورة تفعيل الدور المجتمعى والوطنى لمؤسسات وهيئات ومنظمات المجتمع المدنى ومراكز وأندية الشباب والرياضة والفنون والثقافة وغيرها، وكذا ضرورة إعادة تماثل وتوازن الهرم المجتمعى فى الدول والمجتمعات العربية والإسلامية .









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة