هل عقد الماضى مازالت تتحكم فينا وتوجهنا؟ هذا هو السؤال الذى طرحه الكاتب عبد اللطيف المناوى فى مقاله بجريدة المصرى اليوم أمس الأول، مؤكدا أننا مازلنا نعيش فى ظل أزمة «عقدة تحتمس» الذى حاول طمس اسم زوجة أبيه المكة حتشبسوت من فوق جدارن منشآتها المعمارية الرفيعة بعد أن تولى الحكم، وعن طريق الإسقاط حاول المناوى تشبيه ما يحدث الآن تجاه «العصور السابقة» بما فعله «تحتمس الثالث»، فى الحقيقة فإن المناوى محقا تماما فيما طرحه بل إنى أؤيده تمام التأييد فى مسألة وجود التخلص من «عقدة تحتمس» المزعومة، لكن فى ذات الوقت فإنى أؤكد، أيضا، أن ما قاله «المناوى» نصف الحقيقة فحسب.
الحقيقة تقول إن رد الفعل الانتقامى للملك العظيم «تحتمس» لم يأت من فراغ، وإنما أتى بعد أن نكلت به زوجة أبيه «حتشبسوت» وحرمته من ملكه المستحق ونفته بين جدران المعابد بعيدا عن الحكم ليخلو لها العرش، والحقيقة أيضا تقول إن تحتمس كان ملكا عظيما ومحاربا كبيرا وصاحب بصمة لا يغفلها التاريخ، وصاحب إمبراطورية شامخة امتدت نحو السودان جنوبا والشام شمالا، وظلت مصر بفضله من أعظم إمبراطوريات التاريخ، وقد كان من المفترض أن يتولى تحتمس الثالث الحكم بعد أبيه مباشرة بطريقة شرعية لولا الحيل الماكرة التى لجأت إليها حتشبسوت، فقد استولت الملكة الشهيرة على الحكم بما يمكن أن نسميه الآن «نصبا واحتيالا» ولتتغلب على أى مقاومة تجاه توليها الحكم ادعت أنها ابنة الإله واخترعت قصة مفبركة عن أن آمون عاشر أمها فى صورة بشرية وردا على هذا «النصب» وانتقاما لما تعرض له «تحتمس الثالث» من ظلم بين، أمر بتحطيم تماثيلها وشطب اسمها.
لست هنا بصدد تبرير أفعال تحتمس الثالث الانتقامية ولا أريد أيضا أن أتهم حتشبسوت، فلن نعيد عقارب الساعة إلى الوراء ولن نغير من الأمر شىء، لكن المستقبل لنا، ولنا أن نرسمه كيفما نريد، ووظيفة التاريخ أن يمنحنا دروسا نستفيد بها فى صناعة المستقبل، وإن كان هناك من يخاف من «جزاء حتشبسوت» فى الحاضر أو فى المستقبل فعليه ألا يكرر ما فعلته، وعليه أن يفشى العدل ويعطى كل ذى حق حقه، لكى لا نظل طوال حياتنا مصابين بـ «عقدة تحتمس».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة