قرأت لك.. التعرف على أمراض المجتمع فى رواية "فتاة الله"

الإثنين، 06 مارس 2017 07:00 ص
قرأت لك.. التعرف على أمراض المجتمع فى رواية "فتاة الله" غلاف فتاة الله
كتب ياسر أبو جامع

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"التطفل من الآخرين كان يشبع غرورى، ويؤجج إحساسى بذاتى، ومع الأيام أدمنت إشباع هذا الغرور، حتى أصبح اللهو بمشاعر البنات هو لعبتى المفضلة، ألعبها مستغلًا وسامتى، وكونى التلميذ الأول، فى البداية أُشعل النار فى قلوبهن بنظرة أو كلمة أو ابتسامة، ثم أتعمد تجاهلهن حتى تفضحهن مشاعرهن، كأن تأتى الواحدة تعترف لى بالحب صاغرة، أو تغرقنى فى سيل من خطابات الغرام، أو تستبد بها اللوعة فتبوح لزميلاتها فيفضحنها فيأتينى خبرها، وعند هذه بالذات يتأجج غرورى لذروته" هذا هو حال "منعم" بطل رواية "فتاة الله" للكاتب السيد شحاتة والصادرة عن دار الرواق.

 

وتعتبر رواية "فتاة الله" هى أول رواية لـ شحاتة، لكن بفضل لغته وأسلوبه اللغوى الجميل لن يدرك القارئ أنه أمام العمل الأول، حيث ستلتهم عينيه سطور الرواية، فـ "شحاتة" برع فى تصعيد الأحداث بأسلوب درامى متزن وخيال رحب مقدما رؤية جيدة لمسار الحدث.

 

تبدأ أحداث الرواية من النهاية وعبر ضمير المتكلم، فباستدعاء مباشر يسرد الراوى نشأته ليشرح المجتمع الغجرى وينتقل إلى القاهرة وصخبها ومن ثم إلى الإسكندرية، رابطا الحدث مع العنصر النسائى.

 

فى رواية "فتاة الله" ميز شحاتة أسلوبه حيث جعل شخصية الراوى لا تعرف أكثر مما تعرفه باقى الشخصيات المروى عنها داخل الرواية، فجعله يفاجأ بالأحداث تماما كالقارئ وإن كان القارئ أكثر وعيا لاستبطانه الشخصيات من خلال الشروح وبعيدا عن وعى الراوى.

 

كما منح شحاتة الشخصية الرئيسية للرواية الجمال، وبين كيف ينقلب هذا الجمال إلى نقمة لا نعمة بعد أن جهل فى ترويض الجميلة، التى استمرت فى النظر إلى الأشياء من منظور أحادى.

 

 ويكشف "شحاتة" عن السادية التى أصبحت آفة من آفات المجتمع وأحد أمراضه التى يجب دراسته وملاحقته للقضاء عليه، فمع تتابع الأحداث تتفاقم سادية البطل فى تعذيب الإناث وتزداد ثقته فى ملكاته حتى يصاب بالنرجسية، ليفيق ويدرك أخيرا أنه المفعول به لا الفاعل وأنه المنساق لا القائد، وأن المرأة كانت تملكه دون أن يدرى.

 

إن "مايكل"، أحد شخوص الرواية، الكشاف الذى يتولى تفنيد الأمور وفصل المعقد وما التبس على الشخصية/ البطل، حيث كانت رؤيته دائما تمثل وعيا أعلى تماما كرقعة الشطرنج للرائى من الخارج/ القارئ.

 

 وعبر تقلبات المجتمع المتشظى والمنحنيات الزمنية المرسومة بدقة يقدم الروائى صورة لمجتمعات يعكس ظاهرها باطنها ليكرس لرؤية مغايرة لساكن المسجد وساكن الماخور فالمظهر داخل رواية "فتاة الله" مدعى للحكم عبر صورة ذهنية موحدة وموجودة مسبقا.

 

وتؤكد الرواية أن الارتياب والأنانية المفرطة هما من يمتلكان زمام القيادة ليصنعا هالة مغايرة للنسق الإنسانى وليدخلا فى صميم الحكم والفعل على اتجاه الشخصية.

 

تأتى رواية "فتاة الله" عبر لغة صوفية لتبرهن على أن كل الماء ليس عكرا وأن الحكم لرؤية العين دائما ما يكون الاتجاه الخطأ، مشيرة إلى إنه لابد من المعرفة الجيدة والتعمق قبل إصدار الأحكام، فكما يقول الله تعالى:" إن بعض الظن إثم".

 

فقد تمكن الروائى من صياغة عالم محبوك وصنع هالة من الأسئلة حول الفرد وماهيته والموهبة التى ستعكر صفو الحياة إذا ما استخدمت على غير وجهها. كما يكشف شحاتة عن مفهومه حول الأنثى ورؤيتها والكثير من الأمور وذلك من خلال أزمات متعاقبة ينفصل فيها الإنسان عن الإنسانية.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة