لا ينفصل فهمنا القضايا التى نطرحها أو الأزمات التى نمر بها طريقة تناولنا لهذه القضايا أو حلنا لهذه الأزمات، ولا أعرف لماذا كلما بدت الأزمات واضحة حاول البعض، بقصد أو بدون، تفريع هذه القضايا إلى فروع وجزئيات وتفتيت الحلول المطروحة والتشكيك فيها فيكون الناتج أننا نفرغ فى الجزئيات ونتهوه فى التفاصيل فتتشتت الجهود ويتأخر العلاج، ولعل أقرب الأمثلة على هذه الخصيصة القاتلة فى المجتمع المصرى هو الموقف تنظيم داعش الإجرامى، فلا يوجد شخص سوى فى هذا العالم لا يعلم أن هذا التنظيم «مجرم وخائن وعميل، لكن مع هذا يخرج علينا كل فترة فصيل سياسى أو ثقافى يطالب الأزهر بتكفيره لتتحول بوصلة القضية من حرب ضد مجرمين إلى حرب دينية وفقهية، غير مدركين أننا إذا ما كفرنا داعش أو ضغطنا على الأزهر الشريف، ليكفر هذا التنظيم ومن ينتمون إليه فإننا بهذا نسدى إلى هؤلاء المجرمين خدمة جليلة بأن نضعهم فى كفة والمجتمع المصرى فى كفة أخرى، وتتحول القضية من حرب ضد مجرمين إلى حرب تفسيرات فقهية على من تنطبق عليه شروط الكفر أكثر، لتكون المحصلة فى النهاية هى أننا أضفنا قضية جدلية فقهية جديدة إلى قضايانا التى فشل التاريخ فى حلها.
هنا يجب أن نسأل: ما التصنيف الحقيقى لتنظيم داعش الإجرامى؟ هل هو كافر أم مجرم؟ وأجيبك: بالطبع مجرم، فالكفر الإيمان مسألة غيبية لا يعلمها إلا الله، ولا يحاسب عليها إلا الله، لكن الإجرام أمر نعلمه جميعا ويحاسب عليه القانون، فالنزاع بيننا وبين داعش ليس على من يحمل لواء الله ورسوله، وإنما نزاع وطنى بين فصيل خائن ومجتمع وطنى، فهذا التنظيم يرتكب كل يوم الكثير من العمليات الإجرامية، لكنه يتخذ من الدين ستارا شرعيا لإجرامه، ليغرر بالأتباع من جهة ويثبت جنوده من جهة أخرى، ونعلم جميعا أن مسألة اتخاذه للدين ستارا ليست أكثر من حجة واهية، ليقنع بها الأتباع ويبرر بها الإجرام، تماما كما يبرر السارق جريمته بالحاجة إلى المال أو ظلم المجتمع، أو يبرر الخائن خيانته بالخضوع لتأثير المال أو الجنس، والتصرف السليم أمام هذه التبريرات هو إزاحتها عن أعيننا فى ليفصل فيها القانون وحده، وإن كان البعض مهموما جدا برأى الدين فى الأمر، فقد قال شيخ الأزهر من قبل أنهم مفسدون فى الأرض وعقابهم القتل أو الصلب أو النفى أو تقطيع أيديهم وأرجلهم، أوليس هذا كافيا؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة