يعد الفنان الإسبانى جويا من أشهر الفنانين العالميين وله العديد من اللوحات التى يعرفها الجميع وتوجد فى الكثير من المتاحف العالمية، وهناك فترة مهمة لـ جويا تسمى المرحلة السوداء أطلقت على 14 لوحة رسمها فى السنوات الأخيرة من حياته.
ولد الفنان الإسبانى جويا عام 1746 بمدينة صغيرة بمقاطعة آراجون لأبوين بسيطين يعملان بفلاحة الأرض، فكان يعمل هو وأخوته معهما فى الحقل كسائر الفلاحين الإسبان.
مع هذا ظهرت مواهبه الفنية فى وقت مبكر، حيث كان يرسم بالفحم المتبقى من فروع الأشجار المحترقة على الحوائط و الأحجار.
أب يأكل ابنه
عرف جويا بروحه المستهترة، ومن المواقف الطريفة أنه حين رُحّل إلى أشبيلية، فى زمن الاحتلال الفرنسى، قام بعمل الرسوم والزخارف فى كاتدرائيتها، وصوّر بين الملائكة سيدتين شهيرتين من سيدات المجتمع عرفتا بالخلاعة.
فى الفترة الأخيرة من حياته تنتمى اللوحة إلى تلك الفترة أو المرحلة التى يطلق عليها مؤرخو الحركة الفنية فى أوروبا بالمرحلة السوداء، ويخصون بها تلك السنوات الأخيرة من عمر الفنان فرانسيسكو دى جويا، والتى اشتهرت بطبيعتها التشاؤمية، والسوداوية.
عجوزتان تأكلان
كانت هذه هى الخلفية التى أبدع على أساسها الفنان الإسبانى جويا لوحته الشهيرة، كرونوس، أو ساترن يأكل أبناءه، غير أن جويا لم يكن الفنان الوحيد الذى تناول تلك الأسطورة فى أعماله فقد سبقه عدد من الفنانين، لعل أبرزهم خلافا لجويا الفنان الفلامنكى الشهير "بول روبنز"، إلا أن لوحة جويا كانت الأكثر تأثيرا، وقدرة فى التعبير عن هذه الأسطورة بين كل الفنانين الذين تناولوها على الرغم من تكرار المشهد نفسه، ففى لوحة روبنز على سبيل المثال نرى ساترن وهو يقف ممسكا بابنه الطفل الذى يصرخ من الألم، وقد بدأ فى التهامه بطريقة وحشية، فى أسلوب كلاسيكى يراعى التفاصيل الدقيقة لحركة الأجسام والأطراف القابضة على جسد الطفل، إلا أن تناول جويا، وطريقته فى التلوين، والصياغة التى تقف فى مرحلة وسط بين المدرسة القديمة فى التصوير، والمدرسة الحديثة التى بدأت إرهاصاتها الفعلية على يد جويا كانت أكثر رعبا، وسوداوية من لوحة روبنز الذى سبقه فى تناول هذه الأسطورة بأكثر من قرنين ونصف.
ولقد أحال البعض هذا الأمر إلى انعكاس حالة جويا النفسية على مجموعة الأعمال التى رسمها فى تلك الفترة والمعروفة باللوحات السوداء.
سبت الساحرات
ومن المؤكد أن لوحة جويا المرعبة تحمل من الإسقاطات الأخرى ما يبتعد بها عن كونها مجرد لوحة تسجيلية لأسطورة من الأساطير، فالظلم والقهر، والعنف، والاستبداد والفساد وجنون السلطة هى من الأمور التى يمكن لنا أن نراها واضحة فى تفاصيل، وثنايا، ودلالات العمل الذى أمامنا، وهى أمور تتسم باستمرارية الحدوث والتكرار فى حياة الناس والتاريخ، وما أشبه الواقع الذى نعيشه اليوم بهذه اللوحة التى نجح جويا من خلالها فى التعبير عن مشاعره وأحاسيسه الداخلية عبر استخدامه للظلال والألوان القاتمة، والحركة الثائرة، وكذلك الملامح الجنونية لذلك الكائن المهول الذى فقد صوابه، وفقد القدرة أيضا فى السيطرة على مشاعره، ورغباته الشريرة.
ليوكاديا
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة