تشهد العاصمة الأردنية، الأربعاء المقبل، انطلاق القمة الثامنة والعشرين، وهى قمة صعبة وتثير المخاوف، لكن انعقادها فى حد ذاته هو تحول إيجابى بعد فشل انعقاد القمة الأخيرة فى موريتانيا العام الماضى، بعد أن اعتذر المغرب عن استضافة القمة، فاستضافتها موريتانيا، وهذا العام كان الدور على اليمن لاستضافة القمة، إلا أنها اعتذرت بسبب الحرب الأهلية الدائرة فيها، فتطوعت الأردن باستضافة القمة.
بداية، يحسب للأردن هذه المبادرة، خاصة أنها تزامنت مع تحركات نشطة وذكية للدبلوماسية الأردنية فى محاولة لضمان نجاح القمة، بحيث تنجح ولأول مرة منذ سنوات فى الارتقاء بالعمل العربى المشترك، بما يحقق طموح وتطلعات الشعوب العربية، لكن المهمة صعبة، فالتضامن العربى فى أسوأ مستوياته، ويعانى النظام الإقليمى العربى من خلافات وصراعات سمحت لإيران وإسرائيل وتركيا باختراق الأمن القومى، كما سمحت لأطراف دولية أخرى، فى مقدمتها روسيا وأمريكا، باللعب بحرية وبدون اعتبار لمصالح العرب، باختصار فإن عدم توافق رؤية ومواقف الدول العربية على ما يجرى فى سوريا أو ليبيا أو العراق سمح للقوى الإقليمية والدولية بلعب أدوار البطولة فى تقرير مسار الأحداث، وهناك مخاوف مشروعة من قيام الدول الكبرى وإيران وتركيا وإسرائيل بإعادة تشكيل المنطقة من جديد، فيما يعرف بسايكس- بيكو جديد، يعاد فيها ترسيم الحدود، وخلق كيانات طائفية أو قبلية، تقوم بينها حروب صغيرة لا تنتهى، مثل التى تدور حاليا فى ليبيا أو اليمن أو سوريا.
إعادة تقسيم العرب واستمرار الحروب العربية- العربية خطر هائل، يستدعى من القادة والنخب فى الوطن العربى انتهاز فرصة انعقاد القمة، والبدء بداية غير تقليدية، بداية جديدة ترفض المظاهر الشكلية لاجتماع القادة العرب، والتقاط الصور التذكارية التى لا معنى لها، بداية تدشن لتحرك حقيقى وجاد للعمل العربى، بداية تُغلّب لواء العروبة، وترفض الاعتماد على القرارات والتوصيات النمطية المكررة التى يكتبها موظفو الجامعة العربية ووزراء الخارجية العرب قبل انعقاد القمة، ويُعلن عنها، بينما يعرف الجميع أنها لن تُطبق، فقد سبق إعلانها من قبل فى قمم عربية سابقة، حيث تبدأ هذه القرارات والتوصيات الإنشائية بـ«ضرورة.. وينبغى.. ويوصى.. وأهمية».. إلى غير هذه الأفعال التى صارت بلا معنى.. حتى إنها أساءت إلى مكانة ومصداقية القمم العربية، فأصبحت الشعوب لا تهتم بها أو تحرص على متابعة أعمالها.
فى هذا السياق، أتصور أن البداية الجديدة لقمة عمان هى عدم إنتاج التوصيات والقرارات التقليدية، والتواضع فى تناول وعلاج مشكلات العرب، بمعنى الإقرار بصعوبة علاج تلك المشكلات دفعة واحدة، والتركيز على هدف أو مهمة واحدة، وهى تصفية الخلافات العربية- العربية، لأن المُصالحات العربية هى المقدمة الطبيعية نحو امتلاك رؤية موحدة أو متفق عليها بشأن الملفات الساخنة والتهديدات الكبرى التى تواجه العرب، بحيث يمتلك القادة العرب أو معظمهم رؤية واحدة نحو مسار ومصير الأحداث فى سوريا واليمن وليبيا وفلسطين.
فالمصالحات وامتلاك رؤية هما شرطان ضروريان للعمل العربى المشترك، وهنا تبدو صعوبة قمة عمان، والمخاطر المترتبة على فشلها، لأن المطلوب منها هو إحداث تحول إيجابى فى مناخ العمل العربى المشترك، فى ظل غياب الثقة بين الأطراف العربية ووجود اختراقات هائلة للنظام الإقليمى العربى، أدعو الله أن تنجح القمة فى تحقيق هدف المصالحات، لأن فشلها ستكون له آثار كارثية، ليس فقط على آلية انعقاد القمم أو الجامعة العربية، وإنما على الوجود العربى ومستقبل العرب.
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
القمه العربيه
إذا كان العرب ذاهبين لكى يتناحروا ويتصارعوا فلا داع للذهاب .. الاجنده يجب أن تكون واضحه أمام الجميع وأولها التلاحم ضد الابتلاع