إسلام الغزولى

منظومة الدعم العينى

الجمعة، 24 مارس 2017 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يعد هناك خلاف على أن منظومة الدعم العينى تعد أحد أكبر أبواب الفساد فى جمهورية مصر العربية، وعلى إثر أزمة الخبز التى وقعت قبل أيام بسبب إصدار الدكتور على مصيلحى وزير التموين لقرار جانب الصواب وتداركه فى نفس اليوم وأعلن اعتذاره للمواطن وبدأ فى تصويب القرار. وعد الدكتور مصيلحى أن يقضى تماما على المنظومة القديمة للبطاقات التموينية الورقية خلال شهر، وبذلك لن يكون هناك حاجة لما وصفه بالـ " كروت الذهبية " التى كانت تعطى لأصحاب المخابز لصرف الخبز المدعوم لأصحاب البطاقات فى 4 محافظات.
 
لاشك أن الأزمة كان سببها الرئيسى سوء استغلال بعض أصحاب المخابز للكروت الذهبية، وذلك  لصرف كميات من الخبز المدعوم وبيعه فى السوق بالسعر الحر، فالكروت الذهبية كانت تعطى لأصحاب المخابز فرصة صرف كميات بين 3 لـ 6 آلاف رغيف يوميا ككمية إضافية على المصروف بالبطاقات الإلكترونية الجديدة.
 
بمجرد إصدار كروت إلكترونية لأصحاب البطاقات الورقية وسحب البطاقات الذهبية من أصحاب المخابز، سيكون الوزير قد نجح فى إغلاق باب جديد للفساد وإهدار الدعم الموجه للمواطنين.
 
أتمنى أن يكون نجاح هذه التجربة بداية للسيطرة على منظومة الدعم على السلع بالكامل وليس الخبز فقط ، وعلى الرغم من أن المنظومة الجديدة للخبز قد حولت الدعم من عينى إلى نقدى ولكن الواقع أن المواطن لم يحصل عليها بشكل مباشر ، ومن ثم فهى مجرد خطوة مهمة على طريق ترشيد الدعم ، ولكن الأهم هو السيطرة على باقى منظومة الدعم التى تكلف الدولة ما يزيد عن 43 مليار جنيه سنويا ، منها 28 مليار جنيه دعم للسلع الأساسية فقط ، وللإيضاح هنا فإننى لا أدعو للتحول إلى الدعم النقدى بشكل مباشر، فعلى الرغم من أن التحول إلى منظومة الدعم النقدى المباشر للمواطنين سيزيد حصة الفرد تقريبا من 21 جنيها إلى حوالى 50 جنيها، وسيقلل فاتورة الدعم إلى حوالى 25 مليار جنيه فقط فى العام، ولكنه أمر شديد الخطورة حاليا نتيجة إضطراب الأسواق وزيادة الأسعار وعدم سيطرة الدولة على الأسواق أو حتى إيجاد بديل قوى منافس يحمى المواطن البسيط من جشع التجار ومحتكرى السلع وجميعا على علم بأن القدرة الشرائية لمبلغ الـ 50 جنيه فى اللحظة الحالية لا نستطيع تحديدها أو قياسها، ذلك لأن المنظومة الإقتصادية بالكامل تشهد تغيرا غير مسبق ربما يستغرق شهور حتى نصل إلى الاستقرار نتيجة قرارات الإصلاح الإقتصادي، والذى يعد من أهم شروطه إعادة التفكير فى من يستحق الدعم، وحجم الدعم المقدم وآليات القابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
 
تحتاج الحكومة أيضا التفكير فى رفع الحد الأقصى لدخول مستحقى الدعم، فلم يعد المواطن الذى يتقاضى راتبا أقل من 1500 جنيه هو الذى يستحق الحصول على دعم فقط، ولكن الرقم تضاعف بسبب ارتفاع معدل التضخم إلى درجة غير مسبوقة، فالأسرة التى يصل دخلها إلى 3500 جنيه شهريا تحتاج إلى دعم نظرا لزيادة بعض الأسعار لأكثر من 300 % مقارنة بسعرها قبل 6 أشهر فقط، والأمر الأهم أن منظومة الدعم الحالية لا توفر فقط الدعم لـ 40 مليون نسمة وهم أصحاب بطاقات التموين، ولكنها تتيح السلع أيضا وتوفرها عبر منافذها إلى جانب المتاح فى السوق، وهى بذلك توفر السلع بأسعار معقولة لغير القادرين ممن هم خارج منظومة الدعم، لذلك فإن التحول إلى الدعم النقدى المباشر حاليا يعد مغامرة، وأمر شديد الخطورة والحساسية.
أتمنى أن ينجح الدكتور مصيلحى فى الإختبار الأخطر والأعقد والأشد شراسة، وهو تقنين منظومة الدعم على السلع وخاصة السلع الأساسية، وتحويلها بشكل تدريجى إلى دعم نقدى غير مباشر.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة