فى الوقت الذى تقترب فيه فنزويلا من حافة الانهيار الاقتصادى، فى ظل سيطرة شبح السياسات الاقتصادية الفاشلة فى بلاد تمتلك أكبر احتياطات نفطية فى العالم، وفى الوقت الذى يقوم به الشعب الفنزويلى فى البحث عن الطعام بين أكوام القمامة، يقوم الرئيس الفنزويلى نيكولاس مادورو بمنح بيرو 100 ألف صندوق من المواد الغذائية دعما لها فى ظل الأزمة، التى تعيشها بسبب الفيضانات التى أودت بحياة العشرات، ولكن هنا يأتى السؤال، من أين أتى مادورو بتلك المواد الغذائية، وهل الأزمة الغذائية وحرب الخبز، التى تعانى منها فنزويلا مفتعلة من الحكومة لإلهاء الشعب عن الصراعات السياسية وعن الالتفاف حول المعارضة لإنهاء حكم مادورو؟.
وفى آخر تطورات الآزمات المتكررة التى تعيشها فنزويلا، قامت السلطات الفنزويلية بفرض مراقتها على مخابز الدولة التى تصل إلى نحو 80 ألف مخبز فى كاراكاس وذلك للسيطرة على أسعار الخبز بعد أزمة جديدة اندلعت فى البلاد، فحالة التكدس أمام الأفران، بسبب نقص الخبز تسببت فى أزمة كبيرة فى البلاد، وترى الحكومة الفنزويلية أن المخابز هى السبب فى ذلك حيث إنها تقوم بتصنيع الحلوى بدلا من الخبز.
وتعتبر أزمة الخبز آخر الأزمات التى تضرب فنزويلا مؤخرا بعد الأزمة السياسية مع جيرانها، إضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم فى البلاد، وانخفاض أسعار النفط الممول الرئيسى لمشروعات الدولة، إضافة إلى نقص السلع الغذائية والغذاء، الذى لا يوجد فى المحلات، بسبب أزمات الاستيراد وانخفاض العملة المحلية.
ووفقا لمسح لأحوال الأسر المعيشية فى فنزويلا فإن قرابة 82% من الأسر الفنزويلية كانوا يعيشون فى فقر العام الماضى، مقارنة بـ73% فى 2015. كما أن الحكومة الفنزويلية رفضت المساعدة من المنظمات الدولية بما فى ذلك الأمم المتحدة، حتى أن معدل التضخم زاد بنسبة 1600%.
وأثارت المبادرة النبيلة التى قام بها مادورو من إرسال مواد غذائية إلى بيرو جدلا واسعا، حيث إنه ما يقرب من مليون شخص فى فنزويلا يعانى من الجوع، فى الوقت، الذى يتبرع فيه مادورو بالغذاء لأهالى بيرو، فهذا يؤكد أن مادورو هو من يفتعل تلك الأزمة لتشتيت انتباه الرأى العام الداخلى عندما تتفاقم أزمة داخلية ، كما أنه من الممكن أن السبب يعود إلى الصراعات السياسية مع جيرانه خاصة مع بيرو.
فمن الممكن أن يكون إرسال مادورو لمواد غذئية لبيرو، ردا غير مباشرا، على رأى بيرو فى أن فنزويلا تشكل حطرا على أمريكا اللاتينية، حيث إن هناك أزمة دبلوماسية بين كاراكاس وبيرو والتى اندلعت فى أعقاب لقاء رئيس بيرو بابلو كوكزينيسكى مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الذى قال فيه أن فنزيلا تشكل خطرا على أمريكا اللاتينية، وكانت الشرارة التى أشعلت الأزمة بين البلدين، وفى هذا الوقت نفى مادورو أى مشكلات موجودة فى فنزويلا من الأساس وتعمد إلى محاولة لإخفاق هذا الواقع.
وتصريحات رئيس بيرو استفزت النظام الفنزويلى الذى قام بالرد، وقام مادورو بوصف رئيس بيرو بالجبان وذلك للتجرؤ بالحديث عن فنزويلا وقادتها، كما وصف الرئيس الفنزويلى نظيره البيروفى بـ"الجرو"، واستنطرت الخارجية البيروفية التصريحات الفنزويلية ووصفتها بأنها غير دبلوماسية ودعت سفيرها للتشاور.
حرب الخبز تطحن شعب كاراكاس
ومن مظاهر حرب الخبز فى فنزويلا اعتقال فنزويلا لأصحاب المخابز لصنعهم كعكعا وحلويات ومعجنات آخرى بدلا من الخبز، ولكن فى الحقيقة فإن أصحاب المخابز يؤكدون أن القمح لا يكفى عمل الخبز، ويقول الحزب الاشتراكى الحاكم إن رجال الأعمال المؤيدين للمعارضة يدمرون اقتصاد فنزويلا من خلال تخزين السلع ورفع الأسعار، ويقول منتقدون إن الحكومة مسئولة عن ذلك لمواصلتها سياساتها الفاشلة بالسيطرة على الأسعار والعملة.
أزمة بنزين فى دولة الحتياط النفطى الأكبر فى العالم
وتعانى فنزويلا من أزمة جديدة وهى ندرة البنزين فى بلد لديها أكبر احتياطى من النفط فى العالم، ووفقا لبعض المصادر فى صناعة النفط، فإن ما يقرب من 90 محطة بنزين تم إغلاقها لأنهم لا يمكلون الوقود، ويوجد فى البلاد 300 محطة بنزين، فالمستخدمين يقضون أكثر من ساعتين فى صف من السيارات للحصول على النزين، ووفقا لمصادر فى صناعة النفط فإن هناك العديد من محطات الخدمة الأخرى سيتم إغلاقها أيضا على الأقل 15 يوما.
وقال نيوكا روخاس وهو مهندس معمارى يعيش فى باركيسيميتو: "لا يوجد بنزين ونستمر فى اللف ليلا على جميع المحطات، فهل سنضطر إلى السرقة فى النهاية"، أما ياسميل سيرانو نائب رئيس شركة PDVSA البترولية "نحن نعمل على تعزيز مكاتب فى وسط البلد لتحقيق الاستقرار، مشيرا إلى أن الدولة لديها ما يكفى من الغاز".
حتى الهروب والسفر صعب
ويأمل ملايين من المواطنين فى فنزويلا فى مغادرة الدولة بسبب سلسلة الازمات التى تعانى منها ، ولكنهم غير قادرين حتى على الهروب منها بسبب نقص المواد اللازمة لطباعة جوازات السفر المطلوبة، وفى العام الماضى، تلقت الحكومة الفنزويلية حوالى من 1.8 مليون إلى 3 ملايين طلب لاستخراج جواز سفر، ولكنها منحت 300 ألف جواز سفر فقط، وتزعم وكالة الجوازات المعروفة باسم “Saime” أن المشكلة فى تجهيز الطلبات تنبع من نقص "المواد"، دون تحديد لنوعها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة