قرأت لك.. "مغامرات الأفكار" كتاب رافق السيد ياسين وغير حياته.. تعرف عليه

الإثنين، 20 مارس 2017 07:00 ص
قرأت لك.. "مغامرات الأفكار" كتاب رافق السيد ياسين وغير حياته.. تعرف عليه مغامرات الأفكار
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"كان الكتاب صاحب الأثر الأكبر في حياتي، ومازلت أحتفظ بنسخة منه حتى الآن"... هكذا وصف الكاتب والمفكر الراحل السيد ياسين، كتاب "مغامرات الأفكار" للفيلسوف الإنجليزي ألفريد نورث وايتهيد، عالم الرياضيات "15 فبراير 1861- 30 ديسمبر 1947"، والذى قرأه في بدايته حياته وكان له تأثيرًا كبيرًا جعله يحتفظ بنسخة من الكتاب طيلة حياته.

وكتاب "مغامرات الأفكار"، هو عرض فلسفي رائع للأفكار والحضارات، نقله إلى اللغة العربية أنيس زكي حسن، وراجعه الدكتور محمود الأمين، وكتب مقدمته الدكتور عبد الرحمن خالد القيسى، وقد صدرت الطبعة العربية عن منشورات دار مكتبة الحياة ومكتبة النهضة فى بغداد.

ويرى "وايتهيد" في كتابه أن المجتمع المتحضر "الحضارى" يتميز باهتمام بالغ للحق والجمال والمخاطرة والفن والسلام، وهو يفهم الحق حسب نظرية المطابقة التي مفادها أن الفكرة حق إذا طابقت حقائق الواقع، ويذهب إلى أن الجمال يتميز بتقابل منتظم، ويعرف المخاطرة بأنها البحث عن كمال جديد فهى ليست مجرد تجوال جغرافي وإنما هى المبادأة الخلاقة التي يجب أن تبرز في كل مجال للنشاط الإنساني وإلا كان زوال الحضارة.

كما ينصح "وايتهيد" بعدم الانصراف عن المستقبل للنظر إلى الماضى فقط والاستغراق فيه لأن عبادة الماضي والجمود على أساليبه هما بمثابة التهيؤ لدفن الحضار.

أما ما يعنيه بالسلام فيتعدى المعنى الشائع من حيث أنه انعدام المتاعب الداخلية والصناعية والعالمية. أنه يعني بالسلام المناعة الفذة ضد إغراء الشهرة والنفوذ وبصورة عامة ضد إغراء الأشياء الكثيرة التي تجعل حياتنا تعسة. إن أهل السلام هو أولئك الناس الذين ينسون مصالحهم الأنانية من أجل متابعة الأهداف السامية الجليلة. فالسلام ينشأ من القناعة بأن ما هو حسن وخير لا يستحيل تحقيقه.

أما بشأن الفن، فيقول "وايتهيد" عنه بأنه يجلو الحق والجمال لأنه يذكرنا دائمًا بقوى الإنسان الإبداعية. والاستغراق في الفن وسيلة من وسائل تحقيق السلام.

ويذهب "وايتهيد" إلى أن تحقق مجتمع من هذا القبيل يتطلب شروطًا معينة. فأول شرط هو ضرورة تقدير قيمة كل إنسان. فهذا الاحترام للأفكار والأعمال المختلفة يجب ألا يبرز ضمن القطر الواحد فحسب بل يتعداه إلى العلاقات الدولية. فالتباين بين المجتمعات الإنسانية ضروري لإيجاد الباعث والمحتوى لنمو الروح الإنساني. وهذا يؤدي به إلى القول بأن الحضارة لا يمكن أن تقوم على القوة. فالحضارة تتميز بحماستها للمثل العليا. وبما أن الحضارة يجب أن تشمل تقدير الفروق الفردية الكبيرة فلذا يجب أن نعتمد على الإقناع لا القوة.

ووراء كل هذه الشروط، يشترط "وايتهيد" توافر نوع خاص من التربية. هذا النوع الخاص يدور على إرضاء حاجات الفرد ورغباته إرضاءً تعاونيًا. ولابد للتربية أن توازن بين الجانب النظري والجانب العملي لكيلا يطغى جانب على آخر وهذا التوازن بين الحقيقة والمثل الأعلى. إن تربية كهذه تثمر التبصر والنظر البعيد والحس بقيمة الحياة.

ولكي تتحقق الشروط المتقدمة فلابد من توافر عوامل اجتماعية هى: الأفكار، والرجال العظماء، والنشاط الاقتصادي، وعلم الجمادات، وهذه كلها وثيقة الصلة ببعضها. فلا يمكن وجود حضارة إلا إذا تقبل الناس المثل العليا "الأفكار" الحضارية ونظموا نشاطهم الاقتصادي وحركة الطبيعة الجامدة بموجب هذه المثل العليا. وأنه لمن المستحيل أن يتحقق وجود الحضارة ما نضع المثل العليا واضحة نصب أعيننا. وهو رغم إدراكه أن فعل المثل العليا بطىء إلا أنه يدرك أن ذلك لا يقلل شيئًا من أهميتها. فالمثل يجب أن تفهم ثم تقبل ثم تطبق من قبل الناس.

ولا يتنكر "وايتهيد" للمطالب الأساسية من توفير الطعام والكساء والسكن للناس، وإنما يؤكد أهميتها كل التأكيد، وفوق ذلك فهو يريد أن تستخدم الصناعة بشكل يضمن للجميع خبرة تتوافر فيها صفات الحياة المتحضرة: الحق والجمال والفن والمخاطرة والسلام.

وينعى "وايتهيد" على رجال التجارة تفكيرهم بجمع المال فقط ويذكرهم بأن ذلك لا يؤدى إلى قيام الحضارة، ويطلب منعم أن يعملوا على إتاحة الفرص للناس لكي يمارسوا قواهم الإبداعية، وأن يوفروا ظروف عمل أنواع عمل للعمال تنقذهم من سآمة العمل الرتيب وتبعث فيهم الارتياح والبهجة ليدركوا أن الأعمال التي يقومون بها ذات قيمة وإلا فليس من الممكن أن يقوموا بأعمالهم بصورة حسنة.

ومن هنا يصل "وايتهيد" مما سبق للتأكيد على أن الحضارة تكمن في أهمية الفرد، والتبدل المبدع الذي هو المخاطرة، والتسامح المتبادل، والإقناع لا القوة.

وألفريد نورث وايتهيد، فيلسوف رياضي، ولد في مدينة رمسكيت في انجلترا، ودرس في مدرسة شربورن، ومن ثم كلية ترينتى في جامعة كمبرج حيث تخرج فيها عام 1884 بدرجة "بى.أى"، وحاز على شهادات فخرية من كليات عديدة بضمنها جامعتى ييل وونسكاونسن. ودرس الرياضيات في كلية ترينتي بدرجة مدرس أقدم حتى عام 1911. ومن ثم أصبح أستاذًا لتدريس موضوع الرياضيات الموجهة في امبريـال كوليج للعلوم بانجلترا.

يعتبر البروفسور وايتهيد من قادة النظريين الرياضيين في عصره، فلقد حاز على أوسمة عديدة واختير عضوًا في عدد من المنظمات البارزة. هو فيلسوف رياضي بالدرجة الأولى ويستعمل الرموز كواسطة للتوضيح والتفسير ويدين بمذهب التصوف في الطبيعة، لذلك فإن الرياضيات كانت لغته في معرفة كنه الذات الإلهية، ويعتبرها لغة المكون الأعظم.

كتاب مغامرات فكرية للفيلسوف الإنجليزي ألفريد نورث وايتهيد
كتاب مغامرات فكرية للفيلسوف الإنجليزي ألفريد نورث وايتهيد









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة