القرار الجمهورى رقم 116 لسنة 2017، الذى أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسى الأسبوع الماضى، بإنشاء بعثة لمصر لدى منظمة حلف شمال الأطلنطى «ناتو»، الذى أعقبه قرار آخر بتعيين إيهاب محمد مصطفى فوزى، سفير مصر لدى مملكة بلجيكا، مندوبا لمصر لدى المنظمة، هو قرار استراتيجى مهم وله دلالات كثيرة، أهمها بطبيعة الحال أن العلاقة بين مصر والناتو وصلت إلى مرحلة من النضج والتفاهم تصب فى صالح الطرفين.
قبل عامين زرت مقر الناتو فى بروكسل ضمن وفد إعلامى مصرى، وقضينا ثلاثة أيام نستمع ونتحاور مع قيادات الحلف حول استراتيجيات الناتو تجاه الشرق الأوسط، وما هو مطروح لتوسيع آفاق التعاون مع القاهرة، وكانت رؤية الناتو ولاتزال أن قضية الإرهاب تفرض نفسها على أية ترتيبات للتعاون، ويضاف إلى ذلك الوضع فى ليبيا، خاصة أن الناتو متهم رئيسى لما آلت إليه الأوضاع هناك، بعدما تدخل عسكرياً ضد قوات الزعيم الليبى الراحل معمر القذافى، دون أن يتحسب لنتائج هذا التدخل، وكانت النتيجة هى الفوضى التى سيطرت على الأراضى الليبية، وظهور لميليشيات مسلحة وجماعات إرهابية. كما أن هناك مجالات أخرى للتعاون سيكون لها آثار مهمة على مشروعات التنمية التى تقوم بها الحكومة المصرية حالياً، ومنها على سبيل المثال إتمام تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع رصد الألغام فى الصحراء الغربية باعتباره أحد المشروعات الرائدة التى ينفذها الناتو مع دول الشركاء فى إطار برنامج العلم من أجل السلام والأمن.
الناتو بالتأكيد حريص على إيجاد آلية للتعاون مع مصر، تقوم على وضع استراتيجيات مشتركة لمكافحة الإرهاب فى المنطقة، مستفيدين بالخبرة المصرية فى مكافحة الجماعات الإرهابية والمتطرفة، وأيضاً للمساعدة فى إيجاد مخرج للأزمة الليبية، فى ظل الجهود التى تقوم بها مصر منذ فترة مع السياسيين والقبائل الليبية.
انطلاقا من هذه الأرضية جاء القرار من الجانبين بتوثيق العلاقة وتطويرها إلى هذه الدرجة التى ستعزز من شكل ونوع التعاون المشترك بين الناتو والقاهرة، كما يزيد من حجم التدريبات المشتركة بين الطرفين، كما أكد ينس ستولتنبرج، الأمين العام لحلف الناتو، الذى أشار فى تصريحات صحفية أعقبت لقاءه قبل أسبوعين مع وزير الخارجية سامح شكرى إلى شكل من أشكال هذا التعاون، حينما قال «باسم حلف شمال الأطلسى نعبر عن رغبتنا فى بناء الهياكل الدفاعية ومؤسسات سياسية قوية فى ليبيا بالتعاون مع القاهرة.. وهذا لن يتم إلا إذا كان هناك حوار مستمر بيننا وبين مصر يتسم بالقوة والندية وبهذه الطريقة فقط يمكن أن نعيد الاستقرار لليبيا».
من هذه التصريحات وغيرها من المواقف التى أعلن عنها قيادات الناتو، يمكن أن نصل إلى قناعة بأن العلاقة بين القاهرة والناتو تأخذ شكلاً مهما واستراتيجياً يحقق أهدافاً إيجابية يسعى لها الجانبان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة