نسمات ربيع 2017 بدأت تهب على العلاقات المصرية الأمريكية لتمحى خريفا طال سنوات وكاد يعصف بالشراكة الإستراتيجية بين الطرفين، بعد أن تبنت الإدارة الأمريكية فى عهد الرئيس السابق باراك أوباما نهجا أضر بمصالح واشنطن والقاهرة وأدى الى إضطراب واضح فى مستوى العلاقات ، ولأن أخطاء الماضى يمكن تخطيها بتقويم ما هو قادم فهناك حالة ترقب فى الأوساط السياسية لكلا الطرفين للقاء المرتقب بين الرئيس عبد الفتاح السيسى ونظيره الأمريكى دونالد ترامب فى البيت الأبيض بداية الشهر المقبل .
هذا اللقاء يراه المراقبون خطوة على الطريق الصحيح لتصويب الإنحراف الذى شاب العلاقات المصرية الأمريكية إبان عهد أوباما، بسبب أخطاء الإدارة الأمريكية ومواقفها العدائية تجاه مصر بعد فشلها فى تنفيذ مخططها عقب ثورات الربيع العربى، ويبدو أن عملية التصويب بدأت حتى قبل اللقاء، فمنذ دخول ترامب البيت الأبيض أكد الفريق أول جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية الأمريكية، عودة المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر بالكامل، فضلا عن عملية تعزيز للتعاون العسكري بين مصر وأمريكا.
تلك الخطوات الإيجابية، وما تلاها من دعوة زيارة للسيسى والذى يعد ثانى زعيم عربى يلتقيه، تعد بداية لترميم الشروخ التى أصابت العلاقات نتيجة أخطاء أوباما تجاه القاهرة، والتى لم تكن عفوية بل كانت عن عمد، فمنذ أن حضر إلى جامعة القاهرة ليلقى منها أول خطاب للعالم الإسلامى كان يقبع خلف كلماته مخططه المستقبلى ليس لمصر فقط وإنما لمنطقة الشرق الأوسط ، والتى ظهرت عندما طلب الرئيس الأمريكى – وفقا لموقع "إي- انترناشيونال ريليشنز"، حضور ممثلي الإخوان الإرهابية لخطابه المزعوم.
ومنذ ذلك التاريخ توالت الأخطاء التى أقر بها مسئولين أمريكيين فى إدارته وفى مقدمتهم وزيرة خارجيته هيلارى كلينتون وبعض مسئولى الـCIA ، وكانت البداية بتخليه عن حليفه فى الحكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك ، وبدأ يملى الشروط الأمريكية على الشعب المصرى عندما أرسل السفير الأمريكي السابق لدى مصر، فرانك ويزنر حاملا رسالة لمبارك يطالبه فيها بالتخلي عن منصبه، والتعهد بتسهيل عملية الإنتقال السلمي للسلطة.
ولم يكن قرار الادارة الأمريكية بسحب البساط من تحت قدم حليفها فى المنطقة مبارك حرصا على مصلحة الشعب المصرى وإنما تنفيذا لأجندتها التى كانت تهدف – كما ظهر بعد ذلك – الى تسليم المنطقة لحكم إسلامى ينفذ الأجندة الأمريكية دون إزعاج، وهو ما أفسدته القاهرة وقطعت الطريق على مخطط واشنطن.
وبعد سقوط مبارك بدأت الأخطاء الأمريكية تتوالى، حيث ظهر بوضوح دعم أوباما للإخوان المسلمين، بصفتهم أقوى فصيل سياسي على الساحة بعد الثورة المصرية، وصولا الى الرئاسة حيث كان الرئيس الأمريكى السابق من أكبر المؤيدين لرئيس الإخوان محمد مرسي، وكان من أوائل المهنئين له مؤكدا له على دعم واشنطن القوي لمسيرة الانتقال الديمقراطي في مصر.
وغضت الإدارة الأمريكية الطرف عن ممارسات مرسي والإخوان بتوسيع قوتهم تدريجيا على الشعب المصرى والسيطرة على مفاصل الدولة واتخاذ منهج "الأخونة"، وقمع وسائل الإعلام، والسماح بالتحريض ضد المسلمين غير السنة والأقباط.
وجاءت ثورة 30 يونيو التى تعد اللحظة الفارقة التى أفقدت الإدارة الأمريكية السابقة صوابها.. وعند فقدان الصواب فالأخطاء تصبح فيضانا لا يمكن إيقافه، وهذا بالفعل ما حدث فى العلاقات بين القاهرة وواشنطن التى اتجهت الى الهبوط بسرعة فائقة نتيجة توالى الأخطاء التى لا تغتفر.
حيث تجاهل أوباما وإدارته السخط الشعبى ضد الإخوان والملايين التى خرجت للشوارع والميادين احتجاجا على هوية الدولة المصرية، والإرهاب الذى مارسته الجماعة عقب سقوط مرسي ، واكتفى بالزعم – وفقا لرؤيته – بالعنف الأمنى فى فض الإعتصامات الإخوانية.
وأعلن أوباما ظنا منه أن قراراته تكبيل للخطوات المصرية ، تجميد المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر ووقف تسليم الطائرات المقاتلة "إف16" والتدريبات العسكرية، وفي الربع الأول من 2015 ، أعلن الرئيس الأمريكي رفع تجميد المساعدات العسكرية الأمريكية للقاهرة، ولكنه أشار لوقف السماح لمصر بشراء المعدات بالائتمان اعتبارا من العام المالي 2018.
أخطاء الرئيس الأمريكى الأسبق جعلت حتى الأوساط الداخلية تلوم أوباما على ما فعل، حيث قالت شولا رومانو هورنينج، في المجلة الأمريكية "أمريكان ثينكر"، المتخصصة في القضايا السياسية الأمريكية والخارجية فى إحدى مقالاتها، "إن سياسة الولايات المتحدة تجاه مصر جعلتها تفقد الحليف العربي لها لسنوات طويلة"، والإجراءات التي اتخذها أوباما بعد عزل الرئيس محمد مرسي، ولدت مشاعر معادية فى مصر تجاه واشنطن، وقالت إن أوباما ارتكب أخطاءً إستراتيجية منذ تخليه عن الرئيس الأسبق مبارك وشجع لإجراء انتخابات سريعة تضمنت الإخوان الإرهابية التى كان يدعمها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة