أزمة مكتومة تلوح فى الأفق بين الجارتين الجزائر والمغرب يقف خلفها التنظيم الدولى للإخوان، وذلك بعد أن علق رئيس أكبر الأحزاب الإسلامية فى الجزائر على قرار ملك المغرب بإعفاء الإخوانى عبد الإله بنكيران من تشكيل الحكومة المغربية بعد 5 أشهر متتالية من المشاورات الفاشلة، وهو الأمر الذى اعتبرته الرباط تدخلا غير مقبولا فى شئونها الداخلية.
حالة الغضب داخل الأوساط السياسية المغربية بدأت فور تعليقات رئيس أكبر حزب إسلامى فى الجزائر بشأن تنحية العاهل المغربى لبنكيران، حيث فاجأ عبد الرزاق مقرى، رئيس حركة مجتمع السلم فى الجزائر، الجميع بتعليق فى صفحته الرسمية على "فيسبوك"، أكد فيه إن بنكيران أضحى "غير مرغوب فيه"، بسبب أنه "نافس الملك فى النجومية فى رئاسته الحكومية الماضية، وأصبحت له شعبية كبيرة تجاوزت حدود رئيس حكومة تقنوقراطى".
وتأتى تصريحات مقرى المثيرة للجدل فى الوقت الذى التزمت فيه باقى الأحزاب الإسلامية فى شمال أفريقيا الصمت تجاه ما يحدث فى المغرب، وأضاف رئيس الحزب الإسلامى الجزائرى أن القوى المحلية والدولية لا تريد "إسلاميا قويا وناجحا على رأس الحكومة"، ولا تريد "أردوغان آخر" فى المغرب العربى، مهما كان وسطيا ومعتدلا ومسلما بقواعد اللعبة، إذا كان يرفض أن يكون مجرد تابع وليس شريكا.
وساند الإسلامى الجزائرى بنكيران معتبرا أن الانسداد الذى شهدته مشاورات تشكيل الحكومة كان مصنوعا منذ البداية؛ حتى يضطر حزب العدالة والتنمية إلى اختيار شخص آخر غير بنكيران، رغم النجاح الكبير الذى حققه هذا الأخير، والذى يقر به خصومه أنفسهم، على حد تعبيره.
وتوقع مقرى أن يجرى تعديل دستورى جديد بالمغرب مستقبلا؛ حتى يتم السماح للملك باختيار الحزب التالى فى الترتيب الانتخابى لتشكيل الحكومة فى حال عجز الحزب الأول عن ذلك لإبعاد الإخوان عن الحكم فى المغرب، مضيفا أن بنكيران اختار المواجهة فى الميدان.
موجه غضب عنيفة فى الأوساط السياسية المغربية صاحبت تصريحات رئيس الحزب الإسلامى فى الجزائر، وعلى الرغم من عدم صدور أى رد فعل رسمى فى الرباط إلا أن إلياس العمارى الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة صعد من الموقف رافضا ما وصفه بالتدخل السافر فى شأن داخلى، إلى حد أنه رفع طلب رسمى إلى وزير العدل والحريات بحكومة تصريف الأعمال فى المغرب، يطالبه بمباشرة تحقيقات جدية فى هذه التصريحات.
وأدان بشدة تصريحات رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية، عبد الرزاق مقرى، بخصوص تنحية عبد الإله بنكيران لافتا إلى أن وصف مقرى لبنكيران بأردوغان المغرب، يثير أكثر من علامة استفهام حول استقلالية الأحزاب المغربية، لأنه يوحى بوجود حزب فى المغرب مرتبط بأجندات خارجية، ويجعل مصلحة الوطن فى رتبة ثانوية، ويمنح الأولوية للالتزامات الدولية ذات الطبيعة الإيديولوجية والتبعية للتنظيم العالمى.
ونبه العمارى خصمه الجزائرى إلى أنه "من غير المقبول إقحام المؤسسات المغربية فى موضوع سياسى داخلى، مرتبط ببنية المؤسسات الدستورية ببلادنا"، مبرزا أن تلك التصريحات عبارة عن رد فعل غير مبرر، وتدخل غير مقبول فى شأن داخلى مغربى، وتطفل على حدث سياسى فى بلد له سيادة.
واعتبرت الأوساط المغربية أن هذا التدخل يندرج تحت بند التعاطف مع شخص عبد الإله بنكيران، والصادر عن شخص يتقاسم معه ذات المرجعية الإيديولوجية ولكن هناك حاجة حقيقية للتنبيه إلى أنه من غير المقبول إقحام التنظيمات الدولية فى موضوع سياسى داخلى يمس المؤسسات الرسمية، ويعد تدخلا غير مقبول فى شأن داخلى مغربى، وتطفلا على حدث سياسى فى بلد له سيادة، ويحكمه دستور وقوانين، وله تقاليد وأعراف تاريخية عريقة فى تدبير الشأن السياسى الداخلى.
وطالب رئيس حزب الأصالة المغربى والثانى انتخابيا حلفاء التنظيم العالمى للإخوان بالمغرب لتأكيد أو نفى ادعاءات هذا الشخص وتبادر للرد عليه، وقال "أوجه رسالة مباشرة للإسلامى الجزائرى، وأقول له بأن النموذج السياسى المغربى ليس فى حاجة إلى دروس من التنظيم العالمى للإخوان، ولا من فروعه خارج المغرب وداخله".
تلك الحالة الضبابية التى خيمت على العلاقات بسبب التنظيم الدولى للإخوان ربما تزيد من عدد الأزمات بين الجارتان الجزائر والمغرب، وعلى الرغم من أنها مازالت محصورة فى حالة من التلاسن بين سياسيين من كلا البلدين، إلا أن المذكرة التى تم رفعها من حزب ذو ثقل سياسى فى المغرب لوزير العدل قد تمنحها طابعا رسميا إذا شهدت الساعات المقبلة تحركا فى هذا الشأن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة