لا تعلن روسيا عن الأسباب الخفية والرئيسية لحربها فى سوريا، فالجميع يعلم أن روسيا تحارب تنظيم داعش الإرهابى لمنع تدفق الإرهابيين ووصولهم للحدود الروسية، حيث تعلن موسكو باستمرار عن أن الجيش الروسي هدفه هو محاربة الإرهاب وأن موسكو تساعد سوريا والرئيس بشار الأسد لأنهم الحلفاء التقليدين لروسيا، ولكن الدول العظمى مثل روسيا وأمريكا لا تحارب هباءا ولكن بالطبع يوجد مصالح وأسباب خفية وراء هذه الحرب.
النفط
يستمر النزاع المسلح فى سوريا منذ ربيع عام 2011، وهناك نزاع شديد بين الجيش السوري الحكومى والعديد من الجماعات الإرهابية والدينية التي تتلقى تمويلات من العديد من البلدان، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية وإيران وتركيا وقطر، للاستيلاء على حقول النفط المتواجدة داخل الدول العربية، ليصبح الصراع الرئيسى بين الدول العظمى باستخدام سلاح النفط وسعره.
دخلت روسيا على خط الصراع بين الدول الكبرى، عندما أرسلت المقاتلات والقوات الجوية الخاصة بها إلى قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية، وضرب الجماعات الإرهابية التي تنقل النفط من سوريا إلى تركيا، وبيعه بسعر قليل جدا، مما يؤدى إلى ضرب اقتصاد الروسي الذي يعتمد بشكل كبير على توريد النفط والغاز.
بدأت روسيا بمواجهه صعوبات اقتصادية ضخمة عقب فرض العقوبات الأمريكية والأوروبية عليها في عام 2014، بعدما قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، بعدما كانت تتبع للسيادة الأوكرانية، وأصبح أمام روسيا عائق كبير يجب عليها أن تتغلب عليه بالمخاطرة في الدخول في حرب غير مباشرة مع أمريكا وحلفاؤها في سوريا.
التحكم في التجارة العالمية في البحر
وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام الروسية والخبراء الاقتصاديين الروس أكدوا أن العملية العسكرية الروسية في سوريا تكلف الميزانية الروسية سنويا 58 مليار روبل، إلا أن روسيا تصر على توسيع العملية، فضلا عن استخدام الذخيرة والوقود، ولكن من جهة النظر الاقتصادية، العملية العسكرية الروسية فعالة من خلال التحكم في سير السفن، حيث تعد القيمة الرئيسية لسوريا هى الدول المجاورة لها وموقعها الرئيسى في منطقة الشرق الأوسط وجنوب البحر الأبيض المتوسط.
تهدف روسيا للسيطرة على البحر المتوسط وممرات العبور الرئيسية في شمال إفريقيا إلى غرب ووسط آسيا وجنوب ووسط أوروبا وتركيا وبلدان شبه الجزيرة العربية، حيث كانت دمشق النقطة الأساسية لطريق الحرير، وربما تصبح جزءاً من المشروع الصيني الحديث، بالإضافة إلى هذا قبل الحرب في سوريا، تم بناء شبكة من الطرق بطول إجمالي 1103 كم تربط تركيا والعراق والأردن ولبنان، حيث يمكن لسوريا أن تصبح بلد عبور لتسليم البضائع بشكل أرخص وأكثر أمنا، بالإضافة إلى إمكانية مرور نفط الشرق الأوسط والغاز للعملاء في أوروبا وتركيا.
روسيا الحديثة لا تستطيع تحمل حرب المبادئ الأيديولوجية، كما فعل الاتحاد السوفيتى، وبالتالى فإن الهدف الرئيسى للحرب الروسية في سوريا حماية المصالح الاقتصادية الروسية عن طريق عملية عسكرية مباشرة تؤثر على الاقتصاد الروسي بطريقة غير مباشرة.
مواجهة قطر ودول الخليج
قبل وجود الصراع السورى خططت الدول العربية للتعاون في مجال الطاقة مع تركيا والاتحاد الأوروبى، عن طريق مد خطوط أنابيب النفط ونقل الغاز عبر سوريا إلى محطات على ساحل البحر المتوسط إلى إيران والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة والعراق، ولكن الخلافات بين المملكة العربية السعودية وقطر أدى إلى تعطيل المشروع، ولكن بالنظر إلى محادثات الغاز بين قطر وأوكرانيا في 2012، نرى أن قطر أرادت مرور الغاز القطري عبر سوريا إلى تركيا ومن ثم إلى البحر الأسود ثم إلى أوروبا، لضرب الاقتصاد الروسي وقطع الامدادات الروسية لأوروبا.
تبلغ صادرات النفط والغاز الروسية إلى أوروبا هى 160-170 مليون طن سنويا، وكانت العائدات الصافية لشركة ”غازبروم“ الروسية على مبيعات الغاز إلى أوروبا في عام 2015،2.16 تريليون روبل، ولكن بعد أن ينقطع هذا الامداد عن أوروبا من روسيا سيوجه للاقتصاد الروسي ضربة قوية، وسيكون الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي في ضوء تشديد العقوبات كبير للغاية.
الخلاصة هى أن القاعدة البحرية الروسية الدائمة في طرطوس بسوريا، سjضمن لروسيا السيطرة على السفن جنوب شرق البحر الأبيض المتوسط، وضمان امن مئات الملايين من أطنان الصادرات الروسية، بالإضافة إلى منع مشاريع الغاز التابعة لدول الخليج العربى التى قد تمر بسوريا إلى الدول الأوروبية وتركيا، وضمان اتمام مشروع ”الخط الجنوبى“ بين موسكو وأنقرة، فالحرب الروسية في سوريا لا تكلف موسكو شيئاً بل هى عبارة عن تجربة وتطوير للأسلحة الروسية السوفيتية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة