اجتهد الرئيس عبد الفتاح السيسى واقترح حلا رآه مناسبا للوقوف أمام ظاهرة انتشار الطلاق فى المجتمع المصرى، بألا يتم الاعتراف بالطلاق الشفوى، وألا يعد الطلاق طلاقا «الاعتراف بالطلاق الشفوى»، وألا يعد الطلاق طلاقا إلا إذا كان موثقا، وقد كان من حقه أن يقترح الأمر فى صورة مشروع قانون على مجلس الشعب لتتم مناقشته بشكل «مدنى» بعيدا عن سلطة مشيخة الأزهر الفاضلة، لكنه حرص على اتباع «الأصول» وعرض الأمر على أعلى سلطة دينية فى مصر أدبا منه واحتراما، وبدلا من أن ينتهز الأزهر هذه الفرصة ليطلق مشروعا واعيا لـ«تجديد الوعى بالدين» وتطويره وفقا لمقتضيات العصر، وقف الأزهر ضد «اجتهاد الرئيس» مقررا عدم الأخذ بالرأى «الجديد» والحجة هى أن الطلاق الشفوى أمر ثابت بـ«إجماع الفقهاء».
من وجهة نظرى فإن هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف وقعت فى مأزق حيال هذا الأمر، فلا لا يوجد فى الكتاب أو السنة ما يأمر بأن يكون الطلاق شفويا أو موثقا، ولهذا لجأت هيئة كبار العلماء إلى الارتكاز على ما يسمى بالإجماع، برغم أنه من الثابت «فقهيا» هو أن الاجتهاد فيما ليس فيه نص أمر واجب، وهنا سأترك الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر «محمود شلتوت» رحمه الله ليرد على هيئة كبار العلماء، فقد قال فضيلته «إن الإسلام شهد لغطا كبيرا حول ما يسمى بالإجماع، وكان الفقهاء يرددون هذه الجملة ليوهموا الناس أن هذا الإجماع وقع من الجميع، والصحيح أنه «إجماع طائفى أو مذهبى، وكثيرا ما نراهم يردفون حكاياتهم عن الإجماع بقولهم «ولا عبرة بمخالفة الشيعة والخوارج» أو «بمخالفة المعتزلة والجهمية» ونحو ذلك مما يخيفون به العلماء» ويورد الإمام مقولة ابن حزم القائلة إنه «يكفى فساد ذلك أننا نجدهم يتركون فى كثير من مسائلهم ما ذكروا أنه إجماع وإن نحوا إلى تسميته إجماعا عنادا منهم وشغبا عند اضطرار الحجة والبراهين إلى ترك اختياراتهم..»
يحسب البعض أن «تجديد الوعى بالدين «رفاهية يلجأ إليها المجتمع رغبة منه فى مخالفة أمر متفق عليه أو تحررا من بعض القيود، لكن الحقيقة تقول إن تجديد الوعى بالدين هو أكبر صيانة للدين نفسه، وأن تجديد الأحكام الفقهية أمر لازم وضرورى ومستحب طالما لا يخرج عن مقاصد الشريعة الكبرى وهى «حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال، وهنا يحق لنا السؤال: أوليس فى تقييد الطلاق حفظا للنسل والنفس والمال؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة