ماذا كان يحدث «لو» لم يتنح الرئيس مبارك طواعية عن السلطة؟.. كانت البلاد ستشهد حربا أهلية وحالة عارمة من الفوضى، وسقوط ضحايا وانفجار نافورات الدماء فى الشوارع، والأخطر أن جماعة الإخوان الإرهابية كانت ستصعد مؤامراتها، بعد أن أحكمت السيطرة على ميدان التحرير، واتخذت بعض الأماكن أوكارا للقبض على المعارضين، وتعذيبهم والتنكيل بهم، وكانت ستخترع ألف موقعة على غرار الجمل، حتى تستمر حالة الغليان والتظاهر والحرق والقتل والتخريب، وصولا إلى صراع دموى على السلطة، يؤدى بها فى النهاية إلى الحكم.
قويت أذرع «اللهو الخفى» و«الطرف الثالث»، وهى كدبة إخوانية إجرامية لإلصاق التهم التى يرتكبونها بخصومهم، وأشرف على الحرب الدعائية كذابهم الأكبر صفوت حجازى، الذى أنكر بعد ضبطة متخفيا فى طريق الهروب إلى ليبيا أنه ينتمى للإخوان، وأضفى شرعية دينية على الكذب واعتبره «فريضة واجبه»، وأفردت له برامج التوك شو مساحات كبيرة، فكان يطل بسحنته الخادعة على المصريين ليلا ونهار، وقبل الأكل وبعده وأثنائه، ويخترع حكايات تعجز عنها الأفلام الهندية، ويطور أساليب ظهوره بين الأزياء الإيطالية والعباءة السعودية، وأحيانا بالزمر والطبل البلدى، وهتافت جمهور الدرجة الثالثة فى المباريات.
كان ضروريا أن يتنحى مبارك وأن يترك القاهرة الملتهبة إلى شرم الشيخ، واختار بضميره الوطنى الطريق الذى ظن أنه آمنا للخروج من السلطة، وكان من المفترض أن تهدأ البلاد وتسكن الشوارع والميادين، وأن يحمى المصريون بلدهم من الفوضى العارمة، التى أدت إلى التدهور الأخلاقى والانهيار الاقتصادى، ولكن حدث العكس تماما وتصاعدت حروب الشائعات القذرة، التى فجرت روحا انتقامية، وصعد إلى سطح الأحداث مشعلو الحرائق والفتن، وبات السؤال الذى لا يجد إجابه: إذا كانت التظاهرات قد خرحت من أجل رحيل الرئيس، فلماذا تتصاعد الفوضى بعد رحيل الرئيس؟.
اكتشف المصريون حقيقة ما يدبر لوطنهم فى الخفاء، عندما تصاعد فى الميادين هتاف «يسقط حكم العسكر»، وجعلوه أغنيه الزفة فى فرح ناشط سياسى، وبات واضحا أن المقصود هو إسقاط الدولة وأجهزتها ومؤسساتها، لتقوم على أنقاضها دولة الإخوان وغلمان المولوتوف، وتسلح المشير طنطاوى وأعضاء المجلس العسكرى، بأقصى درجات الحنكة والوعى والصبر وطول البال، ووضعوا نصب أعينهم هدفا ثابتا واحدا، هو حماية الشعب وإنقاذ الوطن من براثن الشيطان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة