أقام سفير خادم الحرمين الشريفين لدى القاهرة مندوب المملكة الدائم لدى جامعة الدول العربية عميد السلك الدبلوماسى العربى أحمد بن عبد العزيز قطان، أمسية ثقافية "رياض النيل"، بحضور عدد من الوزراء والشخصيات العامة والمفكرين والسياسيين والسفراء ورؤساء التحرير والكُتاب والإعلاميين، حيث كان ضيف الشرف الأمير سلطان بن سلمان والذى تحدث عن "بدء الإسلام فى جزيرة العرب منذ خَلَقَ الله الإنسان- قراءة فى السياق الحضاري".
واستهل السفير قطان الأمسية بتقديم الدكتور الأمير سلطان بن سلمان.. لافتًا إلى أنه أول رائد فضاء عربى وأول رائد فضاء مسلم، ويشغل منصب رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطنى فى المملكة العربية السعودية، وهو مؤسس ورئيس مجلس إدارة نادى الطيران السعودى، ومن المهتمين بمجال السياسة الدولية، بالإضافة إلى مؤهلات الطيران التى حاز عليها فى بداية مشواره المهنى، يحمل الأمير سلطان بن سلمان درجة الماجستير فى العلوم الاجتماعية والسياسية من جامعة سيراكيوز فى الولايات المتحدة الأمريكية عام (1420هـ- 1999م) بعنوان "التحول القبلى والبناء الوطنى فى التجربة السعودية".
وفى كلمته أعلن الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس هيئة السياحة والتراث الوطنى بالمملكة العربية السعودية، اختيار مصر ضيف شرف سوق عكاظ فى دورته المقبلة، وأضاف سلطان، "لقد تربيت على الثقافة المصرية وولدت عام 1956 فى القاهرة".
وتابع:"نستطيع القول أن نصفى مصرى. .الوالد حفظه الله كان حريصاً على تربيتنا على الأدب والإبداع المصرى. . وكانت تأتينا كراتين الكتب والمؤلفات والصحف المصرية فى سنوات النشأة والتكوين".
وأوضح أنه من الأهمية بمكان عدم اختزال الخليج فى النفط، قائلاً: "لدينا رسالة ومهام كبرى لابد أن نقوم بها..وأنا لا أؤمن بنظرية صراع الحضارات أو الأديان.. فالإسلام دين حوار وتواصل وسلام".
وطرح رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطنى الأمير سلطان بن سلمان خلال الملتقى، ورقة بعنوان (بدأ الإسلام فى جزيرة العرب منذ خلق الله الإنسان، وأكد فى هذه الورقة أنه من المهم فى هذا العصر الذى يجد فيه المسلمون أنفسهم فى مواجهة مع الحضارات الأخرى أن نعيد التفكير فيمن نحن وما هو دورنا فى الحراك الإنسانى المستقبلى، منطلقين من قراءة جديدة فى تاريخ الإسلام الذى بدأ -والله أعلم- منذ خلق البشرية، وأن كل ما حدث منذ ذلك الوقت الذى لا يعلمه إلا الله، كان تسلسلاً يؤدى إلى بزوغ شمس الهداية والخير من مكة المكرمة فى قلب الجزيرة العربية وعلى يدٍ عربيةٍ من خيرة أهلها فى فترة زمنية مهمة كانت فيها مكة المكرمة محوراً إستراتيجياً حضارياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً وملتقى للقوافل التى جاءت للحج والتجارة، مما شكل كياناً ذا قوة سياسية متنامية، وساعد على انتقال رسالة الإسلام والقرآن الكريم بلغته العربية الراقية التى تطورت عبر آلاف السنين حتى نزل بها القرآن الكريم، إلى أرجاء المعمورة، مما يؤكد أن الإسلام العظيم لم ينشأ من أرض مفرغة من الحضارات أو المعرفة أو الأخلاق أو القيم العربية الأصيلة.
وأشار إلى أن الإسلام الذى جاء لكى يؤكد التوحيد وهو دين البشرية وخاتم الأديان، وأن الله سبحانه اختار أرض الجزيرة العربية وشعبها لحمل هذه الرسالة السامية منذ خلق الله البشرية، وأن التعاقب الحضارى والبشرى والاقتصادى الكثيف على هذه الأرض المباركة عبر التاريخ يدل على حراك مستمر لتهيئة المكان والإنسان لحمل هذه الرسالة السامية للعالم، مبيناً أن هذا البحث جاء من منطلق أن الله اختار أرض الجزيرة العربية وشعبها لحمل هذه الرسالة السامية منذ خلق الله البشرية وأن التعاقب الحضارى والبشرى والاقتصادى الكثيف على هذه الأرض المباركة عبر التاريخ يدل على حراك مستمر لتهيئة المكان والإنسان لحمل هذه الرسالة السامية للعالم.
وأوضح أنه بدأ فى التفكير لإعداد هذه الورقة منذ أربع سنوات، مبيناً أنه بدأ الاهتمام بالآثار والتراث منذ صغره وكنتيجة لمرافقة والده الملك سلمان بن عبد العزيز للمواقع التراثية والأثرية، فقد كان الملك سلمان شغوفاً بالتراث كثير الاطلاع على كتب التاريخ وزيارة المواقع التاريخية، وهذا ما ورثه الأمير سلطان عن والده، مضيفاً: "كنت أتساءل هل دورنا فقط فى التنقيب عن الآثار، وأن نُخرِّج قطعاً أثرية ونضعها فى المتاحف فقط، أم يُفتَرَّض أن يكون أكبر من ذلك؟ وما هو الرابط بين كل هذا التاريخ وهذا التراكم الحضارى وما نحن عليه اليوم؟".
وأضاف: فى محاضرة ألقيتها فى مركز أكسفورد للثقافات الإسلامية فى عام 1431هـ و1يونيو 2010م وأيضا محاضرة فى عام 2014م، طرحت فكرة مفادها أن الإسلام هو جوهره التوحيد الخالص لله تعالى، هو دين الفطرة الذى أختاره الله سبحانه وتعالى للبشرية وخلقها وأن اختيار الجزيرة العربية مهد للإسلام والرسالة الخاتمة التى نزلت على النبى صلى الله عليه وسلم ما هى إلا امتداد لذلك التدبير الإلهى، وأن مسار الحضارة فى الجزيرة العربية مرتبط بهذا الموضوع الأهم فى تاريخها.
وأضاف قائلا: "ولذا، فإن الإسلام لم ينزل فى أرض فارغة من الحضارات، وأن كل ما وقع على أرض الجزيرة العربية من أحداث وتقاطعات حضارية وإنسانية كانت بمثابة مقدمات وبشائر هيئت إلى ظهور الإسلام من هذه الأرض المباركة؛ لذلك، فإن العناية بآثار حضارات الإنسانية على أرض الجزيرة العربية هى فى نظرى من باب العناية بتاريخ الدين الإسلامى العظيم فى مكان قدر الله أن يكون مهيئاً من خلال مراحل التاريخ وتعاقب الاحتضان لانطلاقة أعظم دين للبشرية، فى لحظة تاريخية مقدرة منذ الأزل والله أعلم.
وفى ختام الأمسية الثقافية، تقدم السفير "قطان" بالشكر إلى الأمير سلطان بن سلمان على محاضرته القيّمة، مقدماً له هدية تذكارية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة