القتلة خونة والمقتول خائن، وفى منطقة تعيش على الخيانة يمكن أن يحدث أى شىء!
قبل مقتله بـ24 ساعة، كان على عبدالله صالح يزهو فى حديث مسجل، بتحرير صنعاء من الحوثيين، ويعلن فض الشراكة معهم، ويؤكد أن ساعة الصفر قادمة على صعيد المعارك، وبعد ساعات فر هاربا من شارع الستين بصنعاء، تجاه قريته سنحان فى كوكبة من حراسه، وتعقبته سيارات الحوثيين، بعد إبلاغ أحد حراسه عن مسار موكبه، وقُبض عليه وتم التنكيل به حيا، قبل إطلاق الرصاص على رأسه.
مأساة بطلها الخيانة والخونة، لكنه كان أسعد حظ ًمن القذافى، الذى عرضوا جثمانه نصف عار، فى ثلاجة الخضر والفاكهة فى سوق التوانسة بمدينة سرت، مع ابنه المعتصم ووزير دفاعه أبوبكر يونس.. وكان أيضا فى طريقه للهروب، بعد إبلاغ أحد أتباعه عن مكان اختفائه.
اشترط الحوثيون تسليم جثمان على عبدالله صالح، بعدم إقامة مراسم جنازة له، وظهر رأسه مشجوجا من الخلف والأمام، وكأنه مضروب بسيف، بعد تنظيفه من الدماء، على نفس البطانية التى ظهر بها القذافى، وأفراح هنا وأفراح هناك، واحتفاء بجثامين كانت يوما يشيب لها الولدان.
تنتهى الحياة بإزهاق الروح، ولكن عند هذه الجماعات تبدأ مراسم الموت بالتمثيل بالجثث، ومع أن «الشاة لا يضيرها سلخها بعد ذبحها» إلا أن إذلال الأموات داء مستعص لدى تلك الجماعات، التى ترتوى بشرب الدم، وتحتفل بعرس الموت بإطلاق خزائن من الرصاص على الجثث والجثامين الملقاة على الأرض، القتلة خونة والمقتول خائن، وفى منطقة تعيش على الخيانة، يمكن أن يحدث أى شىء!
والضحية.. اليمن الذى كان سعيدا فصار حزينا تعيسا، والبيوت التى تهدمت، والشوارع التى يعوى فيها قُطَّاع الطرق، وبلد يحتاج مئات المليارات من الدولارات ليقف على قدميه من جديد.. تلك هى ثورات العرب وربيع العرب وديمقراطية العرب، وتطلعهم إلى المستقبل بالعودة إلى أسوأ عصور الظلام والقتل، فضاعت صنعاء ودمشق وطرابلس وبنى غازى وبلدان أخرى، كانت تنعم بالحياة والخير.
من له وطن يجب أن يدافع عنه حتى الموت، فى زمن عز فيه الشرف، وأصبحت الخيانة طريق النصر، وعلى عبد الله صالح الذى قال «حكم اليمن يشبه المشى على رؤوس الثعابين»، احتضن الثعابين وتحالف معهم، واحتمى بهم ليحمى عرش ديكتاتوريته الذى استمر 35 عاما.. ومن يحتضن الثعبان عليه أن ينتظر لدغاته القاتلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة