"يا حلاوة الدنيا يا حلاوة".. الفن المصرى حافل بتاريخ طويل منه ما نعرفه ومنه ما نجهله، والكثير نسمع عنه ولا نتأمله بالدرس، لكن الله دائما يرسل لنا من يبحث ويتعب كى يكشف لنا "نوادر" من حياتنا الثقافية والفنية، والتى تؤكد أن مصر طريق طويل من الفن لا يختفى عن أعين الناظرين أبدا، ومن ذلك ما فعله الشاعر محب جميل فى كتابه المهم "فتحية أحمد".
أعتقد أن غالبيتنا لا يعرفون "فتحية أحمد" والبعض يعرف عنها القليل، وهى فنانة مصرية كانت تلقب بـ مطربة القطرين، لكننا هنا مع محب جميل استطعنا أن نقترب من هذه الفنانة الحقيقية فنرصد حياتها وفنها، ونتوقف عند البدايات والنهايات وما وقع بينهما.
الكتاب الذى صدر عن دار الجديد، يكشف فى أحد جوانبه الصوت الجميل المميز للطفلة التى نشأة فى أسرة فنية فى مطلع القرن العشرين، وكيف قدمها الفنان الكبير نجيب الريحانى وأتاح لها الفرصة لتغنى أمام الجمهور، وكيف استغلت هى هذه الفرصة جيدا، ورغم أنها لم تكن تجيد القراءة والكتابة إلا أن ذلك لم يمنعها عن تحقيق ذاتها على مدى خمسين عاما تقريبا.
قارئ الكتاب سوف ينتبه لشيئين مهمين، أولا للمجهود الذى بذله محب جميل فى الكشف عن تفاصيل حياة فتحية أحمد، وقدرته على "القياس" كما يقول أهل الفقه، واستنباط ما خفى وما لم يتم توثيقه عن حياة هذه الفنانة من الجوانب الحياتية والعملية، والشيء الثانى الذى اهتم به محب جميل هو الاحتفاظ بحس التشويق فى الحكاية، وذلك لأنه فى كل مرة يقدم لنا قدرا كبيرا من المعلومات المهمة.
وفى هذا الكتاب قدم محب جميل صورة متكاملة لمصر "الفنية" فى النصف الأول من القرن العشرين، حيث الفرق المسرحية المتنافسة، فنجيب الريحانى وفريقه يتصيدون المواهب الجديدة، وعلى الكسار ورجاله يراهنون على الفن المختلف، والسلطانة منيرة المهدية واثقة من نفسها لا تظن بأن هناك من يقوض العرش من تحتها، وأم كلثوم تتخذ طريقا مختلفا عن الجميع وتسير فيه، بينما سيد درويش يفرض كلمته الموسيقية على الجميع.
فى الكتاب تتجسد "فتحية أحمد" بكل نجاحاتها وهزائمها، باختياراتها وما أجبرت عليه، بكتّاب أغانيها ومؤلفى موسيقاها، باقترابها وابتعادها عن الساحة الفنية، بحياتها الخاصة والعامة، ولن تملك سوى أن تحبها وتسعى مسترشدا بما كتبه محب جميل لتستمع إلى صوتها وتقول "الله".
وبعد الانتهاء من كتاب "فتحية أحمد" تستطيع أن تصل إلى أسباب واضحة لسؤال: لماذا كانت مصر جميلة فى ذلك الوقت؟ فالموسيقى برنامج أساسى فى الحياة العامة، والصحافة لا تتأخر عن متابعة الفن بشكل نقدى حقيقى فهى ترصد ما يظهر ويختفى فى عالم التخت والمسرح والإذاعة والسينما، والجميع يبحث عن الجديد الذى يعنى خطوة للأمام ناحية الجمال.
عدد الردود 0
بواسطة:
طارق
الزمن الجميل
مصر جميلة لوجود السماحة في النسيج الاجتماعي المصري لا تجد بيت إلا وبة من هم موسيقين اوفنانين أو قصاصيين الي جانب المصري يجيد لغتين أو ثلاثة التدين الوسطي حتي جاء لعنة الإخوان المسلمين من طرف الإنجليز والخروج على الحاكم وبدأ الانهيار الذي خطط لة الإنجليز والامركان معا .