المسافة التى قطعها محمود شفيق محمد مصطفى منفذ حادث الكنيسة البطرسية، من الفضاء المحيط بجماعة الإخوان "المحبين" وفقا للفظ التنظيمى، إلى أقصى درجات التكفير لدى تنظيم داعش، تبدو مثل الخطوات القليلة التى خطاها من البوابة الصغيرة للكاتدرائية إلى داخل الكنيسة حين نفذ الحادث الذى استشهد فيه نحو 29 شخصا.
وفى ذكرى مرور أول عام على حادث تفجير الكنيسة البطرسية، وجب إعادة النظر فى المعلومات الخاصة بمحمود شفيق، والتى تشير إلى أنه قبل تنفيذ الحادث بعامين، كان قد صدر ضده حكم بالحبس لمدة عامين لمشاركته فى إحدى التظاهرات الخاصة بجماعة الإخوان، وبعد إخلاء سبيله، اختفى لفترة ثم ظهر فى ثوبه الجديد بعد الانضمام لتنظيم "داعش" ومنفذا لأحد أبشع الحوادث الإرهابية فى تاريخ مصر، والسؤال هنا هو:
محمود شفيق
كيف ذابت المسافات التنظيمية بين الإخوان وداعش حتى تمكن إرهابى البطرسية من عبورها فى عدة أشهر؟
كمال حبيب: الإخوان تخلت عن التمايز بينها وبين جماعات كانت تصفها بالارهابية
الدكتور كمال حبيب، الخبير فى شئون الجماعات الإسلامية، يجيب عن هذا السؤال بالإشارة إلى التجاور الذى جرى بين التنظيمات المختلفة عقب عزل محمد مرسى عن السلطة.
ويتحدث حبيب عما يسميه بـ"جاذب العنف" حيث يقول: لحظة عزل مرسى وجد التيار الإسلامى نفسه على المحك وكان الاختبار فى هذه اللحظة هو هل يجذبهم العنف أم أنه يستدعى خبرات تاريخية تجعل لديه خيارات مختلفة ؟"
ويضيف: "الإسلاميون طوال تاريخهم يملكون نوعا من التوافق مع العنصر الجاذب للعنف بسبب حالة التعبئة واستحضار حالة الجندية والتربية وكثير من العوامل الأخرى التى تجعل الاستجابة للعنف هى الأكثر انسجاما مع الميل النفسى للإسلاميين".
واشار حبيب إلى أنه خلال اعتصام رابعة حدث تجاور بين التيارات الإسلامية، وهو ما قرب المسافات بين السلفية الجهادية والسلفية السائلة مثل حازمون والتيار الإسلامى العام، وبعض السلفيين الجهاديين وعناصر إسلامية مستقلة.
وأضاف: "جماعة الإخوان كانت دائما تؤكد التمايز بينها وبين التيارات الاسلامية الأخرى، وكانت تقدم نفسها باعتبارها التيار المعتدل المتحالف مع دولة مبارك والمختلف عن الجماعات الإسلامية الأخرى الإرهابية التى تستخدم العنف وتستعجل الصدام مع الدولة؟".
أحمد بان: محمود شفيق أحد تجليات السيولة التنظيمية بين التيارات الإسلامية
أما أحمد بان فيرى أن ما أسماه بحالة "السيولة التنظيمية" بين التنظيمات الإسلامية كانت قائمة منذ ثورة 25 يناير، وأشار إلى أن هذه الأطياف التقت فى ميدان التحرير، وتعززت العلاقة بينها أثناء الاعتصامات فى ميدانى رابعة والنهضة، ثم التقت جميع هذه الأطياف تحت عنوان الثأر من الدولة المصرية بعد فض الاعتصامات، مشيرا إلى أن محمود شفيق هو أحد تجليات هذه الحالة.
هشام النجار: التقت رغبتهم على العمل فى إطار العنف
ومن جهته يرى هشام النجار، الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، أن هذا النسق من العمل التنظيمى يرسخ له منذ مرحلة ما بعد فض اعتصام أنصار الرئيس المعزول، مشيرا إلى أن جميع التنظيمات كانت لديها رغبة للعمل فى إطار العنف بعد هذا التاريخ.
واعتبر النجار أن جماعة الإخوان كانت تستفيد من هذه الحالة وتوظفها لصالحها، لافتا إلى عنصر آخر أسهم فى هذه الحالة العابرة للتنظيمات وهو عمليات تسفير الشباب إلى السودان، وسوريا، وليبيا ثم عودتهم مرة أخرى إلى مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة