واصل الدكتور يوسف زيدان فتح عدد من القضايا الجدلية الشائكة، والهجوم على عدد من الشخصيات التاريخية، حيث هاجم أمس، الخليفة الأموى عبد الملك بن مروان، قائلاً: "عبد الملك بن مروان رجل "سافل" لأنه هدم الكعبة مرتين، مرة وهو أمير، وأخرى وهو خليفة"، مضيفًا أن قبة الصخرة بنيت أولاً لتكون رمزًا للمسلمين بديلاً عن الحج، وتم تذهيبها، وكان يصلى فيها، وأراد أن يطاف حولها، موضحًا أن كثيرًا من التابعين رفضوا ذلك، ومن بينهم ابن تيمية.
ومسجد قبة الصخرة من أقدم المساجد فى الإسلام، إذ بنى فى 66 هجريا – 685 ميلاديا، داخل باحة المسجد الأقصى، على الصخرة المقدسة التى عرج منها النبى محمد إلى السماء فى رحلة الإسراء والمعراج، وهو عبارة عن بناء مثمن الأضلاع له أربعة أبواب، ذو قبة ذهبية، وفى داخله تثمينة أخرى تقوم على دعامات وأعمدة أسطوانية، فى داخلها دائرة تتوسطها "الصخرة المشرفة" التى عرج منها النبى محمد، وله.
وعن قصة بناء مسجد قبة الصخرة ظهرت العديد من الروايات والأقاويل حول سبب بناء المسجد، بعضها يساند وجهة نظر الدكتور يوسف زيدان، وبعضها ينفيها جملة وتفصيلا.
ومن الكتب والدراسات التى أيدت وجهة نظر زيدان فى أن سبب بناء "قبة الصخرة" ليطوف المسلمون حولها بدلاً من الكعبة:
قبة الصخرة – يحيى مصطفى عبد الحميد
يؤكد الكاتب فى دراسته أن الأمويين بعدما استولوا على الحكم واتخذوا دمشق عاصمة لهم وأصبح الشام ضمن الأمصار الإسلامية الخاضعة لسلطان الأمويين، وقام عبد الله بن الزبير بتنصيب نفسه خليفة على المسلمين فى مكة المكرمة، حيث كان من أشد المعارضين لبنى أمية، وكان الصراع بينه وبينهم طويلاً، حتى أطلق على نفسه اسم "العائذ بالبيت" فى إشارة لسيطرته على البيت الحرام بمكة المكرمة، فأمر عبد الملك بن مروان ببناء قبة الصخرة ليمنع المسليمن من زيارة الكعبة ويستبدلها بالصخرة المشرفة لارتباط المسلمين الوثيق بها باعتبارها المكان التى عرج منه النبى محمد إلى السماء، مستندا إلى حديث نسبه إلى (محمد) يقول "لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدى هذا والمسجد الأقصى"، موضحًا إلى أن "بن مروان" أراد أن يضارع المسجد فخامة الكنائس البيزنطية التى كانت منتشرة فى الشام ذلك الوقت.
عبد الملك بن مروان وآراؤه النقدية والبالغية – الدكتور عادل إبراهيم حنبل
وهى دراسة نشرت فى العدد الرابع من المجلة الليبة العالمية فى ديسمبر 2015، للدكتور عادل إبراهيم الأستاذ بكلية الآداب جامعة بنغازى، ويؤكد الباحث فى دراسته أن عبد الملك بن مروان، منع أهل الشام من الحج إلى مكة، وقام ببناء مسجد قبة الصخرة فى بيت المقدس، وعلق عليها ستور الديباج، وأقام لها سدنة، وأمر الناس بأن يطوفوا حولها بدلاً من الكعبة، وهو قام به الناس بالفعل خلال أيام بنى أمية.
أما الكتب والدراسات التى كذبت ذلك فكان منها:
كشف شبهات أعداء السنة – شحاتة محمد صقر
ورد المؤلف من خلال دراسته على أن أكثر المؤرخين ذهبوا بأن ما قام ببناء قبة الصخرة، هو الوليد بن عبد الملك وليس عبد الملك بن مروان، وأنه ليس هناك ما يفيد بأن ذلك لكى يحج المسلمون إليها بدلاً من الكعبة، كون ذلك كفرًا صريحًا لا يسكت عليه خصوصًا من خصوم بنى أمية.
ويرى المؤلف أن وجهة النظر ذلك يتبناها المستشرقون، ومن بينهم "جولد تسيهر"، مستندين إلى رواية عن الإمام الزهرى، بأنه هو من وضع حديث "لا تشد الرحال" لعبد الملك ليصرف الناس عن حج البيت الحرام، بسبب سيطرة عبد الله بن الزبير عليه، موضحًا بالنصوص التاريخية تقطع بإن "الزهرى" لم يلتقى "بن مروان" مطلقًا إلا مرة واحدة وكانت عام 82 هجريًا أى بعد وفاة "بن الزبير" المتوفى عام 73 هجريًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة