فى تكرار لما يعرف بوثائق بنما، نشرت صحيفة نيويورك تايمز، الأمريكية، تفاصيل سلسلة جديدة من الوثائق التى تظهر كيف يقوم رجال الاعمال والنجوم والأثرياء وحتى العائلات المالكة بإخفاء ثرواتهم، مشيرة إلى أن سجلات شركة واجهة خارج الولايات المتحدة أو ما يعرف بـ"الأوفشور"، تظهر أن ملياردير أمريكى إستطاع تأسيس واحدة من أكبر صناديق التحوط فى العالم فيما يمتلك أخر جزء من شركة متهمة بإستغلال الفقراء.
وأوضحت الصحيفة، فى تقرير مطول على موقعها الإلكترونى، اليوم الأربعاء، أن رجلى الأعمال جيمس سيمونز وورين ستيفينز، وهم أثنين من أكبر المستثمرين الأمريكيين، لجأوا إلى ملاذات ضريبية، عبر ما يعرف بالشركات الواجهة التى يستخدمها أثرياء العالم للبقاء بعيدا عن متناول جامعى الضرائب وأعين العامة.
وتشير الصحيفة إلى أن سيمونز كان المستفيد الرئيسى من صندوق تحوط خاص كان واحدا من الأكبر فى العالم. واستخدم ستيفنز شركة قابضة مبهمة لامتلاك حصة ما يقرب من 40% فى قرض أعمال، يوجه له مكتب حماية المستهلك الاتحادى تهمه غش الطبقة العاملة والفقراء الأمريكيين. وفى حين حقق ستيفنز ملايين الأرباح من الاستثمار فإنه ساعد فى تمويل حملة هجوم سياسية ضد المكتب دون أن يظهر طرفا فى الصراع.
تفاصيل الثروات الخفية لرجلى الأعمال الأمريكيين كشفتها ملفات شركة أبليبى، وهى شركة خدمات قانونية تأسست فى برمودا منذ أكثر من قرن من الزمان واعتبرت واحدة من أكبر شركات الواجهة فى العالم التى تساعد الزبائن على إنشاء ولايات قضائية فى الخارج مع معدلات ضريبية منخفضة أو منعدمة.
وتقول نيويورك تايمز إن مجموعة من الوثائق التى تصل إلى 6.8 مليون وثيقة، حصلت عليها صحيفة سوديتش تسايتونج الألمانية وتقاسمتها مع المنظمات الإعلامية من خلال مجموعة دولية للصحفيين الاستقصائيين، قدمت نظرة داخلية على خدمات الشركة والعملاء.
الوثائق المالية التى شملها التحقيق الصحفى تكشف كيفية استثمار الأثرياء فى العالم لثرواتهم، وشملت القائمة الملكة إليزابيث الثانية والمغنية الأمريكية الشهيرة مادونا، كما كشفت أن وزير التجارة الأمريكى المعين من طرف دونالد ترامب له أسهم فى شركة تتعامل مع روس فرضت عليهم واشنطن عقوبات. وأطلق على هذه التسريبات اسم باراديس بيبرز "أوراق الجنة"، وهى تضم حوالى 13.4 مليون وثيقة معظمها من شركة رائدة فى التمويل الخارجى.
وقالت "بى بى سى"، على شاكلة تسريب أوراق بنما العام الماضى، حصلت صحيفة سودويتش تسايتونج الألمانية على هذه الوثائق المالية ثم دعت الاتحاد الدولى للصحفيين التحقق منها ونشرها، وانضمت إذاعة "بى بى سى" إلى حوالى 100 وسيلة إعلام تحقق فى أمر هذه الأوراق.
وما نشر الأحد الماضى، يمثل جزءا بسيطا فى بحر أسبوع يسلط فيه الضوء على الملفات المالية لمئات من الأشخاص والشركات التى تربط بعضها صلات قوية بالمملكة المتحدة، وتركز بعض هذه التسريبات على كيفية استخدام الساسة والشركات متعددة الجنسيات والمشاهير للهياكل المعقدة للائتمان والمؤسسات المالية لحماية أموالهم من مسئولى الضرائب أو إخفاء معاملاتهم وراء حجاب من السرية. كما أن معظم هذه المعاملات لم تطلها أى مخالفات قانونية.
ومن بين الملفات التى ركزت عليها تسريبات الأحد، هو أن أحد كبار مساعدى رئيس الوزراء الكندى جاستين ترودو مرتبط بمعاملات خارجية قد تكلف البلاد ملايين الدولارات من الضرائب، وهو أمر محرج لترودو الذى تعهد فى حملته الانتخابية بإغلاق الملاذات الضريبية.
وتضم الملفات أيضا ما يخص اللورد أشكروفت، النائب السابق لرئيس حزب المحافظين تجاهل قوانين تخص كيفية إدارة استثماراته ما وراء البحار.وتشير تسريبات أخرى إلى أنه احتفظ بوضع قانونى يشمل غير المقيمين فى بريطانيا رغم أنه كان عضوا فى مجلس اللوردات، لكن تقارير أخرى تشير إلى أنه أصبح مقيما ودافع ضرائب فى بريطانيا.
وتظهر "أوراق الجنة" أن حوالى 10 مليون جنيه استرلينى من مال الملكة إليزابيث الثانية الخاص قد استثمر خارج بريطانيا. ووضعت هذه الأموال فى جزر كايمان وبرمودا دوقية لانكستر التى تمد الملكة بمدخولها، كما تشرف على استثماراتها التى تخص عقاراتها الخاصة المقدرة قيمتها بـ 500 مليون جنيه استرلينى.
وقالت القناة البريطانية، "لا يوجد انتهاك للقانون فيما يخص هذه الاستثمارات كما لا يوجد أى دليل على سيناريو التهرب الضريبى. لكن يبقى السؤال هل ينبغى للملكة الاستثمار خارج البلاد؟" كما سجلت استثمارات صغيرة فى متاجر البيع بالتجزئة المسماة برايثوس، التى اتهمت باستغلال الفقراء، وسلسلة ثريشرز التى انتهت بطرد حوالى 6000 آلاف شخص، لكن الدوقية تؤكد أنها لم تشارك فى اتخاذ القرارات المتخذة ولا توجد أى إشارة بأن الملكة كانت على دراية أو لها سابق معرفة بالاستثمارات المحددة التى نفذت نيابة عنها.
وقالت الدوقية فى الماضى إنها "تدرس بشكل مستمر نشاطاتها التى يمكن أن تؤثر سلبا على سمعة الملكة، وتستحوذ على أهمية كبيرة فيما يخص الاستثمارات المالية". ومن ناحية أخرى أسهم ويلبر روس فى تجنيب دونالد ترامب الإفلاس فى تسعينات القرن الماضى، وكوفئ نظير ذلك بتعينه وزيرا للتجارة عندما أصبح ترامب رئيسا.
وكشفت هذه التسريبات أن روس احتفظ بأسهم فى شركة شحن تكسب ملايين الدولارات سنويا لنقل النفط والغاز وتتعامل مع شركة طاقة روسية تضم قائمة مالكى الأسهم فيها صهر فلاديمير بوتين بالإضافة لشخصين آخرين يخضعان لعقوبات أمريكية.
ومن شأن هذه التسريبات أن تسلط الضوء مرة أخرى على صلة فريق ترامب بروسيا، ولا سيما أنه وجه باتهامات مفادها أن موسكو لعبت دورا كبيرا فى التأثير على نتيجة الانتخابات الأمريكية العام الماضى وهو ما وصفه بالأخبار الملفقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة