يبدو أن مدينة الرقة السورية تخلصت من جرائم تنظيم داعش الإرهابى لتسقط فريسة فى يد قوات سوريا الديمقراطية التى تقودها القوات الكردية المهيمن الرئيسى على المجالس المحلية فى مدينة الرقة، وتبدل المشهد من رفع رايات سوداء إلى رفع الرايات الصفراء فى ظل اختفاء لأى علم لسوريا سواء علم الثورة أو العلم الحالى للجمهورية العربية السورية.
وكشفت مصادر محلية فى مدينة الرقة لـ"اليوم السابع"، اليوم الاثنين، المعاناة البشعة التى يعيشها أهالى المدينة بسبب متاجرة الأكراد، منتقدة المتاجرة باسم الدين والجهاد تارة أو المتاجرة باسم الحرية والقضاء على الإرهاب بمدينة الرقة، واصفة الحالة التى تعيشها الرقة تحت البطش الكردى بـ"القهر والسوداوية" بسبب محاولات التغيير الديموغرافى وفرض المشاريع الخارجية والقادمة من جبال قنديل، والرغبة فى استبدال الحكم بأخر شوفينى يغطيه راية صفراء بشعارات الحرية والديمقراطية.
قوات سوريا الديمقراطية
وأكدت المصادر أن المخيمات التى أقامتها قوات سوريا الديمقراطية بؤرة للاستغلال والجشع الذى يتم ممارسته على النازحين من بيوتهم، والقادمين من مناطق دير الزور هربًا من المعارك الجارية، مشيرة إلى أن المخيمات تلك تحتوى على أعداد كبيرة تفوق طاقتها الاستيعابية فى ظل إهمال صحى كبير، موضحة أن مخيم عين عيسى المخصص لحوالى 5000 نازح، يقطنه حاليًا حوالى 25 ألف نازح يعد مثالا حيا على حجم المعاناة هناك.
وأوضحت المصادر، أن البيئة التى يعيش فيها النازحين فى المخيمات تعتبر بيئة خصبة لظهور حالات الاستغلال التى طالت الجميع من ذكور أو إناث.
ويروى "عبد الكريم الحسين" وهو أحد الفارين من جحيم مخيمات الأكراد لـ"اليوم السابع" تفاصيل ما يجرى فى المخيمات، مؤكدًا أنه تمكن من الخروج بعد دفع مبلغ 1200 دولار أمريكى، مشيرًا إلى أنه خرج من حى الدرعية جنوب مدينة الرقة عقب اشتداد القصف الجوى على المدينة.
دمار الرقة
ويضيف المواطن السورى: "خرجت رفقة عائلة مكونة من 12 شخصًا مع والدى المصاب بشظية فى قدمه وقد تقطعت بنا السبل فخروجنا كان ليلا ولم نعد نميز الطرقات، ولكننا استطعنا تحديد الشمال وذهبنا إلى هناك برفقة عائلات آخرى وجدناها فى طريقنا.. كانت الرحلة شاقة خصوصا بوجود مصابين معنا ووصلنا إلى مخيم عين عيسى لم نكن نتخيل أننا وقعنا فى مصيدة فقد أخذ الأكراد جميع وثائقنا والإثباتات التى معنا وتم وضعنا فى خيمة لا تكفينا، وعندما اخبرناهم أن أبى مريض ويحتاج إلى مساعدة طبية شتمونا وقال لنا أحدهم أنتم أنصار داعش لم نعد نعرف ما العمل وقد اكتشفنا بعد أيام أننا أصبحنا سجناء ولا سبيل للخروج إلا بدفع مبلغ مالى يصل الى 1200 دولار للخروج من هذا الجحيم".
حالة المواطن السورى عبد الكريم الحسين تمثل إحدى الحالات التى تتكرر يوميا فى مخيمى عين عيسى وحزيمة التى تعانى من الإهمال الصحى وعدم توافر النظافة، ومع دخول فصل الشتاء تحولت تلك المخيمات لأماكن يستفيد منها كبار الفاسدين فى قوات سوريا الديمقراطية، والتى تعتبرها تجارة تدر عليهم الكثير من الأموال.
ووفقًا للمصادر المحلية السورية، فالأموال التى تجمعها قيادات سوريا الديمقراطية تذهب بشكل مباشر إلى صندوق لتمويل حزب العمال الكردستانى وعملياته العسكرية، مشيرة إلى استغلال القائمين على تلك المخيمات حاجة العائلات للخروج إلى مناطق درع الفرات ويوفرون لهم طرق التهريب إليها مقابل دفع المال، موضحة أن العاجزين عن الدفع يخضعون لابتزاز من نوع آخر وهو الابتزاز الجنسى.
وكشفت المصادر عن تهريب عدد كبير من عناصر تنظيم داعش فى الرقة عبر أحد القائمين المخيمات إلى مناطق قوات "درع الفرات" المدعومة من تركيا ليتم تهريب "الدواعش" إلى تركيا، موضحة أن التكلفة فى هذه الحالة تحتاج لمبلغ ضخم يقدر بـ" 30 ألف دولار، مؤكدة وجود شبكة مختصة لدى قوات درع الفرات التى تدعمها تركيا تتولى مهمة تهريب الدواعش الأجانب إلى تركيا وذلك بمقابل مادى كبير، مشيرة لتولى شخصيات كبيرة فى تركيا عمليات دفع الأموال للمقاتلين الأجانب من الدواعش لتهريبهم إلى أوروبا.
تنظيم داعش
وأكدت المصادر، أن قوات سوريا الديمقراطية "قسد" تقوم بالتجنيد الإجبارى لكل الشباب السورى دون استثناء، مشيرة لقيام القوات الكردية بتجنيد الشباب المقيمين فى المخيمات والهاربين من الرقة وإرغامهم على القتال فى الصفوف الأمامية أثناء معارك الرقة.
ويروى "معاوية الحمادة" أحد الفارين من التجنيد الإجبارى الذى تمارسه القوات الكردية لـ"اليوم السابع"، قائلًا: "لم يكن يخطر فى باله أن يكون فى يوم من الأيام مقاتل فى صفوف قوات سوريا الديمقراطية، مضيفا: "لن أنسى منظر أصدقائى حين هاجمنا تنظيم داعش بسيارة مفخخة قتلت أكثر من 15 شخصا منا، وحالفنى الحظ بالنجاة وبعدها هربت نحو مناطق درع الفرات وأنا الآن أقيم فى تركيا".
ولا يزال الشباب السورى المتواجد فى المنطقة الغربية والشمالية لسوريا تحت وطأة قوات سوريا الديمقراطية التى تفرض التجنيد الإجبارى، حيث تنقل القوات الكردية المجندين لمناطق الصراع فى دير الزور لقتال تنظيم داعش، وتتعهد بدفع المستحقات المالية لهم بعد حصولها على العائدات النفطية من حقول النفط المتواجدة فى دير الزور.
ويقول "أحمد الحمزة" أحد الشباب السوريين الذين تم تجنيدهم بشكل إجبارى لـ"اليوم السابع": المشكلة الأساسية التى يعانى منها الشباب الذى تم تجنيده مع قوات سوريا الديمقراطية عدم توفير الدعم، فعندما تم حصارنا فى إحدى المناطق وطلبنا الدعم من قوات "قسد" أجابنا القائد الكردى هل يوجد بينكم أكراد؟ فقلنا له: لا يوجد أحد من الأكراد فقال فى هذه الحالة يمكنكم أن تموتوا فأنتم العرب جميعكم دواعش"، مؤكدًا أن قوات سوريا الديمقراطية أعلنت أن من لم يلتحق قبل نهاية العام الجارى للتجنيد سيعرض نفسه للسجن.
فيما تؤكد المصادر السورية، منع قوات سوريا الديمقراطية للسوريين من العودة للمناطق المحررة بذريعة وجود الألغام، مشيرة لدخول عدد كبير من السيارات إلى تلك المناطق وهى محملة بالأثاث والمسروقات، موضحة أنه تم تفريغ المنطقة الصناعية بالرقة من كافة الأدوات والعدد الصناعية الموجودة فيها وتم تفريغ أحياء بأكملها.
فيما أكدت مصادر سورية بيع حى بأكلمه لمتعهد يقوم بإفراغه بشكل كامل من كافة المحتويات، مشيرة إلى رفض قوات سوريا الديمقراطية السماح للأهالى بالعود إلى بيوتهم، ومن يتم السماح له عليه دفع مبلغ مالى يصل إلى 1000 دولار، موضحة أن قوات "قسد" لا تسمح له بإخراج شئ من البيت أو تصوير محتوياته كى لا يعتبر التصوير شاهد على وجود الأثاث.
أما بالنسبة للأحياء التى داخل مدينة الرقة، فلم يسمح بالدخول إليها بسبب وجود الألغام حسب زعم قوات سوريا الديمقراطية، ويقول أبو مايا وهو أحد سكان الفردوس "كيف يقولون أن هناك ألغام ولا يمكن الدخول وقد قاموا باحتفال كبير فى الملعب البلدى الموجود ضمن الفردوس وكانت أعدادهم بالمئات وأيضًا عند دوار النعيم ولم ينفجر عليهم أى لغم، أم ان الألغام ستنفجر فقط على العائدين لتفقد بيوتهم ولن تنفجر على قوات سوريا الديمقراطية".
ويتابع "أبو مايا" فى روايته حول الانتهاكات التى تقوم بها قوات قسد، قائلًا: "الحواجز المنتشرة لقوات سوريا الديمقراطية تقوم بعمليات نهب للأهالى بحجة أنهم من داعش وبعد الحصول على المال أو المصاغ الذهبى يتم طردهم من الحاجز وتهديدهم بقوة السلاح للابتعاد".
وتمثل التجاوزات والانتهاكات التى تقوم بها قوات سوريا الديمقراطية سلسلة طويلة يتم ممارستها على الأهالى السوريين وسط صمت تام ومخزى للمجتمع الدولى والدول المعنية بالِشأن السورى، والمستغرب هو ضم قوات سوريا الديمقراطية لعدد من عناصر تنظيم داعش الإرهابى وهو ما يطرح عدد من التساؤلات حول الصفقة الأخيرة التى أبرمها الدواعش مع قوات سوريا الديمقراطية للخروج الآمن للإرهابيين من مدينة الرقة، فى ظل الشائعات والأكاذيب التى ينشرها الأكراد عن موافقة قوات التحالف الدولى على الانتهاكات التى تمارسها قوات سوريا الديمقراطية، وإنها تتم بالتنسيق مع المسئولين الأمريكيين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة