فى مطار القاهرة الدولى، تتجلى ملامح تنظيم حدث كبير.. القاهرة تتأهب، ترسل ضيوفها إلى شرم الشيخ، العاصمة الكبيرة تكتسى باللون الأزرق، شعار "منتدى شباب العالم"، ذلك الحدث الدولى الكبير تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى يرفرف وفوقه وجوه من مختلف الألوان والأجناس.
فى الصالة المخصصة للسفر الداخلى، شباب من كل الجنسيات، يعبرون البوابات الإلكترونية التى زادها رجال الشرطة حذرًا ودقة، ومصر للطيران الناقل الرسمى، تستعد هى الأخرى، تخصص موظفًا على الأقل للذاهبين إلى المنتدى، يقابلك أحدهم بابتسامة ويسأل إذا كنت مدعو إلى الحدث الكبير أم لا، وبنفس الود يرشدك إلى مقعدك ويسلمك بطاقة الصعود إلى الطائرة.
فى الطريق إلى بوابة الطائرة، ترى شبابًا يبدأون رحلة التعارف، طلاب جامعة الإسكندرية يتعرفون على رفاق جدد من نفس أعمارهم، حسين من كوسوفو، بملامح أوروبية واسم عربى يبتسم ويقول "السلام عليكم"، يبادله عمرو التحية، ويسأل كل منهما الآخر عن عمله وهويته، الود ينشأ من هنا، قبل أن تجمعهما لقاءات فى المنتدى حول قضايا الثقافة والنزاعات والحضارة والحروب.
رحلات كثيرة إلى شرم الشيخ وفى مواعيد مختلفة، يقول أحد عمال المطار الذى يقف إلى جوار طاولة طعام ومشروبات مجانية للمشاركين فى المنتدى، وحولها فتيات شقراوات يتحدثن الروسية، ويتجاذبن أطراف الحديث مع مصريات أخريات يرتدين الحجاب، والإنجليزية هى اللغة الوسيطة.
"اسمى ايسوم.. جئت من روسيا للمشاركة فى هذا المنتدى الدولى"، تقول إحدى المشاركات وهى تستلقى على مقعد جلدى بصالة المطار، وتضيف: "هذه هى زيارتى الأولى لمصر، رغم إننى سمعت عنها كثيرًا من أصدقائى الذين يفضلون قضاء الصيف بالغردقة وشرم الشيخ قبل انقطاع رحلات الطيران بين البلدين".
تؤكد "أيسوم" التى تبلغ من العمر 22 سنة، أنها تعرفت على الملتقى من خلال موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، ثم سجلت اسمها وبياناتها على الموقع وتواصلت معها اللجنة المنظمة.
وتصف أيسوم أعضاء اللجنة بـ"الكفاءة الشديدة" فهم الذين حرصوا على إتمام حجوزات الطيران والفنادق لها منذ أن سجلت بياناتها وحتى وصولها إلى مطار القاهرة، ومنه إلى شرم الشيخ، وتبدى سعادتها باستقبال المصريين وبالود الذى لاقته منذ وصولها من بلدها وهى تشعر أنها ستشارك فى حدث دولى كبير.
إلى جوارها، كان شاب آخر من روسيا "إلكسندر" الذى يجيد اللغة العربية، ويدرس العلوم السياسية بجامعة موسكو وحصل على درجة الماجستير فى شئون الشرق الأوسط، يؤكد أنه شارك فى الملتقى بنفس الطريقة، حتى إنه سيلقى كلمة عن تأثير الحرب فى سوريا على الأوضاع الإقليمية فى الشرق الأوسط اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا.
ويأمل إلكسندر، أن يخرج بصداقات كبيرة من هذا الملتقى حتى إنه تعرف على "أحمد على" المشارك المصرى الذى تخرج من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ويبدى اهتمامه بقضية التغيرات المناخية والتنمية المستدامة.
يرى أحمد أن مصر دخلت عهدًا جديدًا منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى الحكم، وبدأت فى استعادة دورها الإقليمى والعالمى، ففى هذا الأسبوع ستتجه أنظار العالم كله إلى شرم الشيخ، مضيفًا: "نتمنى أن ينعكس المنتدى على سمعة مصر الدولية ويسهم فى استعادة السياحة عبر مشاركة مئات الشباب فى 47 جلسة بالمنتدى".
تقطع الإذاعة الداخلية للمطار حديث أحمد وصديقه الروسى، صار على الجميع أن يتجه نحو بوابة الطائرة التى ستقلع بعد قليل، وأمام البوابة الأخيرة يبدى رجل الشرطة المكلفة اهتمامًا كبيرًا بتفتيش حقائب اليد الصاعدة إلى الطائرة، فيستخرج ولاعات وآلات حادة من حقائب المشاركين حملوها إلى الطائرة بغير قصد، يلقيها الشرطى فى سلة مهملات جواره وهو يؤكد للجميع أن تلك الإجراءات حفاظًا على سلامة الركاب.
فى الطريق إلى الطائرة، يظهر الكابتن مجدى عبد الغنى صاحب هدف مصر الوحيد فى كأس العالم، يستوقفه الشباب لالتقاط الصور التذكارية معه، ويداعبه أحدهم بالقول "صعدنا كاس العالم ومش هتذلنا يا كابتن مجدى"، يبتسم عبد الغنى ويؤكد أنه تلقى عزومة على العشاء من محمد صلاح فى لندن كحلاوة للصعود إلى المونديال، ويواصل إطلاق الأفيهات حول هدفه الوحيد.
فى الطائرة، يمتثل الركاب لتعليمات السلامة، إلا أن صوت الضحك والنقاش بعدة لغات يتداخل مع إذاعة الطائرة الداخلية التى تأمر الجميع بربط أحزمة الأمان.
بعد ساعة ونصف، تهبط الطائرة فى مطار شرم الشيخ الدولى، التى تبتسم للمشاركين بنسمات نوفمبر الباردة، وتكتسى أتوبيسات المطار بشعار المنتدى الأزرق وتلك الوجوه الباسمة فوقه، ينزل الركاب من الطائرة رويدًا ويلتحقون بالأتوبيسات التى تقلهم إلى صالة الوصول، وفى الصالة تستوقف أسرة المنتدى الواصلين لالتقاط صورة تذكارية مع الشعار we need to talk.
تعبر بوابة الوصول الأولى، وأمام سير الشنط، ترى طاولات المنتدى، شباب وشابات يرتدون شارات المنتدى، ويسألون الضيوف عن ألوانهم، كل ضيف له لون أرسل له عبر "الإيميل"، يمثل اللون فندقًا محددًا من بين فنادق الإقامة، اللون الأحمر هو لون الإعلاميين غالبًا، أما اللون الأزرق فهو لون الشخصيات العامة وكبار رجال الدولة، البرتقالى لشباب الجامعات، إلا أن هذه القسمة ليست دائمًا صحيحة، ففى كل فندق أطياف مختلفة من المشاركين.
بعد دقائق، تبدأ السيارات التى تنقل المشاركين إلى الفنادق فى الوصول، سيارات مكيفة ونظيفة، وسائقون متعلمون وودون يرحبون بالواصلين إلى مدينة السلام، فى الطريق إلى الفندق، تظهر أعلام الدول المشاركة، أشجار الأرز اللبنانية، وأعلام تونس الخضراء، علم روسيا، وعلم المكسيك، والعلم المصرى يرفرف فى المنتصف كصاحب بيت يرف بثوبه على جميع الضيوف.
فى الفندق، تقابل الإعلام المصرى كله، وكأن مدينة الإنتاج الإعلامى صارت مهجورة، الصحفيون بنقيبهم عبد المحسن سلامة، وعشرات من رؤساء تحرير الصحف الخاصة والقومية، مقدمو برامج "التوك شو" ومذيعو النشرات، ومقدمو البرامج الرياضية، كلهم فى فندق واحد.
على العشاء، كانت استعدادت يوم الافتتاح تسيطر على أحاديث الضيوف، مديرو جلسات المنتدى أيضًا كانوا يتناقشون ويرتبون خططهم لهذا الحدث الدولى الكبير.
أما شوارع شرم الشيخ، فقد تأهبت تمامًا لمباراة النادى الأهلى أمام مضيفه الوداد المغربى، كافيهات ومطاعم خليج نعمة كاملة العدد، ميدان سوهو الكبير استعد هو الآخر ووضع شاشة عملاقة لمشاهدة المباراة المهمة.
أما فندق الإعلاميين، فخصص مسرحه لنقل تلك المباراة، تراص الجميع على درجات ساحته، ينفعلون إذا أخفق الأهلى، ويصفقون لمدافعيه إن أجادوا، حتى انتهت المباراة بخسارة الأهلى، ثم ذهبوا لاستلام تصاريح دخول المنتدى وحفل افتتاحه غدًا.
فى مكتب صغير، عادت اللجنة المنظمة للظهور، كشوف بالأسماء يتسلم صاحب كل اسم منها ظرف يحوى دعوة حضوره، وبطاقة تحمل اسمه وهويته، بعدها، حان موعد الصعود للغرف، الاستعداد ليوم غد الطويل، بالكثير من الترقب والأمل فى المنتدى الدولى الأول الذى تستضيفه مصر لدعم الشباب والاستماع لهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة