"فى رحاب الأحبة" هكذا يجتمع الشمل فى كل عام بمحافظة أسوان، للاحتفال بمولد خير البرية ورسول الإنسانية، وهو الاحتفال الذى يحرص على إقامته أتباع الطرق الصوفية منذ أكثر من 50 عاماً مضت، ويجتمع له الآلاف من المريدين يتوافدون من كل محافظات الصعيد للاجتماع هذا اليوم.
قال الشيخ محمد عبد العزيز، وكيل وزارة الأوقاف السابق، إن أسوان تحرص على إقامة هذا الاحتفال كل عام فى موعده ليلة الثاني عشر من شهر ربيع الأول، ويحضره الحشود الذين يتوافدون على أسوان من كل محافظات الصعيد، ليجتمعوا على هدف واحد وهو حب رسول الله وإحياء ذكرى مولده.
وأضاف وكيل وزارة الأوقاف السابق، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن برنامج الاحتفال يبدأ عقب صلاة العصر بتجمع الطرق الصوفية أمام ساحة المدينة بمدينة أسوان، وينطلقون فى مسيرة حب وتهليل ومديح بكورنيش النيل وصولاً إلى منطقة أرض المعارض، والتى يستمر فيها باقى برامج الاحتفالية حتى فجر اليوم التالى.
وأكد الشيخ أحمد عبد الراضى، أحد أتباع الطريقة الشاذلية، بأنه يحرص على حضور الاحتفالية فى كل عام، أسوة بما كان يفعله والده قديماً والذى كان يحرص أن يصحبه مع باقى أفراد الأسرة إلى مكان الاحتفال بذكرى مولد الحبيب المصطفى، وحضور حلقات الذكر والاستماع إلى كبار المنشدين من بينهم الشيخ ياسين التهامى، والشيخ أمين الدشناوى.
وأشار عبد الراضى، إلى أن الاحتفالات تبدأ من أمام ساحة المدينة بمدينة أسوان، وتتجمع الطرق الصوفية ويبلغ عددها نحو 33 طريقة كل واحدة منهم ترفع العلم الخاص بها، ذات لون معين، ويغلب على هذه الأعلام اللون الأخضر ومنها أيضاً الأسود والأحمر وغير ذلك من الالوان، مضيفاً أنه بعد ذلك تنطلق "الطوافة" بكورنيش النيل في موكب صوفي حاشد بواسطة الخيول والسيارات وأعلام الطرق الصوفية، ثم شارع صلاح الدين ومنه إلى منطقة الطابية وحتى نهاية المسيرة في موقع الاحتفالات بأرض المعارض.
وتابع أن المسيرة تشهد تفاعلا كبيرا من أهالي أسوان، الذين يصطفون على أرصفة الشوارع لمشاهدة الطرق الصوفية خلال مسيرتها، وتقوم الأسر وأصحاب المحلات بتوزيع الحلوى والمثلجات وبعض الأطعمة الأسوانية الشهيرة التي تعد خصيصا لهذه المناسبة من بينها "البليلة والأرز باللبن وغيرها" ابتهاجا بذكرى المولد النبوي.
واستكمل أشرف أمين سعد الدين، شيخ عموم الطريقة الرفاعية، الحديث عن احتفالات المولد، قائلاً: إن هذه الاحتفالات تعود لفترة الستينات حيث كانت تقام بمنطقة الطابية، قبل نقلها إلى موقعها الحالي بالقرب من مستشفى القوات المسلحة ومستشفى الحميات، لافتاً إلى أن كل طريقة تقيم سرادق خاص بها لاستقبال المحبين والمريدين.
وأكد "سعد الدين"، أن العديد من الأسر الأسوانية تحرص في هذه المناسبة على زيارة قبور موتاهم، والأضرحة التي تشهد إقبالا ملحوظا، مؤكدا أن الاحتفالات تستمر حتى فجر يوم الثاني عشر من ربيع الأول وسط حضور أكثر من 50 ألف شخص من أبناء أسوان والمحافظات المجاورة، مشيراً إلى أن الاحتفالات تستمر حتى فجر يوم الثانى عشر من ربيع الأول.
محافظ أسوان اللواء مجدى حجازى، أكد أن الاحتفال بمولد سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) هو احتفال بالعظمة الإنسانية فى أعلى مقاماتها وتجلياتها لتجدد صفاء النفوس فيفوح شذى عبيرها العظيم فى أرجاء الكون ليعطى ذلك لنا الدرس والعظة فى بلوغ رسالة الإصلاح والدعوة الإسلامية لأهدافها السامية ونحن نواجه التحديات والمشاكل والهموم اليومية ، فهذه الرسالة السامية قامت على العلم والحوار العقلى والموضوعى والتقارب والتسامح والعفو وليس التصادم والتناحر والعنف بين الأفكار والثقافات والحضارات البشرية فنرى الفلاسفة والحكماء يتحدثون عن صفات الرسول الكريم ليؤكدوا على علمه وشجاعته وصدقه وفكره وسماحته ، وأيضاً فى استراتجيته لبناء الدولة الإسلامية وقبلها الإنسان المسلم فالدول لا تبنى فقط بالحجر وإنما بالبشر أيضاً وهو الذى يدفعنا لضرورة الاقتداء بأخلاق نبينا الكريم فى عالم يسيطر عليه الفكر المادى وروح الخلافات، كما يدفعنا بأن نهتدى بهديه ونسير على نهجه النبوى الشريف فى المعاملات قبل العبادات.
ولفت المحافظ إلى أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عظيماً فى مولده وعظيماً فى حياته وسياسته وإدارته وقيادته للأمة ، وأيضاً فى حديثه وبلاغته ، كما كان معلماً فى آدابه ومعاملاته كأب وزوج ، ومع المسكين واليتيم والصغير والكبير وحتى مع أعدائه كان يعلى الرحمة والإنسانية لتفرد له المجلدات والموسوعات والسير على مدار التاريخ الإنسانى ، لينفق المؤرخين حياتهم فى سيرته الشريفة ومازال فيضه مستمراً لعصرنا هذا لنصل لهذه اللحظات النورانية المباركة التى تجمعنا فى ذكرى مولد خاتم النبيين الذى اكتملت بمولده أسمى وأرقى مبادئ الإنسانية الحقيقية بسموها وعظمتها لتبدأ مع أشرف المرسلين رسالة الإصلاح والتنوير فى الفكر والحضارة والعلم والأخلاق الرفيعة.
واستطرد حجازى الحديث بأن إحياء ذكرى مولد نبينا الكريم تعتبر بمثابة طوقاً للنجاة واستلهاماً للسير ليعيد صياغة تاريخ البشرية ويبنى حضارة عظيمة أساسها العمل الجاد والتماسك والمحبة بين أفراد المجتمع الواحد، فكان صلى الله عليه وسلم مدرسة فى فن التعامل مع الآخرين حيث ضرب رسولنا الحبيب أروع الأمثلة لاحترام حقوق الأخرين أى كانت ديانتهم أو انتمائهم ليكون سفيراً لمكارم الأخلاق والمعاملات ، مقدماً التهنئة باسم أبناء أسوان للقيادة السياسية والتنفيذية بهذه المناسبة الجليلة ، وأيضاً لأهل هذه المحافظة العريقة ، ولعلماء الدين الإسلامى والمسيحى ومشيخة الطرق الصوفية الذين أفاضوا من علمهم الغزير وتناولوا الجوانب المتعددة من شخصية الرسول وأخلاقه الحميدة وسيرته العطرة خلال فاعليات الاحتفال.
جانب من احتفالات المولد النبوى بأسوان
السيدات يشاركن فى الاحتفالات
الطرق الصوفية ترفع الأعلام الخضراء
المسيرة بميدان المحطة بأسوان
جانب من المشاركين فى المسيرة
جانب من الاحتفالات
الخيول فى الاحتفالات
الشرطة تؤمن الاحتفالات
فرحة الأطفال خلال الاحتفالات
جانب من المسيرة بكورنيش النيل
الخيول خلال المسيرة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة