الحادثة الإرهابية الكارثية التى حدثت يوم الجمعة الماضى فى مسجد الروضة ببئر العبد بالعريش بالدغم من بدائية التنفيذ وكارثية النتائج فإنها لن تكون آخر هذه العمليات الإرهابية التى تقترفها هذه التنظيمات. وبالرغم من اتساع دائرة العمليات الإرهابية التى وصلت الآن إلى كل مكان فى العالم والتى تتخذ أساليب متعددة فى التنفيذ مثل التفجير والتفخيخ والدهس والطعن مازلنا نرى أن مصر هى الهدف الأهم والاستراتيجى لهذه المنظمات.
هذا لأن مصر كما يطلقون عليها فهى رمانة الميزان للمنطقة وهى عمود الخيمة للعرب والمسلمين فإذا كسر هذا العمود فعلى الخيمة وقاطينها السلام. والأهم فإن مصر هى الدولة وذلك الشعب الذى أوقف ذلك المخطط وتلك الاستراتيجية التى كانت ومازالت تهدف إلى إقامة الخلافة الإسلامية التى انتهت بعد سقوط الخلافة العثمانية والتى كان يمكن تحقيقها بين لحظة وأخرى خاصة بعد وصول جماعة الإخوان إلى الحكم. فوصول هذه الجماعة إلى حكم مصر قد أعطى الأمل وأطلق الضوء الأخضر لمسيرة الخلافة حتى أننا وجدنا كل الاتجاهات وكل التنظيمات بشتى مدارسها وبالدغم من خلافاتها التكتيكية تتفق فى الهدف الاستراتيجى وهو إقامة الدولة الإسلامية. وهذا ما وجدنا دلائله عندما تكالب الجميع على مصر بعد 30 يونيو وبعد إسقاط الإخوان.
وما كان تهديد محمد البلتاجى فى رابعة جهاراً نهاراً عندما قال إن العمليات الإرهابية التى تتم فى سيناء ستنتهى فى اللحظة والتو لو عاد مرسى إلى كرسيه خير تأكيد على ما يجمع تلك التنظيمات من هدف واحد ووحيد. وعلى ذلك تصبح مصر نظامها السياسى هو الهدف المصوب إليه أسلحتهم طوال الوقت. ورأينا ما تم بعد فض رابعة ومازال من عمليات إرهابية فاقت الحدود وحولت المواجهة إلى حرب حقيقية تأخذ أشكالاً غير تقليدية مستغلين ما يسمى بحروب الجيل الرابع والخامس. هنا كما قال السيسى فمصر الآن تحاب وتواجه الإرهاب نيابة عن العالم كله. فتأكيد السيسى فى الرياض على أن الإرهاب بعملياته ليس هو المشكلة الوحيدة ولكن الأهم هو الذى يساعد ويمد ويوجه ويخطط ويأوى هذا الإرهاب.
ولذلك نرى هذه التنظيمات الإرهابية ومن يقف وراءها لا يسعدهم استقرار النظام ولا يريدون هذا التقدم ولا تلك التنمية. فهم لا يهدفون إلى إسقاط النظام فقط ولكنهم يسعون إلى إسقاط الدولة وإفشالها. وهذا ما نراه ونلمسه من قبل تلك الدول المعروفة بعدائها لمصر ولنظامها. ولأن المصالح هى دائماً ما تتصالح نرى الدول لا تقدم ما يجب ولا تحارب بالحق هذا الإرهاب ولكن لا نرى غير الشجب والتصريحات الفارغة والمساندة الشعاراتية والمجاملات الدبلوماسية. وعملية مسجد الروضة بالرغم من فداحة نتائجها ولكنها لا شك قد أسقطت كل الأقنعة وأضاءة كل الأنوار على تلك التنظيمات التى تتدعى أنها تدافع عن الإسلام وعن المسلمين، هذه التنظيمات التى تستغل مشاعر وعواطف المتدينين المتأججة لما يمثله الدين لكل متدين من أهمية خاصة وتلعب على هذه الأوتار بمقولات الدولة الإسلامية ودفع الصائل وتحقيق الحاكمية لله وإقامة دولة الإسلام التى تحقق الشريعة الإسلامية كل هذه المقولات قد سقطت بعد حادثة مسجد الروضة.
فعندما يعتدون على الأقباط وكنائسهم وممتلكاتهم باعتبارهم الآخر الدينى لا مانع لدى الذين تم غسل عقولهم عندما يتم الاعتداء على الشرطة والجيش فهؤلاء تابعين للنظام الذى أسقط مرسى والذى عطل تحقيق الدولة الإسلامية عندما يتم تخريب المؤسسات واختلاق الأزمات الاقتصادية لا مانع حتى ينهار الاقتصاد وبعده النظام حتى يعود مرسى كما يتوهمون ولكن عندما يعتدون على المسجد ويقتلون بل يحصدون مسلمين يصلون فى المسجد مسلمين نفوسهم بين يدى الله وفى يوم جمعة فهل الاعتداء على المسجد، بهذه الخسة وتلك الندالة دفاعاً عن الإسلام ومواجهة لتلك المؤامرة التى تحاك ضد الإسلام هل قتل وسحق المسلمين فى المسجد وهم يصلون إلى الله حماية ودفاع عن المسلمين؟ هل بهذه الممارسات وبتلك الأفعال يريدون بناء الدولة الإسلامية ويطبقون الشريعة؟ هنا يا سادة قد انكشف المستور فهؤلاء يتاجرون بالإسلام ويستغلون عواطف المسلمين لصالح تحقيق مصالح خاصة وأوامر تنظيمية ولصالح دول لا تجد لها تواجدا بغير إفشال مصر، هؤلاء يسخرون الدين لصالح السياسة. فهل نعى الدرس جيداً؟ وهل نقرأ الحدث فى إطاره الجديد والمتصاعد الذى يدل على إفراغ أيديهم من الأوراق فلم يتبقَ غير الاعتداء على المساجد المطلوب تحرك عاجل على أرض الواقع بعيداً عن الكلام وردود الفعل المعتادة والمكررة والمملة والتى تتبخر بعد الحادثة انتظاراً لأخرى.
الإشكالية الأساسية هى قبول الآخر. فهؤلاء لا يقبلون الآخر الدينى والسياسى وحتى الآخر المشترك فى الدين، فالذين استشهدوا مسلمون ولكن لا يتفقون معهم فى أفكارهم فهم آخر كافر فأين قبول الآخر فى المؤسسات الدينية إسلامية ومسيحية؟ أين فى الإعلام الذى أصبح يعتمد على تأكيد وتكريس رفض الآخر بديلاً للحوار الموضوعى؟ أين الآخر فى التعليم فى مناهجه وسلوكه وأنشطته؟ أين دور قصور الثقافة ومراكز الشباب ودور المساجد والكنائس فى التحرك العملى وعقد اللقاءات الثقافية التى تركز على قبول الآخر؟ الأمر جد وخطير. والمواجهة صعبة وقاسية وتحتاج مجهود وقناعة وتوافق واتفاق الجميع بلا استثناء. الأمن لن يكون الحل.
فالأمن يواجه الإرهابيين ولكن على الجميع أن يواجه الإرهاب فكراً وسلوكاً. أين المجلس القومى لمكافحة الإرهاب وهو يضم كل الوزراء الذين يقع فى اختصاصهم تلك المواجهة عدا وزير الثقافة غير الموجود فى التشكيل؟ أين الخطط العملية والملزمة لبداية حقيقية تواجه الإرهاب هذا قدرنا وقدر مصر. والحمد لله مصر وشعبها قادرون على دحر الإرهاب هكذا يقول التاريخ وتثبت الجغرافية ويؤكد الواقع. وهذا بكل جهد وتوافق المصريين حمى الله مصر وشعبها العظيم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة