-الإسعاف: اثنان من موظفينا بين الشهداء
- تشديدات أمنية بمحيط المسجد والنيابة تباشر التحقيقات
ودع أهالى قرية الروضة شمال سيناء شهداء مسجد الروضة، وزف الأهالى جثامين الشهداء لمثواهم الأخير فى مواكب جماعية انطلقت من مكان استشهادهم بالمسجد حتى مقابر منطقة مزار، وفيها جرى دفنهم فى 10 مقابر استعان الأهالى باللوادر لحفرها.
وضمت الجثامين أبناء القرية والمقيمين فيها من أبناء مراكز المحافظات الأخرى، بينهم 30 طفلاً دون سن العاشرة، وأكثر من 160 مسنًا فوق سن الستين، إضافة لشاب معاق وآخرين من الشباب بينهم طلبة جامعات وطلبة مراحل ثانوية، تم موارتهم التراب ليلاً على أضواء الشموع، وتطوع للمشاركة فى دفن الجثمان عدد كبير من الأهالى بعد نقلوهم مجموعات فى صناديق سيارات نصف نقل ملفوفين فى بطاطين، ومن بين الشهداء 10 آسر بأكملها تضم الجد وأبناءه وأحفاده، ونحو 17 آخرين من الآباء وأبنائهم، واستمرت فترة نقل جثامين الشهداء ودفنهم 5 ساعات متواصلة.
ورصد "اليوم السابع" مشهد آثار حادث مسجد الروضة الإرهابى، حيث قام الأهالى بنقل آخر جثمانين من مكان الحادث ودفنهما، ولا تزال آثار الجريمة داخل المسجد شاهد عاين على تلك المجزرة، وتبين وجود آثار 4 قنابل يدوية أطلقها المسلحون على المصلين أثناء صلاتهم، وبقايا من متعلقات المصلين، ومن بينها "عوقال وطواقى" ملطخة بالدماء، وكراسى متحركة يستخدمها المعاقون وكبار السن وآثار طلقات نارية على الجدران.
كما كشف مصدر مسئول بمرفق إسعاف شمال سيناء، إن إثنين من موظفى المرفق استشهدا فى الإعتداء الإرهابى الجبان على مسجد آل جرير بالروضة بمركز بئر العبد.
وحسب تصريحات المصدر لـ"اليوم السابع" استشهد العربى إبراهيم عبد ربه، عامل بنقطه لاسلكى الروضة، وسليمان الجمال، سائق إسعاف نقطة الجدى، وتم نقل جثامين الشهيدين إلى مسقط رأسيهما.
وفرضت قوات أمن شمال سيناء طوقًا أمنيًا محكمًا حول قرية الروضة، وانتشرت مدرعات وآليات أمنية على مدخل القرية، وأقامت القوات أكمنة تدقق فى هوية كافة زوار المكان.
وفى الوقت الذى تعيش فيه القرية أجواء وملامح الحزن، عكف فريق أمنى من المحققين وفريق من النيابة العامة فى إجراء التحقيقات حول ملابسات الحادث، وعمل المعاينات التصويرية والحصول على أدلة من فوارغ وآثار الطلقات النارية المستخدمة، وسؤال شهود العيان.
مقبرة مزار
مقبرة مزار التى ضمت جثامين الشهداء بملابسهم التى استشهدوا بها، وعليها آثار طلقات الرصاص والدماء التى غطت ملامحهم ووجوهم الباسمة تبعد عن موقع الحادث 3 كم، وهى مكان متسع تتنتشر فيه قبور موتى قرى غرب العريش،وسبق فى غضون السنوات الثلاث الأخيرة وتعرضت 3 أضرحة لمشايخ صوفية من الأولياء الصالحين فيها للتفجير والهدم على يد مجموعات تكفيرية.
قرية الروضة
بدت قرية الروضة حزينة وهى تعيش أجواء ما بعد الكارثة، مسجد القرية الذى شهد المجزرة أخلى من الجثامين بعد احتضانها لنحو 9 ساعات متواصلة،
وبقيت دمائهم لم تجف على بساطه الأخضر، ومتعلقات متناثرة لشهداء بينها "شالات بيضا وعقالات سوداء كانت تغطى رؤس كبار السن من المصلين الذين يحرصون على الذهاب للمسجد وهم يرتدون حلتهم العربية الأصيلة كل يوم جمعة.
زواية الروضة
بجوار المسجد تقع زواية الروضة، وهى مقر الطريقة الجريرية الأحمدية، عبارة عن متسع مغطى بالعريش فيه كان يجلس أبناء الطريقه لتلقى الدروس، والاجتماع واللقاء، وخلت الزواية من مرتاديها الذين استشهد السواد الأعظم من بينهم فى المجزرة، ولم تبقى من آثارهم إلا بعض مقتنيات متواراثة، ومنها أدوات القهوة والشاى ومكان إشعال النار، وعقود سبح معلقة على جدران المكان.
منازل القرية
اتشحت منازل القرية بالسواد، ومن بين المنازل من لم يتبقى فيها غير السيدات والأطفال، ولا أحد يحضر ليعزى أحد فالجميع مكلوم، وبحسب التقديرات الأولية أن من بين الشهداء 240 شخصا هم من أبناء القرية وآخرين نزحوا إليها من مناطق الشيخ زويد ورفح، وموظفين من محافظات مصر المختلفة يقيمون فيها، حيث يعملون فى المدارس والوحدة الصحية ومكاتب البريد ونقاط الإسعاف.
وقال أهالى، أن بعض الأمهات لم يتم إخبارهن أن أبنائهن من بين الشهداء، بل تم إخفاء الحقيقة عنهن، وقيل لهم أنهم مصابين منقولين لمستشفيات خارج المحافظة، لتخفيف هول الفاجعة عليهن.
لجان حكومية
تواجد فى المكان لجان ضمت المسئولين الحكوميين فى مديريات الصحة والتضامن الاجتماعى والتعليم، عملت على إنهاء أوراق شهادات الوفاة وحصر الشهداء المصابين وبدء تسليمهم التعويضات، وبحث ما يمكن تقديمه لهم، وقال منير أبوالخير مدير مديرية التضامن الإجتماعى بشمال سيناء، إن الحصر يستهدف توصيل قافلة مساعدات عاجلة تضم كافة احتياجات الأسر مقدمة من الهلال الأحمر والجمعيات الأهلية العاملة فى شمال سيناء.
حكايات الشهداء
لشهداء مجزرة الروضة حكايات يتداولها الأهالى، تشير لهول الجريمة، من بينهم الشاب عبد الرحمن سليمان ابوملحوس، 30 سنة، ويعمل موظف فى مجلس مدينة الشيخ زويد، أجبرته ظروف منطقة غرب الشيخ زويد على الرحيل من قريته " الغراء"، والاستقرار فى قرية الروضة حيث استأجر مساحة أرض أقام عليها عشة تأويه ووالدته المسنة وأطفاله الثلاثة.
يقول الأهالى أنهم عثرو على جثمانه خارج المسجد ويبدو أنه تعرض لطلق نارى خارج المسجد أودى بحياته، وعرفوا عنه أنه كان يمد يد العون لمساعدة المحتاجين من بينهم وربطهم بالجمعيات الأهلية لتوصيل مساعدات شهرية إليهم.
استشهاد معاق يحضر للمسجد زاحفا على بطنه
وكان من بين الشهداء ماجد سالم سليم 27 عاما، وهو معاق يحضر للمسجد زحفا على بطنه، وأحيانا محمولا بين أيادى من يرافقوه من عشته البوص التى يقيم فيها على بعد نحو كيلو من مسجد الروضة، وهو رغم إعاقته الكلية، فى أطرافه يحاول أن يحصل على ما يفيد أسرته والده واشقائه، وعثر الأهالى عليه من بين الشهداء.
وفجع أبناء قرية الروضة باستشهاد الشاب محمد سليمان شميط الطالب فى السنة الثالثة بكلية هندسة جامعة سيناء، وهو من أبناء قرية الروضة، وفى المسجد استشهد عمه " سالمان" وأصيب والده سليمان شميط مدير إدارة بئر العبد التعليمية.
ومن بين حكايات الشهداء من المقيمين فيها " السعيد أحمد أبوعيطة" وهو مدير مدرسة الروضة الثانوية، وحضر قبل 15 سنة للقرية من بلدته "المحلة الكبرى" وعاش بين سكان القرية وتزوج، واشترى مسكنا فيها وأصبحت هى موطنه، واصطحب نجله 7 سنوات لأداء الصلاة ككل يوم جمعة وخرج من المسجد شهيدا هو ونجله، ليسافر جثمانه منقولا لمحل إقامة أسرته فى المحلة.
ردود أفعال الأهالى
كان أول رد رسمى للأهالى جاء فى بيان لاتحاد قبائل سيناء، تضمن إدانه لحادث تفجير مسجد الروضة فى العريش، قال فيه: "بكل حزن وأسى وألم يعتصر القلوب ينعى اتحاد قبائل سيناء شهداء عملية الإجرام الإرهابية الفاشية، التى استهدفت المصلين من أبناء سيناء فى بقعة من أطهر بقاع سيناء "مسجد الروضة"، الذى أوقع ما يقارب مائتى شهيد حسب مصادرنا القبلية المتواجدة فى زخم الحدث".
وتابع البيان:" وقع الحادث بعد أن استهدفت قطعان التكفيريين الإرهابيين بالعبوات الناسفة المصلين فى المسجد بصلاة الجمعة، وبعد تحضيراتهم للاحتفال بمولد رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم، وإقفال أبواب المسجد وقتل جميع المصلين وإطلاق النار عليهم بأقصى درجات الجبن والكراهية لأهالى القرية الذين قاطعوهم وطردوهم وطاردوهم انتقاماً لأبنائهم ممن قتل على إيدى الغدر والخيانة، وبعد حضور سيارات الإسعاف والطوارئ للمنطقة اطلقت مجموعة كاملة من الإرهابيين عليها وابلاً من الرصاص ولاذت بالفرار".
واختتم اتحاد قبائل سيناء البيان بالقول: "إننا وعليه فى اتحاد قبائل سيناء نؤكد على أننا لو قدمنا كل ابنائنا شهداء لن نتقاعس عن محاربتهم وقتلهم أينما وجدناهم.. "القتل بالقتل، والله أكبر".
ودعت اللجنة الشعبية فى العريش، لفتح أبواب مجلس محلى المحافظة لعقد اجتماع للأهالى بشكل متواصل، وطالب نشطاء أن يخرج الأهالى جماعيا مساء الأحد أمام مسجد النصر بالعريش للتعبير عن موقفهم من الحادث ورفضهم له ويعلنون موقفهم من المجموعات التكفيرية.
كما ظهرت دعوات تبناها شباب، تطالب أن يؤدى الأهالى جماعيا صلاة الجمعة المقبلة فى مسجد الروضة محل المجزرة للوقوف مع الأهالى وإعلان أن الأهالى يتصدون للتكفيريين فى كل مكان.
وفى الوقت الذى صدرت بيانات ودعوات، واصل شباب وسيدات فى مدينتى العريش وبئر العبد الحضور والتبرع بالدم لصالح الضحايا، وقال مصدر مسئول فى بنك الدم بالعريش أنه لأول مرة نصل لحالة الاكتفاء الذاتى، حتى أن بعض السيدات طلبن النجدة والشرطة لإجبار البنك على قبول تبرعهن فى مشهد مؤثر لأول مرة تشهده المحافظة، وفى مدينة بئر العبد أحاط المئات من الأهالى مقر المستشفى معربين عن غضبهم ورغبتهم فى تقديم مساعدة للمصابين.
مطالب عاجلة
وأجمع عددا من ذوى الشهداء وأقاربهم على ضرورة النظر للأطفال والسيدات مؤكدين أن نحو 300 منزل بالقرية ومناطق مجاورة أصبحت بلا عوائل بعد أن فقد الوالد والولد معًا وبقيت السيدات والأطفال.
وقال "مصطفى الحوص"، أحد اهالى القرية، أن لسان حال هؤلاء يقول أنه لابد من إيجاد آلية واضحة لمساعدتهم بأسرع وقت وتكاتف كافة الجهات المسئولة، وألا تغيب الجهات الحكومية والخاصة التى يعملون بها عن واجبها فى رعاية أسرهم وتقديم إعانات مادية وعينية لهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة