أعتقد أن ما حدث فى منتدى شباب العالم، الذى أقيم فى مدينة شرم الشيخ الفاتنة فى الأسبوع الماضى سيظل عالقًا فى ذهنى لمدة طويلة، فقد فتح هذا المنتدى باب الحلم وأيقظ شهية الأمل، ولعل من أكثر الأشياء الإيجابية، التى يجب أن نشيد بها فى هذا المنتدى هو حرصه على تصدير النماذج الشبابية الواعدة، وهو ما أسميه فن صناعة الرمز، وما أحوجنا إلى صناعة رمز عالم أو حالم أو مفكر فى الوقت الذى يتم فى العلن صناعة رموز التطرف والتغييب المادى والمعنوى.
هذا المنتدى نجح تمامًا فيما كنت أطالب به قديما، ولك أن تطالع مقالى «الأمة العاقلة تصنع أبطالها» المنشور فى الثلاثاء، 15 نوفمبر 2016، والذى قلت فيه إنه يجب علينا تغيير الصورة النمطية عن نجوم المجتمع، وأن ندخل شرائح جديدة إلى دائرة النجومية، شرائح تؤمن بالقيمة الحقيقة للشقاء، تعمل وتعمل وتعمل، دون أن تنتظر من أحد شيئا، وهو أيضا ما طالبت به فى مقال بعنوان «قل لى من نجمك أقول لك من أنت» المنشور فى 25 نوفمبرمن العام 2015 حيث قلت: إن هذا السؤال هو اختبار فى تقدم المجتمعات، فقاعدة فى كل بلدان العالم النجومية عريضة متسعة، لكن من المحزن أنها فى مصر تقتصر على الفنانين والأدباء والصحفيين ولاعبى الكرة، ونادرًا ما نرى عالمًا أو باحثًا يقدمه المجتمع إلى المجتمع باعتباره ابنًا نجيبًا أو فردًا استثنائيًا، والاستثناء الوحيد فى هذه القاعدة هو أن ينال هذا الباحث أو العالم تقديرًا خارجيًا أولًا ليعترف به المجتمع مثلما حدث مع أحمد زويل، ومجدى يعقوب، وللأسف أيضًا فإننا نغفل قيمة النجاح فى كل مناحى الحياة، فلا نعرف شيئًا عن رجال الأعمال المجتهدين، ولا عن أصحاب المشاريع الخيرية الفاعلة، ولا نعرف شيئًا عن أبطال المصادفة، الذين يضحون بحياتهم فى لحظات فارقة مفضلين إنقاذ شارع أو حى أو حتى طفل صغير على أنفسهم.
يبقى هنا أن نقول: إن الدراما المصرية بحاجة إلى ثورة تصحيح مسار، بحيث تصبح أداة من أدوات المعرفة وشحذ الهمم لا معولًا من معاول الهدم، فلا يحتاج الواحد فى أوروبا مثلا أن يقرأ كتابًا عن الموسيقار العالمى موتسارت ليعرفه ويقدره، ولا أن يجهد نفسه لمعرفة تاريخ الفنان التشكيلى العالمى فان جوخ، ليعرف مراحله الفنية وتطورها، ولا أن يجتهد ويشقى ليعرف أن العمل شرف، لأنه حتى يصل إلى عمر الوعى سيكون قد شاهد عشرات المواد الفيلمية عن هؤلاء المبدعين، وسمع ورأى وشعر بما أنتجوه من إبداعات آلاف المرات، ويومًا بعد يوم تتوغل هذه الأعمال الإبداعية فى وجدان الشعب، وتصبح معادلًا للشعب ومكونًا للهوية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة