لم يعد يخفى على أحد أن "السوشيال ميديا" باتت قوة مؤثرة، بل الأكثر تأثير على الملايين على هذا الكوكب، فبـ"تغريدة" أو "بوست" يمكن أن تنقلب أوضاع فى مكان ما، سواء كان ذلك بناء على معلومات صحيحة أو خاطئة. ومع زيادة التركيز على الدور الذى لعبه "فيس بوك" فى أزمة التدخل الروسى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية العام الماضى، إلا أن الدور الهدام لموقع التواصل الاجتماعى أصبح واضحا فى دول كثيرة..
وتقول صحيفة "نيوويرك تايمز" الأمريكية أنه على مدار أشهر، ظل مقر فيس بوك فى ولاية كاليفورنيا فى حالة أزمة، ويحاول احتواء الضرر الناجم عن دوره فى الحملة الانتخابية العام الماضى. ودخلت شركة التكنولوجيا العملاقة فى حملة دفاع قبل الإدلاء بشهادتها فى عدة جلسات بالكونجرس هذا الأسبوع عن التدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية، وتعاقدت مع ثلاث شركات اتصالات خارجية، ونشرت إعلانات على صفحة كاملة ببعض الجرائد وحشدت بار المسئولين التنفيذيين وعلى رأسهم مارك زوكربيرج وشيريل ساندبيرج، للرد على الاتهامات بأن الشركة فشلت فى منع روسيا من التلاعب بنتيجة الانتخابات.
ولم يحدث طوال تاريخ فيس بوك الممتد على مدار 13 عاما أن تسبب شيئا فى حالة القلق هذه. لكن فى الوقت الذى أصبح فيه التركيز على التدخل الروسى مفهوما، فإن "فيس بوك" كان أقل صخبا عن إساءة استخدام خدماته فى أجزاء أخرى فى العالم، حيث تكون المخاطر أعلى بكثير من مجرد الانتخابات.
ففى الأسبوع الماضى، ذكرت نيويورك تايمز أن العنف ضد الروهينجا قد ساهم فى إشعاله معلومات مضللة ودعاية مضادة لهم انتشرت على فيس بوك، الذى يستخدم كمصدر رئيسى لمعلومات من قبل الكثيرين فى ميانمار. وانتشرت الصور المركبة والشائعات التى لا أساس لها على موقع التواصل الاجتماعى وقام بمشاركتها حتى بعض مسئولى الحكومة وحسابات خاصة بالجيش.
وتظهر حرب المعلومات فى ميانمار مشكلة متزايدة للفيس بوك. فقد وصلت الشركة العالم بنجاح بكوكبة من أدوات الاتصال والبث فى وقت حدوث الأحداث، ثم تركت هذا العالم إلى حد كبير للتعامل مع العواقب. وتقول سينثيا ونج، باحثة الإنترنت بمنظمة هيومان رايتس ووتش، أنه فى كثير من الدول، يعد الفيس بوك الساحة العامة الفعلية.. وبسبب ذلك، تثار أسئلة قوية حول حاجة فيس بوك أن يتعامل بمسئولية أكبر مع الأضرار الذى ساهمت منصته فيها.
ففى ميانمار، تزامنت الزيادة فى مشاعر العداء للروهينجا مع طفرة هائلة فى استخدام السوشيال ميديا تعزو إلى فيس بوك نفسه. ففى عام 2016، قامت الشركة بالشراكة مع شركة الاتصالات الرسمية لمنح المشتركين دخولا إلى برنامجها "Free Basic"، والذى يشمل دخولا إلى بعض المواقع، منها فيس بوك، بدون انترنت. نتيجة لذلك، زاد عدد مستخدمى فيس بوك فى ميانمار لأكثر من 30 مليون اليوم بعد أن كان مليونين فقط فى عام 2014.
وفى الهند، حيث زاد استخدام الإنترنت أيضا فى السنوات الأخيرة، انتشرت على واتس أب، وهو التطبيق الشعبى الذى تملكه شركة فيس بوك، شائعات وخدع وقصص كاذبة. ففى مايو الماضى، تعرضت إحدى مناطق الهند الشرقية لزعزعة استقرار برسالة فيروسية على الواتس اب تفيد باختطاف أطفال فى المنطقة، مما تسبب فى حالة من الذعر الواسع وموجة من أعمال القتل الانتقامية تعرض فيها سبعة أشخاص على الأقل للضرب حتى الموت. وقال أحد السكان المحليين لصحيفة "هندوستان تايمز" أن العديد من القرويين المحليين يعتقدون ببساطة أن حوادث الاختطاف كانت حقيقية لأنها جاءت من واتس أب.
وتقول نيويورك تايمز أن فيس بوك ليس مسئولا عن العنف بشكل مباشر، كما أن انتشار المعلومات الخاطئة ليس بالأمر القاصر على خدماته. إلى أن سرعة نمو الشركة فى العالم النامى جعلتها قوة بين مستخدمى الإنترنت الذين لا يتشككون فيما يرونه على الإنترنت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة