فى كل عام عندما تظهر نتائج الدولة خاصة فى مجالى التقديرية والنيل، يحدث لنا اندهاش كبير لوجود بعض الأسماء التى ربما تكون قيمة منتجها أقل من هاتين الجائزتين الكبيرتين، أو لأن أشخاصا آخرين يستحقونها أكثر لم يتم طرح أسمائهم أصلا، وعندما نسأل عن سبب الاختيار، يقولون لك: هؤلاء رشحتهم مؤسسات معترف بها.
أقول ذلك وأفتح هذا الملف بمناسبة فتح باب الترشيح لجوائز الدولة فى دورتها الجديدة، والتى بدأت 1 أكتوبر الجارى وتستمر حتى 31 من شهر ديسمبرالمقبل، وبالطبع فإن جائزتى الدولة التشجيعية والتفوق تقومان على تقديم شخصى من المبدعين فى المجالات المختلفة، لذا لن نتحدث عنهما الآن.
الذى يشعلنا حاليا هو محاولة فهم الآلية التى تعتمدها المؤسسات مثل الجامعات والأتيليهات الفنية وغيرها ممن لها الحق فى ترشيح واختيار الشخصيات المبدعة فى المجالات الثلاثة الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية لجوائز الدولة، والسؤال لهذه المؤسسات: هل تعتمدون العلاقات الشخصية، مثل أن يكون الاسم المرشح لنيل الجائزة خريج أو ينتمى إلى مؤسساتكم، أم أن المشروع الإبداعى الذى تم إنتاجه يكون هو سبب اختياركم الأول، أم أنه يتم دمج السببين معا، فيكون أحدهما حق والآخر باطل؟ مثل أن تختار جامعة ما شخصا معينا لأن لديه مشروعا وفى الوقت نفسه ينتمى إليها بشكل أو بآخر، وفى هذه الحالة يضيع آخرون يملكون مشروعا أكبر وإنتاجا أهم وأفضل لكنهم لا ينتمون إلى مؤسسة تحمل اسمهم وترشحهم لنيل هذه الجوائز التى يستحقونها.
بالطبع الجميع يعرف أن اختيار شخص لمكانة معينة هى مسألة أخلاقية قبل كل شىء، لأن التكريم، والجميع يعرف، يعنى إرساء قيمة ما فى الواقع، والترشيح كذلك فالجامعة التى ترشح شخصا ما هى بمعنى آخر تقول لطلابها إن هذا الشخص الذى أرشحه لجوائز الدولة هذا العام هو القدوة لكم فتعلموا من تجربته واستفيدوا منها، وعليه فإن الأمر ليس مجرد «خبط عشواء» من تصبه يُرشح، بل الموضوع أكبر من ذلك لو علمه القائمون عليه.
كما أن الترشيح أمانة فهو يقيس درجة وعى الجهة التى لها حق الاختيار بمعانى الحق والباطل، بما ينعكس على الأداء داخل هذه المؤسسة، فاختيار شخص يستحق أن يحمل جائزة الدولة يعنى أن القائمين على هذه المؤسسة يجيدون الحكم فى الأمور فيدرسونها أولا ويفحصون آلياتها قبل الاختيار، لكن لو اعتمدوا على مقولة «أى اسم والسلام» أو «فلان عشمان» فإنهم يخونون أنفسهم قبل كل شىء.
بالطبع لا أقصد أن تكون الأسماء المرشحة مشهورة ويعرفها الجميع، بل أتمنى أن تكون شخصيات مجهولة تعمل فى صمت لا يعرفها الإعلام، وأن نفاجأ بها لكن عندما نعود لما أنتجته تصيبنا دهشة التميز والإبداع والمنجز المهم والمؤثر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة