فى معركتها من أجل البقاء.. اليونسكو تعانى نقص الأموال وكثرة السياسة

الأحد، 15 أكتوبر 2017 07:00 م
فى معركتها من أجل البقاء.. اليونسكو تعانى نقص الأموال وكثرة السياسة اليونسكو
رويترز

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تأسست اليونسكو على أنقاض الحرب العالمية الثانية من أجل حماية التراث الإنسانى الثقافي. واختارت المنظمة يوم الجمعة الماضى وزيرة الثقافة الفرنسية السابقة أودرى أزولاى مديرة جديدة.

 

لكن إعلان الولايات المتحدة المفاجئ الانسحاب من المنظمة بسبب ما وصفته بالتحيز ضد إسرائيل يعنى أن المديرة الجديدة سترث منظمة مضطربة، تواجه علامات استفهام ضخمة بشأن تمويلها ومهمتها فى المستقبل.

 

يقول دانيال روندو، سفير فرنسا السابق لدى اليونسكو: "أعتقد أنه قرار كارثى.. إنه صدع يعرض طبيعة اليونسكو نفسها لخطر بالغ بُعدها العالمى ومفهوم التعددية ذاته".

 

تتولى اليونسكو مسئولية تحديد مواقع التراث العالمى وحمايتها بدءا من جزر جالاباجوس قبالة سواحل الإكوادور على المحيط الهادئ، وحتى أضرحة تمبكتو فى مالى بغرب أفريقيا.

 

ومعظم أنشطة اليونسكو غير مثيرة للجدل لكن عندما يتصل الأمر على سبيل المثال بقرارات تتعلق بكيفية إدارة المواقع الدينية فى القدس، تحتاج كل كلمة للتدقيق خشية توجيه اتهامات بالتحيز.

 

وبالنسبة لبعض الدبلوماسيين فى المنظمة يمثل قرار انسحاب واشنطن نقطة تحول، ويضع مزيدا من الضغوط على القيادة الجديدة للمنظمة.

 

وقال دبلوماسى غربى: "هذه أهم انتخابات. لا يمكن أن تكون هناك أربع سنوات أخرى على هذا المنوال"، وعبر عن استيائه من إدارة البلغارية إيرينا بوكوفا التى يقول منتقدوها إنها فشلت فى إقناع الدول الأعضاء بسداد المستحقات الواجبة عليهم ولم توقف تسييس عمل المنظمة.

 

وتقبع فى قلب مشكلات اليونسكو أزمة تمويل منذ عام 2011 عندما أيدت المنظمة منح فلسطين عضوية كاملة وردت واشنطن بوقف دفع حصتها السنوية البالغة 80 مليون دولار. وكانت الولايات المتحدة وإسرائيل ضمن 14 عضوا اعترضوا على عضوية فلسطين من أصل 194 عضوا.

 

وتقول واشنطن إنها لا تعارض قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات يوم لكن ذلك ينبغى أن يحدث نتيجة للمفاوضات، كما تقول إن قبول عضوية الفلسطينيين فى المنظمات الدولية سلفا يضر بعملية السلام.

 

ومنذ ذلك الحين دأبت إسرائيل على الشكوى من القرارات المتعلقة بالمواقع الثقافية فى الضفة الغربية والقدس وتقول إن صياغات هذه القرارات تنزع الشرعية عن الدولة اليهودية.

 

ومع غياب الأموال الأمريكية اضطرت اليونسكو، التى يعمل بها نحو ألفى شخص فى أنحاء العالم، إلى تقليص برامجها وتجميد التوظيف وسد الفجوات بالإسهامات التطوعية. وبلغت ميزانية المنظمة لعام 2017 نحو 326 مليون دولار أى نحو نصف ميزانيتها فى 2012.

 

وقال مسئول بالمنظمة طلب عدم نشر اسمه "نحتاج إلى عمل أقل (بأموال) أقل، قضينا وقتا طويلا فى محاولة القيام بالكثير دون وسائل، يتعين أن نسوق لأنفسنا بصورة أفضل، لكن دون تمويل سيصعب تغيير صورتنا".

 

وتشير أرقام منشورة على الموقع الإلكترونى للمنظمة إلى أن لديها مستحقات متأخرة قيمتها نحو 650 مليون دولار منها حوالى 542 مليونا على الولايات المتحدة، وفى هذه المرحلة لا يعرف مسؤولو اليونسكو ما إذا كانت الولايات المتحدة ستسدد المتأخرات قبل أن تترك المنظمة رسميا فى 31 ديسمبر 2018.

 

منع السياسة

لم تسدد أيضا دول مساهمة رئيسية فى اليونسكو مثل اليابان وبريطانيا والبرازيل إلى الآن المستحقات الواجبة عليها لعام 2017، اعتراضا فى بعض الأحيان على سياسات المنظمة.

 

وقال دبلوماسى فى المنظمة: "الحقيقة أن اليونسكو معنية فى الأساس بالتضامن وإتاحة مناخ للسلام بين البلدان، لكن دولا تستخدم الآن مستحقاتها للتأثير على البرامج.. ويتعين تغيير ذلك". على سبيل المثال هددت اليابان بحجب المستحقات بسبب إضافة مذبحة نانجينغ فى عام 1937 إلى برنامج (سجل ذاكرة العالم) باليونسكو. ودب خلاف بين روسيا وأوكرانيا على شبه جزيرة القرم واتهمت كييف موسكو بمحاولة إضفاء الشرعية على ضم المنطقة من خلال اليونسكو.

 

وقال دبلوماسى آخر فى اليونسكو: "على من سيتولى القيادة معالجة هذا الأمر. عليهم أن يجدوا سبلا لجعل الدول تتناول هذه القضايا بالتفصيل، لكن إذا لم يتمكنوا من ذلك فسيكون لزاما على المديرة العامة أن تملك المقدرة على قول (لا) وأن تمنع هذه الأحاديث".

 

وعلى النقيض من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حيث تملك الدول الخمس دائمة العضوية حق النقض (الفيتو)، تتخذ اليونسكو القرارات استنادا إلى غالبية الأصوات سواء عبر أمانتها العامة التى تشمل جميع الدول الأعضاء وعددها 195 دولة أو مجلسها التنفيذى الذى يضم 58 عضوا. وتقول إسرائيل إن هذا يخلق أغلبية قائمة بالفعل من الدول المعادية لها.

 

وتقول الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة، التى تقدم أغلب التمويل، إن أصواتها المنفردة لا تمنحها سلطة تذكر على كيفية إنفاق أموالها.

 

وقبل قرار الانسحاب الذى أعلنته الولايات المتحدة يوم الخميس، قال دبلوماسيون إن المجلس التنفيذى لليونسكو حاول التملص من المواجهة بالتصويت على تأجيل البت فى نصوص إسرائيلية/فلسطينية مثيرة للانقسام حتى أبريل.

 

وتعهد كل المرشحين لمنصب مدير عام اليونسكو بإجراء إصلاحات جذرية وبذل جهود لنزع الطابع السياسى عن المنظمة.

 

وقالت الفرنسية أزولاى للصحفيين قبل إعلان نتيجة التصويت يوم الجمعة "فى وقت أزمة كتلك نحتاج أكثر من أى وقت مضى لتقوية ودعم وإصلاح اليونسكو لا تركها". وأضافت أنها ستعمل على تطوير المنظمة. وأضافت: "أول ما سأفعله هو إعادة مصداقيتها وإعادة إيمان أعضائها بها وفاعليتها حتى يتسنى لها العمل".

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة