"سأقول جئت أنا المسيح.. سيطالبونك بالدليل.. ستكون فى جيبى البطاقة والجواز.. هذا قليل.. ما أسهل التزوير للأوراق فى عصر اللصوص.. ولديهم (الخبراء) سوف يؤكدون أن الهوية زائفة لكن عليها الخَتْمُ - خَتْمُ الأب - يا بئس الدليل!".. هكذا تكلم المسيح على لسان الشاعر الكبير الراحل نجيب سرور، فى قصيدته الشهيرة المسيح واللصوص.
"المسيح" هو أسطورة الزمان الخالدة، الحاضر بمعجزاته التى لا يشبه فى مثلها شيئا، المخلص الرائع والطبيب المتسامح والمعلم الصادق، ليظل إلى أبد الدهر رمزا للتسامح والحب والسلام، أيقونة الأديان الإبراهيمية، المخلص من الخطايا فى اليهودية والمسيحية، وكلمة الله فى القرآن حيث ذكر فى أكثر من 25 آية .
ورغم مرور ما يقرب عن 2000 عام عن غياب المسيح عن الأرض، تبقى سيرته ومعجزاته متواجدة فى الوجدان إلى الدهر، ما دعا العديد من الروائيين والكتاب إلى استحضار روحه، واستلهام فكره وتسامحه، إلى الوجود عبر عدد من الروايات الرائعة، بعضها تكلم عن محنة وجوده، وبعضها عن فلسفته العظيمة، وبعضها استرجعه كبطل يروى قصته للعالم من جديد، واتفقت جميعها على الجوانب الإنسانية للمسيح والتجسيد البشرى لليسوع بعيدا عن كينونته فى الأديان الإبراهيمية، وربما يتفق مع ذكر فى الإنجيل فى أكثر من موضوع "أنا ابن الإنسان".
تلك الروايات ما أن صدرت حتى واجهتها عاصفة من الهجوم والانتقاد لتناوله شخصية المسيح، وصلت إلى حد التظاهر، وكان من بين أبزر تلك العناوين:
"الإنجيل يرويه المسيح" جوزيه ساراماجو
صدرت الرواية عام 1991، ويحاول فيها ساراماجو تتبع حياة المسيح، من خلال قراءته للأناجيل الأخرى، حيث يقول: "إن أنجيلى يحاول ملء المساحات الخيالية بين الحوادث المختلفة التى حدثت فى حياة المسيح كما رويت فى الأناجيل الأخرى مع بعض التأويلات الشخصية من قبلي".
ويتبع ساراماجو حياة المسيح من الوعى إلى الصلب، مسلطاً الضوء على يسوع بسيط لا يستطيع مقاومة تسلط الغرائز البشرية عليه، حيث كان يعيش مع مريم المجدلية.
وواجهت الرواية منذ صدوره موجة من الانتقادات، حيث ثار عليها أعضاء الطائفة الكاثوليكية البرتغال، الأمر الذى وصل إلى إزالة اسمه من قوائم المرشحين لجوائز الأدب الأوروبى عام 1992 بقرار من الحكومة البرتغالية.
"الإغواء الأخير للمسيح" نيكوس كازانتزاكيس
صدرت الرواية عام 1953، حيث صور فيها الكاتب العلاقة بين السيد المسيح وماريا المجدلية، مجسدا الحالة الصراع الداخلى عند السيد المسيح، الطبيعة الإنسانية وما تحمل من رغبة نحو الحياة، المرأة والأطفال، تلبية رغبات أمه، وبين واجبه اتجاه البشر، تخليصهم من الخطيئة، فكانت مريم المجدلية هى المحرك الأساسى لمشاعر المسيح نحو رغبة الحياة،
يقول كازانتزاكيس فى مقدمة كتابه حول الفكرة التى دار حولها "الإغواء الأخير للمسيح": إن كل لحظة من حياة المسيح هى صراع وانتصار، لقد قهر الفتنة القاهرة لرغبات الإنسان البسيط، قهر الإغراءات، وعمل دون هوادة على إحالة اللحم إلى روح، ثم ارتقى، وحين وصل إلى قمة الجلجلة صعد إلى العليين.
وتم تحويل الرواية إلى عمل سينمائى يحمل نفس الإسم، من إخراج مارتن سكورسيزى، من بطولة ويليم دافو وهارفى كيتل، سنة 1988.
الفيلم المقتبس من الرواية واجه العديد من الانتقادات فى عام 1989 حيث سادت موجة عنيفة من الانتقادات من قبل أهالى طلاب مدرسة الباكركى الثانوية، بعد أن قام أحد المدرسين بعرض الفيلم أمام الطلاب، فى 22 أكتوبر 1988 قامت إحدى الجماعات المسيحية المتشددة بإلقاء المولوتوف داخل إحدى قاعات السينما أثناء عرض الفيلم، مما أدى إلى إصابة ثلاثة عشر شخصاً، قدم مخرج الفيلم فى المهرجان للمحاكمة فى روما بسبب الفيلم.
"المسيح يصلب من جديد" نيكوس كازانتزاكيس
صدرت الرواية عام 1950 وتحكى الرواية عن الإنسان ومصيره، فمن إعادة ذكرى صلب السيد المسيح فى عملٍ مسرحى تقيمه قريةٌ صغيرة لا يشعر بها العالم ينطلق "كازنتاكيس"، محاصرًا القارئ بتفاصيل ممتعة شيقة تتسع لألف تأويلٍ وتأويل.
فيصور الكاتب وبحسب مقال مترجم الرواية للعربية "شقى جلال" لآلام المسيح، بشكل ملحمى يوصف به صراع الجنس البشرى على مر التاريخ وكأن الكاتب يكتب هذه الرواية لزمننا هذا وكأنه يعيش أحداث عالمنا العربى لحظه بلحظه ويتساءل ترى هل يمكن لروايه أن تعبر كل تللك العصور لتتجسد أحداثها بهذا العصر أم أن زعماءنا الأبطال سرقوا المسيح ليصلبوه بهذا العصر.
"إنجيل الأبن" نورمان ميلر
الأمر كان على هذا النحو بالنسبة ليسوع الإنسان، ولعل ميلر قد كتب روايته هذه فى محاولة لإعادة الاهتمام بالرأفة والوعى بضرورة مساعدة الضعفاء والوقوف معهم سعيا وراء نوع من التوازن فى وجه قوى لا تعرف إلا الربح والمال.
صدرت ترجمة الرواية إلى العربية عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ضمن سلسلة الجوائز، من ترجمة المترجم السورى ثائر ديب.
"شفرة دافنشى" دان براون
تدور أغلب أحداث الرواية حول اختراعات وأعمال دافنتشى الفنية. اكتشف لانغدون والفرنسية الحسناء صوفى نوفو خبيرة فك الشفرات -والتى يتضح لاحقا أن لها دور كبير فى الرواية- سلسلة من الألغاز الشيقة والمثيرة والتى تستدعى مراجعة التاريخ لفك ألغازه وسط مطارده شرسة من أعضاء منظمة كاثوليكية تسعى للحصول على السر.
صادف صدور الرواية موجة من الغصب إلى حد منعها من الدخول إلى عدة دول منها الفاتيكان والذى اعترض اعتراضاً شديداً على محتويات الرواية، ذلك لأنها تتناول علاقة المسيح بـمريم المجدلية بطريقة منافية لما هو مذكور بالكتب المقدسة. مُنعت الرواية أيضا من دخول بعض الدول الأوربية والدول العربية مثل لبنان والأردن. وتم تحويل الرواية إلى عمل سينمائى عام 2006، من إخراج الفيلم رون هاوارد وبطولته توم هانكس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة