المتأمل فى ملامح السياسة الخارجية المصرية خاصة فى الملف العربى، لابد وأن يلتفت إلى النزوع الجديد لدى صانع السياسة المصرية نحو مشروع متكامل لمواجهة برامج نشر الفوضى والتطرف والتدمير وتقويض الدول فى الشرق الأسط والمنطقة العربية، وهذا المشروع يقوم بالأساس على وقف النزاعات المسلحة والحروب الأهلية وطرد الميليشيات والمرتزقة الأجانب الذين يحاربون على الأراضى العربية والحفاظ على الحدود الثابتة للدول العربية وسيادة الدولة المتماسكة مع إطلاق جولات تفاوض بين المختلفين والمتصارعين للوصول إلى حلول فى إطار التعايش المشترك.
يمكننا القول بأن الدولة المصرية ترعى مشروع السلام الخلاق فى المنطقة العربية، لإزالة آثار المشروع التدميرى للفوضى الخلاقة الذى بشرتنا به كوندوليزا رايس ومولته وأشرفت عليه إدارة الرئيس الأمريكى السابق أوباما، وما جره هذا المشروع على المنطقة بأسرها من ويلات وحروب أهلية ودمار شامل للبنى التحتية والعمران ووقف برامج التنمية وتهجير الملايين من أراضيهم.
وهذا المشروع المصرى للسلام الخلاق فى ليبيا وسوريا والأراضى الفلسطينية، يستند إلى مجموعة أسس تمنحه المشروعية والمصداقية والقبول لدى جميع الأطراف المتشاحنة، أولها أن الإدارة المصرية لم تكن يوما طرفا فى أى صراع عربى داخلى، رغم الإغراءات الهائلة من دول غربية وعربية للتورط والدخول فى الصراعات الدائرة بتلك البلدان، كما أن الإدارة المصرية ليس لها أية أطماع فى الدول العربية الشقيقة وليست راغبة فى نشر أيديولوجية بعينها كما تفعل طهران مثلا وجميع الأطراف المتصارعة تعرف ذلك، فضلا عن أن الإدارة المصرية لم تكن يوما وكيلا لأية دولة كبرى طامعة فى المنطقة العربية، ولا تنفذ أو تمول سياسات تدميرية كما تفعل تركيا وقطر بالنيابة عن الإدارة الأمريكية.
بل على العكس من ذلك، دفعت الإدارة المصرية من أمنها واقتصادها ومصالحها ثمنا غاليا لمواقفها الرافضة السير فى ركاب المشروع التدميرى للمنطقة العربية، ورأينا جميعا محاولات واشنطن لفرض جماعة الإخوان الإرهابية على حكم مصر، وفرض حصار اقتصادى غير معلن بمساعدة حلفائها الأوربيين، وكذا تخريب القطاعات الاقتصادية المؤثرة فى الاقتصاد المصرى ومنها قطاع السياحة وتحويلات المصريين فى الخارج، لكن الإدارة المصرية واجهت هذه المحاولات بشجاعة ولم تتخل عن مشروعها للسلام الخلاق فى الدول العربية المنكوبة انطلاقا من دورها العروبى ومسؤوليتها التاريخية، والأيام المقبلة ستشهد تطورا إيجابيا كبيرا لدعم هذا المشروع عربيا ودوليا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة