لم تكن الفتاة الشعبية ذات الجسد النحيل، تعلم أن القدر سيعاندها فى كل تفاصيل حياتها، قبل اكتشاف أنها أصبحت زوجة لشاب لا يقدر المسؤولية، ولا يهتم بعمله للحصول على لقمة العيش، وعندما نهش الجوع جسدها، قررت النزول بنفسها للعمل والكسب الحلال، إلا أن قدرها العاثر قادها للعمل لدى سيدة بخيلة، استفادت بجهدها وطمعت فى راتبها ومنعته عنها، فقررت الخادمة البسيطة الحصول على حقها بيدها، فسرقت مجوهرات السيدة وأموالها، ليكون مصيرها السجن.
دروس الفقر فى الحياة ودروس الصبر خلف الأسوار
بصوت خافت، وحروف متلعثمة، سردت السجينة قصتها لـ"اليوم السابع"، حاكية دروس الصبر والندم التى تعلمتها خلف الأسوار، والأمومة الضائعة التى افتقدتها داخل زنزانتها.
تقول "شيماء. ح": "نشأت فى أسرة فقيرة، ومن صغرى والفقر يحاصرنا، لدرجة إننا اتعودنا عليه واتعايشنا معاه، وما فكرتش غير فى الستر وراحة البال، ما فكرتش يوم فى فارس الأحلام اللى ييجى ويخطفنى على حصانه الأبيض، ما كنتش أصلا من عشاق الأفلام الرومانسية ولا المسلسلات التركية، أصل ما كانش عندنا تليفزيون من أساسه".
السجينة: ما اعترضتش على أول عريس واتعشمت ينجدنى من الفقر
تواصل السجينة حديثها ورحلة ذكرياتها، قائلة: "الستر وراحة البال أهم شىء يا بيه، وكل تفكيرى فى المرحلة دى كان إزاى يمر اليوم بسلام وأمان، فما كنتش بدقّق كتير فى تفاصيل حياتى، راضية بالمكتوب، وما اعترضتش على أول عريس اتقدم لى، اتعشمت ينجدنى من الفقر، ويعيشنى حياة أفضل، لكن مش كل اللى الواحد بيتمناه ممكن يحصل، اكتشفت إن الحياة الجديدة أصعب من القديمة".
تأخذ السجينة نفسا عميقًا وتخرجه بقوة، وتكمل حديثها مسترجعة قصتها والمحطات التى قادتها إلى هذه المرحلة، فتقول: "اكتشفت إنى اتجوزت شخص غير مسؤول، كل يوم أكرر عليه نفس الجملة، يا ابن الحلال انزل شوف أكل عيشك، لكن ما كانش بيسمع ولا بيهتم بكلامى، وكانت أسرتى الفقيرة هى اللى بتساعدنى باللى تسمح بيه حالتها، لأن الأمر زاد عن حدة، واكتشفت إنى حامل وفى إنسان تانى جاى فى الطريق، وجه ابنى يوسف للحياة، وعلّقت أملى عليه، إنه يشجع أبوه على الإحساس بالمسؤولية وينزل يشتغل، لكن هتقول إيه! إللى فيه طبع مش ممكن يغيره".
شيماء: خايفة ابنى لما يكبر يعايروه.. وأقوله سرقت علشان أشترى لك لبن ما يصدقش
وعن سبب دخولها السجن، تتحدث "شيماء" قائلة: "ما لقيتش حل غير إنى أنزل أشتغل، وأسيب ابنى لجوزى فى البيت، ونزلت اشتغلت فى الزاوية الحمراء، خادمة عند سيدة، ورغم إخلاصى فى شغلى بس هى كانت بخيلة، مش بتقدر مجهودى، لدرجة إنها منعت عنى مرتبى، وهى مش عارفة إن أهم حاجة عندى وأكتر حاجة بنتظرها هى الملاليم دى، اللى بشترى بيها حاجة بيتى وابنى، ووسط هم الفقر ومنع المرتب والعوزة، وربنا يكفيك شر العوز، قررت أمد إيدى، علشان آخد حقى، أيوه أقنعت نفسى إنى مش باسرق، وإنى باخد حقى، وسرقت المجوهرات والفلوس من دولابها".
وتتابع السجينة حكايتها: "اتقبض عليا، واعترفت، أصل الكدبة خيبة، وصدر ضدى حكم بالسجن 6 شهور، ودخلت السجن، واتعلمت الصبر والتحمل، خاصة بعد ما جوزى رفض زيارتى، ومش بشوف ابنى إلا لما والدتى بتيجى تزورنى، وخايفة عليه لما يكبر الناس يعايروه بإن أمه رد سجون، وخايفة لو قلت له سرقت عشان أشترى لك لبن ما يصدقنيش".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة