تبدو أن الأيام القليلة المقبلة، ستشهد تطورات درامية فيما يتعلق بقضايا الفساد المتهم فيها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتانياهو، فبعد أن فاحت رائحة الشمبانيا والسيجار الكوبى و"المجوهرات" التى تلقاها كرشاوى من رجال أعمال أثريا كبار إسرائيليين وأجانب، تلوح فى الأفق قضية فساد جديدة قد تعصف به داخل السجن وهى تورطه فى صفقة "غواصات" لصالح الجيش الإسرائيلى.
بنيامين نتانياهو
وكشفت القناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلى أن الشرطة الإسرائيلية تدرس المعلومات التى قدمها وزير الدفاع السابق، موشى يعالون، خلال استجوابه فيما يتعلق بصفقة الغواصات والسفن الحربية، حيث لا تستبعد إمكانية تحويل دراسة المعلومات وتقصى الحقائق بالملف الذى بات يعرف بـ"القضية 3000"، إلى تحقيق جنائى من شأنه أن يطيح بنتانياهو.
موشى يعالون
واستجوبت الشرطة يعالون ووجهت له أسئلة حول المناقصة لشراء السفن الحربية والغواصات لحماية منصات الغاز، وشراء سفينتين حربيتين والاتصالات بشأن الصفقة لشراء 3 غواصات.
وقال التلفزيون الإسرائيلى إن يعالون كشف للمحققين عن معلومات مفصلة بخصوص الاتصالات التى أجراها نتانياهو مع مسئولين بالإدارة الألمانية لشراء 3 غواصات جديدة وسفينة حربية ضد الغواصات.
دوافع غير نزيهة فى صفقة الغواصات
وكشف يعالون أن هذه الاتصالات التى أجراها رئيس الحكومة الإسرائيلية تمت دون علم ودون إشراك الأجهزة الأمنية ذات الصلة، حيث تركت المعلومات التى كشف يعالون النقاب عنها انطباعا لدى المحققين بأن نتانياهو قام بذلك لدوافع "غير نزيهة" واستغلال منصبه.
وقال يعالون، إن نتانياهو، تدخل بشكل مباشر فى صفقة الغواصات والسفن الحربية، حيث ساهم هذا التدخل فى إلغاء المناقصة الدولية وملائمة ذلك مع الشركة الألمانية "تيسنكروب" ومندوبها فى إسرائيل رجل الأعمال المحامى ميخائيل جنور، الذى وقع مؤخرا على مذكرة تفاهمات لبناء 3 غواصات جديدة لسلاح البحرية الإسرائيلية.
وتعززت الشبهات حيال أداء ونهج نتانياهو بعد أن تكشف أن محامى نتنياهو وقريبه، المحامى دافيد شمرون، متورط فى قضية الغواصات، حيث مثل شمرون أيضا رجل الأعمال جنور وهو مندوب الشركة الألمانية "تيسنكروب".
ونتيجة لذلك، أصدر المستشار القانونى للحكومة الإسرائيلية، أفيحاى مندلبلت، أمراً للشرطة للتحقيق فى القضية، وذلك بناء على معلومات جديدة وصلت إلى الشرطة، وتطورات أخرى بهذا الشأن.
وكانت قد كشفت صحيفة "هاآرتس" فى تقرير سابق لها أن الحكومة وقعت فى السر على مذكرة تفاهمات لشراء ثلاث غواصات من طراز "دولفين" مع حوض بناء الغواصات الألمانى "تيسينكروب"، بعد أن كانت إسرائيل قد اشترت 6 غواصات من الطراز نفسه، قبل عدة سنوات، وتسلمت 5 غواصات من تلك الصفقة وهى بانتظار تسلم الغواصة السادسة.
الجيش الإسرائيلى
الجيش عارض الصفقة
وقد عارض الجيش الإسرائيلى، وكذلك وزير الدفاع السابق، موشيه يعالون، صفقة الغواصات الثلاث الجديدة، وحتى أن سجالا عاصفا جرى بين يعالون ونتانياهو بسبب تلك الصفقة فى حينها.
ورغم معارضة الجيش، إلا أنه جرت مفاوضات سرية مع الشركة الألمانية، وصادق عليها المجلس الوزارى المصغر للشئون السياسية والأمنية "الكابينيت"، بذريعة الحصول على التخفيض من الألمان قبل أن تخسر المستشارة أنجيلا ميركل فى الانتخابات، وبعد إقالة يعالون من منصبه، سافر رئيس الهيئة للأمن القومى إلى ألمانيا مع ممثل وزير الدفاع الجديد، أفيجادور ليبرمان، لإجراء مفاوضات بشأن الغواصات.
الغواصات الإسرائيلىة
وزعم مكتب نتانياهو، قد علم بدور المحامى شمرون فى القضية عندما سئل عن تعقيبه على ذلك، وأن شمرون لم يتحدث مع نتانياهو عن شراء الغواصات.
رشاوى من 4 رجال أعمال
يذكر أنه فى إطار التحقيقات الجارية ضد نتانياهو فى قضايا الرشاوى والفساد فى القضية "رقم 1000"، اشتبهت الشرطة الإسرائيلية بأن 4 رجال أعمال آخرين، بالإضافة إلى رجل الأعمال الأمريكى ارنون ميلتشين، قدموا رشاوى لرئيس الحكومة وزوجته سارة وابنه يائير.
وقد حول رجال الأعمال مجوهرات لأبناء عائلة نتانياهو، وأدلوا بإفاداتهم فى هذا الشأن أمام الشرطة، وتم استجواب أبناء عائلة نتانياهو حول الموضوع خلال التحقيقات معهم.
وحسب جهات مسئولة فى الشرطة، كما نشرت القناة الثانية، فان ديوان نتنياهو يحدد ثلاث ساعات للتحقيق مع رئيس الحكومة فى كل مرة، الأمر الذى يسمح له بالتشاور مع محاميه، وبالتالى المس بالتحقيق. وتم يوم الجمعة التحقيق للمرة الثالثة مع نتانياهو فى منزله فى القدس المحتلة.
قضية الرشوة المتبادلة مع مالك يديعوت
وفيما يتعلق بالتحقيقات الكثيرة مالك صحيفة "يديعوت أحرونوت" رجل الأعمال نونى موزيس، فى قضية الرشوة المتبادلة التى عرفت بـ"رقم 2000" والتى استغرق كل واحد منهما فى التحقيقين الأخيرين حوالى 10 ساعات، يعقد الأمور من ناحية رئيس الحكومة.
فموزيس يعرض أمام المحققين وثائق وتسجيلات للمفاوضات التى أجراها مع نتانياهو على مدار سنوات، ابتداء من عام 2009 وحتى 2015، حول تخفيف حدة النشر ضد نتانياهو والهجوم عليه فى الصحيفة مقابل عمل نتانياهو على اضعاف الصحيفة المنافسة له "يسرائيل هايوم".
قضية الرشاوى الهدايا
كانت قد كشفت وسائل الإعلام العبرية أن المنتج الهوليودى ميلتشين، الذى يسود الاشتباه بأنه قدم رشاوى لعائلة نتانياهو بشكل منهجى وبمبالغ وصلت إلى مئات آلاف الشواكل، ادعى خلال شهادته للشرطة بأنه قدم "الهدايا" على مدار فترة طويلة.
وقال رجل الأعمال الأمريكى للمحققين إنه تم تقديم الهدايا بناء على طلب العائلة التى كانت تُذكره بين الحين والآخر بتجديد المخزون من "السيجار" و"الشمبانيا"، كما سبق ونشرت صحيفة "هاآرتس".
وقال ميلتشين إن عائلة نتانياهو شرحت له بأنه لا يوجد ما يمنع تقديم الهدايا لها من ناحية قانونية، مضيفا إنه قدم الهدايا كجزء من علاقات الصداقة بينه وبين نتانياهو، وانه لم يتوقع الحصول على شىء فى المقابل من العائلة، وليست له مصالح تجارية فى إسرائيل.
بنيامين نتانياهو
انتخابات مبكرة فى تل أبيب
بينما توقع عدد من المحللين السياسيين الإسرائيليين، أن إسرائيل قد تشهد خلال الفترة المقبلة انتخابات عامة جديدة وأن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو، أصبحت قريبة من نهايتها، وذلك على خلفية التحقيقات الأخيرة ضده فى شبهات الفساد.
ورجح المحللون الإسرائيليون أن يعود نتانياهو من لقائه مع الرئيس الأمريكى الجديد، دونالد ترامب، الذى سيعقد الشهر المقبل، إلى واقع سياسى مختلف عن اليوم، وذلك فى ظل بروز تحالفات جديدة داخل معسكر اليمين الإسرائيلى وداخل أحزاب الوسط، وخاصة حزب "العمل"، المنهار فى استطلاعات الرأى.
وبحسب المحللون يطالب قادة اليمين نتانياهو بأن يترك وراءه إرثا على شكل سن قوانين تقضى بضم مناطق من الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل، مثل ضم مستوطنة "معاليه أدوميم" أو قانون "القدس الكبرى" الذى يهدف إلى ضم "معاليه أدوميم" ومستوطنات "جوش عتسيون" و"بيتار" إلى منطقة نفوذ بلدية القدس المحتلة.
وقال محلل الشئون الحزبية فى صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، يوسى فيرتر، عن وزراء وأعضاء كنيست فى حزب "الليكود" الحاكم قولهم إنهم لا يرون أنه يوجد لدى نتانياهو الاستعداد لخطوة كهذه، وأنها متعلقة بنتائج لقائه مع ترامب.
وأشار فيرتر إلى وجود تحالفات جديدة، خاصة بين رئيس حزب "كولانو" ووزير المالية، موشيه كحلون، ورئيس حزب "يسرائيل بيتنا" وزير الدفاع أفيجادور ليبرمان.
ومن بين المؤشرات على هذا التحالف، تأييد كحلون لقرار ليبرمان بنقل المسئولية على إذاعة الجيش الإسرائيلى من الجيش إلى وزارة الدفاع، وهى خطوة من شأنها إضعاف هذه الإذاعة كى تخضع لإملاءات سياسية.
وقال فيرتر: "منذ دخول ليبرمان إلى الائتلاف فى الربيع الماضى، وبشكل أكبر فى الأشهر الأخيرة، نشأ محور رسمى بينه وبين كحلون، والتعاون بينهما ملاحظ، وخاصة خلال مداولات الكابينيت".
وأضاف فيرتر أن التحالف بين كحلون وليبرمان هو بالأساس ضد بينيت، وكلاهما ينظران إلى بينيت على أنه شخص خطير ومتسرع، وكلاهما يتحدثان عن نفسيهما أنهما يمين عاقل.
ومن مؤشرات التحالف الجديد أن كحلون دعم ليبرمان عندما أراد الأخير تعيين مقربين منه فى مناصب رفيعة فى هيئة الصناعات العسكرية، ونسقا بينهما قبيل اجتماعات الكابينيت، وفى غالب الأحيان ضد بينيت، وقبل أسبوع التقيا على وجبة غداء سرية، اتفقا خلالها على استمرار التعاون بينهما وتوسيعه لمواضيع أخرى.
من جهة أخرى، أشار فيرتر إلى تحالف بين رئيس حزب العمل السابق، عضو الكنيست عامير بيرتس، وبين سلفه وخلفه فى المنصب، ايهود باراك، وكان قد أطاح باراك ببيرتس من قيادة حزب العمل وحل محله كوزير للدفاع أيضا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة