منذ أن انتهى زمن الصيدلى الذى يحضر الدواء فى معمله الملحق بالصيدلية، من مواد وتراكيب طبية، بدأ عصر التحول الرهيب فى مهنة الصيدلة نفسها والمشتغلين بها، من مهنة متممة لمهنة الطب إلى نوع من البيزنس، يبحث صاحبها عن أكبر نسبة ربح من الأدوية التى يعرضها فى فتارينه مثل أى سوبر ماركت، ولا تختلف تلك الأدوية إلا من حيث هى محلية أو مستوردة أو ضمن جدول المواد المخدرة المحظور صرفها إلا بروشته طبية ، أو تلك المهربة من الخارج فى السلاسل الكبرى بأسعارها وأرباحها الفلكية.
ولذلك لم نعد نسمع من مشكلات الصيدليات والصيادلة إلا تلك الخناقات مع الحكومة ووزارة الصحة عن رفع أسعار الدواء لزيادة نسبة الأرباح بصرف النظر عن كون السلعة التى نتكلم عنها هى الدواء وهو حق مكفول لجميع المواطنين لا ينبغى المتاجرة به أو المطالبة برفع أسعاره دون ضابط أو رقيب حتى يحقق البعض مكاسب طائلة وليذهب المواطنون المرضى إلى الموت أو الجحيم لا فرق.
لا يلتفت السادة الصيادلة ونقاباتهم ومجموعاتهم النشطة التى تدعو للإضراب أو تعليق العمل جزئيا إلى المعركة الشرسة التى تخوضها الحكومة مع شركات الأدوية على مسارين الأول ضمان توفير الدواء للمواطنين بأسعار فى متناول جميع الطبقات والثانى تعويض الأدوية الناقصة فى السوق التى ليس لها مثيل محلى بالاستيراد المباشر، مع العمل على دعم الشركات لمواجهة ارتفاع أسعار المواد الخام بعد تحرير سعر صرف الدولار أمام الجنيه.
وبدلا من أن يقدم الصيادلة سواء من خلال النقابة أو الشعبة اقتراحات وحلولا لتيسير توافر الدواء للمرضى فى هذه الظروف الصعبة على اعتبار أن الدواء ضرورة وجودية وليس مجرد سلعة تباع، لا يفكر السادة الصيادلة إلا فى القرار المأسوف عليه الذى أصدره فؤاد النواوى، وزير الصحة والسكان الأسبق، عام 2012 والمعروف بالقرار 499، والذى يتضمن زيادة هامش ربح الصيدلى إلى 25%، على الأصناف المحلية، وزيادتها للمستحضرات المستوردة إلى 18% ، إذا كان سعر بيع الجمهور أقل من 500 جنيه للعبوة، و15 % إذا كان سعر بيع الجمهور أكثر من 500 جنيه للعبوة.
الحل إذن من وجهة نظرى أن تحصل وزارة الصحة على الأدوية من الشركات مباشرة وتطرحها فى صيدليات المستشفيات والصيدليات التابعة للشركات الحكومية وقطاع الأعمال بهامش ربح لا يتجاوز الثلاثة فى المائة مقابل المصاريف الإدارية والتشغيل، اقتداء بتجربة القوات المسلحة فى السلع الغذائية الأساسية وساعتها سيعرف الصيادلة الذين يطالبون بالقرار 449 أن الله حق كما سيعرفون معنى «الحق فى الدواء» التى تناضل الدولة للوفاء به لجميع المواطنين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة