رغم توتر العلاقات بينهما، إلا أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية تعتزم إصلاح العلاقات مع الرئيس الجديد دونالد ترامب، وذلك عن طريق تحليل خطاباته وشخصيته ومعرفة أهم شئ بالنسبة له وكيف يمكن للوكالة الاستخباراتية أن تكون أداة مفيدة له فى رئاسته، ومن ثم يثق الأخير فيها ويلبى طلباتها.
ونقلت صحيفة "ديلى بيست" الأمريكية عن مسئول سابق رفيع المستوى فى الوكالة قوله "تهانينا، لقد تم تجنيده بالفعل. ماذا كان أول مكان يزوره فى أول يوم فى رئاسته؟ وكالته الاستخباراتية الرئيسية".
تجنيد ترامب
وأوضحت الصحيفة أن وظيفة الوكالة الرئيسية خارج البلاد هى الوصول إلى عقول القادة الأجانب، وتجنيد عملاء لمساعدتهم فى فعل ذلك من خلال مغازلتهم وجذبهم ليكونوا مفيدين للسى آى أيه وللولايات المتحدة. ويقول مسئولون استخباراتيون حاليون وسابقون إنهم يفعلون الشئ نفسه مع دونالد ترامب، وذلك من خلال دراسة الأمور المهمة بالنسبة له لمعرفة الطريقة المثلى للوصول إليه.
ترامب يحمى ظهر السى آى أيه
وتشير الصحيفة إلى أن هناك مؤشرات على أن البيت الأبيض فى عهد ترامب سيحمى ظهر الوكالة فى بعض القضايا مثل استئناف طرق الاستجواب القاسية والمثيرة للجدل والتى طبقت فى عهد الرئيس الأسبق جورج بوش. وترك مايك بومبيو مرشح ترامب الجمهورى لمنصب مدير الوكالة الاستخباراتية الباب مفتوحا أمام عودة تلك الطرق فى جلسة الاستماع بالكونجرس الخاصة بالموافقة على ترشيحه، بقوله إنه سيسأل الضباط إذا ما كانت طرق الاستجواب المطبقة حاليا تأتى لهم بالمعلومات الاستخباراتية اللازمة لهم. كما ألمح بضرورة تغيير القواعد المتعلقة بجمع بيانات الأمريكيين إذا اعتبرتها الوكالة مقيدة لهم.
ليس هذا فحسب، ففى إشارة جديدة على تقدير ترامب بالدور الذى تلعبه الوكالة الاستخباراتية، قال شون سبايسر الاثنين فى البيت الأبيض "هناك فرق بين وجود اختلافات مع قادة الاستخبارات.. وبين الرجال والنساء الذين يكدحون كل يوم".
زيارة تثير الغضب
ورغم أن زيارة ترامب لمقر الوكالة كان له دلالته فى سعيه لإصلاح العلاقات، إلا أن خطابه هناك أثار غضب الكثير من المسئولين وأبرزهم جون برينان، مدير الوكالة السابق الذى أكد أن كلمة الرئيس الأمريكى أحزنته وأغضبته وأظهرت إلى أن مدى يعانى الأخير من الغرور.
وربما تكون الزيارة أغضبت بعض المسئولين فى الوكالة، إلا أنها كانت أول الخطوات التى يحتاجوها للتعرف عليه، فترامب بالنسبة لهم رجل أعمال ناجح ليس لديه خبرة سياسية ولم يضطر من قبل أن يرسل أشخاص إلى أوضاع صعبة ويفقدهم هناك.
ورأى مسئولون بالوكالة "جهل" ترامب فى تعليقه الخاص بأن العديد من العاملين فى "سى آى أيه" صوتوا له.
وغردت كارمن مدينا، مسئولة سابقة رفيعة المستوى فى الوكالة على حسابها على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعى، قائلة "لكى تتعايش الديمقراطية مع المخابرات، يجب أن تظل السى آى ايه محايدة وغير سياسية بقدر الإمكان، لهذا كان محتوى خطاب ترامب خاطئا".
فك الشفرات
واعتبرت "ديلى بيست" أن "مدينا" وغيرها من المسئولين يرون خطاب ترامب فرصة وخارطة طريق لفك شفرات الرئيس الجديد.
وقالت مدينا فى حوار "لا يوجد أمر غريب بشأن تحليل الرئيس الجديد، وطريقته..لنعرف كيف يمكن دعمه، والخطوة الأولى هى الوصول إلى الرئيس وجعله ينتبه إلى ما تقوله."
إذا ما المفتاح للوصول إلى ترامب، تقول مدينا إنه يحب أن يفوز، فهو لديه حنين إلى فترة من التاريخ عندما كانت تفوز دائما الولايات المتحدة. لذا عندما يتعلق الأمر مثلا بتغير المناخ، بدلا من أن يقال لترامب إن بلاده تريد أن تكون المثال الذى يحتذى به حول العالم، يمكن للمحللين أن يقولوا له إن العمل فى الطاقة الشمسية "عمل سيدر مليارات الدولارات والولايات المتحدة تريد أن تكون فائزة فى ذلك المجال".
وتضيف مدينا "هذا ليس تسييسا للمخابرات، وإنما معرفة كيفية التحدث إلى المستهلك".
ومن جانبه يقول مدير الوكالة الاستخباراتية السابق جون ماكلافلين، إن ترامب يحب التحدث إليه وليس منحه تقريرا مكتوبا، مضيفا "عندما كنت أقدم المعلومات لرونالد ريجان، قيل لى أن أجهز نكتة".
مغازلة غرور الرئيس
ويرى ديفيد بريس، المسئول السابق بالوكالة إن ترامب يبدو من خطاباته انه لا يحب أن يسهب فى تقييم موضوع بعينه، وإنما يفكر دائما فى تداعيات هذا الموضوع عليه وكيف يتعلق بأشياء قالها وفعلها.
واتفق عدد من الضباط على أن الطريقة المثلى للوصول إلى ترامب هى "مغازلة غروره".
ويرى محلل سابق أن ترامب "غير واثق فى نفسه مثل صبى مراهق "إذ كنت تثق فى نفسك، فأنت لا تتحدث عنها طوال الوقت، وعموما الأشخاص أصحاب الأصوات العالية الذين يتباهون ويظهرون ثقة بالنفس، يعوضون بذلك عدم شعورهم بالثقة من خلال هذا السلوك".
ويعتبر مسئولو الاستخبارات أن هذا "الضعف" يمكن استغلاله داخل وخارج الحكومة الأمريكية، لذا يرون أنهم يجب أن يكونوا علاقة ثقة مع أحد من المقربين لترامب، سواء مستشار الأمن القومى مايك فلين، أو أحد من دائرته الداخلية، ليضفوا صوتا إلى طاولة النقاشات يعبر عنهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة