نحن فى حضرة فيلم اتفق على قيمته كل نقاد العالم، وكان فيلم افتتاح واحد من أهم مهرجانات العالم، مهرجان فينيسيا، وحصل على تصويت الجمهور كأفضل فيلم فى مهرجان تورونتو، ثم استطاع أن يسجل رقماً قياسياً غير مسبوق فى جوائز الجولدن جلوب فحصل على سبع جوائز، مما يرشحه لحصد الكثير فى الجائزة الأهم فى العالم جائزة الأوسكار، والأهم أنه حسب كل التقييمات الجماهيرية على مواقع السينما هو الفيلم المحبب إلى الجمهور.. ورغم كل هذا فحين جلست أشاهد «لالالاند» وترجمتها أرض الأوهام، كان يجلس ورائى مجموعة شباب أصابهم ملل من المشاهدة وبدأوا يتذمرون بصوت عال، أى أن هذا الفيلم لم يعجبهم برغم كل ما سبق وقلته عنه، فهل على المعجبين بالفيلم اتهام هؤلاء الشباب بفساد الذوق مثلاً؟ الإجابة بالنسبة لى: لا بالتأكيد، لأن السينما وأفلامها موقف شخصى قد تحبه أو لا تحبه دون أن يكون ذلك دلالة على فساد ذوق قدر ما هو دلالة على تكوين شخصى.
لالالاند فيلم غنائى يحكى قصة شديدة البساطة رأيناها فى آلاف الأفلام من قبل قصة حب تنشأ بين فتاة تحلم أن تكون ممثلة فى لوس أنجيلوس، وموسيقى يحلم بأن يقيم كازينو خاصا بالجا، فتلتقى أحلامهما وحبهما ولكن الواقع يحرمهما من الحب فى مقابل تحقيق أحلامهما العملية فيفترقان ولا يبقى بينهما إلا نظرة ود فى نهاية الفيلم وخيال يشركنا فيه الكاتب عن ماذا لو كانت علاقتهما استمرت؟
الحكاية بسيطة ولكنها حالمة وصورة الفيلم توحى بتفاصيلها كملابس الممثلين والديكور والسيارات وكل شىء محيط بهما أن أحداث الفيلم تدور فى الستينيات أو حتى الخمسينيات، ولولا وجود الهاتف المحمول فى يد الأبطال لكان المشاهد استمر فى تصور أن أحداث الفيلم تدور فى زمن مضى، وربما هذا ما جذب بعض الجمهور للفيلم فكأنه يحمل نوستالجيا الماضى كصورة، إضافة لأن الفيلم الغنائى صار قليلاً ما يخرج من أبواب هوليوود وربما هذا سبب آخر لإعجاب الجمهور، وبالتأكيد هناك كثير من العناصر الجاذبة الفنية الأخرى فى الفيلم كالسيناريو الذى كتبه مخرج الفيلم الشاب دميان تشازل، والبطولة التى تقاسمها ممثل محببللجمهور وهو ريان جوزلنج، والنجمة الشابة إيما ستون، والموسيقى والأغانى التى لحنها عبقرى شاب أيضاً هو جاستن هوروتز.
وحكاية المخرج والمؤلف نفسه مع هذا الفيلم تحمل بعضاً من سماته، فقد كتب تشازل السيناريو منذ عام 2010 وشاركه زميله آنذاك فى جامعة هارفارد الموسيقى هوروتز، وكانا يحلمان بتنفيذ الفيلم ولكن السينما كانت حلما بعيد المنال، ولم يقبل منتج أن يغامر باسم شاب فى فيلم غنائى، ولكنهما استطاعا معا من خلال فيلمهما الأول Whiplash الذى حصد عام 2014 خمس ترشيحات للأوسكار وخمسين مليون دولار إيرادات ولم يتكلف إلا 3.3 مليون دولار، أن يفتحا أبواب هوليوود على مصراعيها لأحلامهما، فكان من السهل أن تقبل عليهما شركات الإنتاج الكبرى لتنفيذ حلمهما وإنتاج فيلم لالالاند.
ولم يخيب دميان تشازل الشاب الثلاثينى أمل المنتجين ولا أمله، فقد نجح فيلم لالاند نجاحا باهرا على المستوى الجماهيرى والنقدى، ولا يعنى أن مجموعة شباب فى دار عرض مصرية تركوا الفيلم ولم يكملوه أن الحلم لم يتحقق، ولكنهم ربما خرجوا ليحلموا بحلمه الخاص الذى لا يوجد فيه رقصة أو موسيقى جاز.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة