محمد الدسوقى رشدى يكتب عن الباب الجديد لوصول الأفكار المتطرفة للشباب: التنمية البشرية السلفية.. كورسات تنمية بشرية سلفية لتمرير التطرف لعقول الشباب بعد حصارهم فى الفضائيات الدينية والمنابر؟

السبت، 14 يناير 2017 03:12 م
محمد الدسوقى رشدى يكتب عن الباب الجديد لوصول الأفكار المتطرفة للشباب: التنمية البشرية السلفية.. كورسات تنمية بشرية سلفية لتمرير التطرف لعقول الشباب بعد حصارهم فى الفضائيات الدينية والمنابر؟ محمد الدسوقى رشدى والسلفيين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعض شباب «حازمون والإخوان» تحولوا من نجوم للفضائيات الدينية التكفيرية إلى ممررين لرسائل التطرف تحت مسمى التنمية البشرية

يقول السابقون إن الضربة القوية تأتيك دومًا من حيث لا تتوقع، وفى قولهم الكثير من الصدق، تتوقع أن صاحب الجلباب واللحية الكثيفة صاحب الدبلوم الصناعى كثير الصراخ والغضب العائد من أفغانستان هو الإرهابى القادم لتفجير الكنيسة، أو الكمين الأمنى أو تكفير المجتمع، وفى توقعك الكثير من الدقة، ولكنك تصدمك المفاجأة حينما تجد شابًا يحمل من شهادات الجامعة أعلاها، وينتمى إلى طبقة اجتماعية مستقرة وذات ثقافة هو الذى ينزع فتيل حزامه الناسف ليفجر أبرياء تقربًا من الحور العين، وانتقامًا من المجتمع الكافر.

تنظر الدولة نحو سيناء، وتقول هنا يتم تجنيد الإرهابيين وتسمين الإرهاب، أو ينظر رجل الأمن نحو المساجد الخارجة عن سيطرة وزارة الأوقاف، ويقول هنا يتم تجنيد وتربية الإرهابيين، بينما المثقف جالس هناك يقرأ مناهج الأزهر، ويصرخ هنا يولد التطرف، وعلى مقربة منه يجلس باحث يراقب مواقع الإنترنت السلفية والمتطرفة، ويخبرنا بنتيجة بحثية تقول هنا يتعلم شبابنا الإرهاب، ويمرون بأول مرحلة للتجنيد فى صفوف جماعات التكفير، بينما بعض المسؤولين على عادتهم منذ عشرات السنين يتكلمون عن العشوائيات والفقر، قائلين هنا يتم احتضان الإرهاب، نفعل جميعًا ذلك نراقب هذه المناطق، نجتهد لتطهير سيناء، وتطوير مناهج الأزهر والسيطرة على المساجد، وملاحقة صفحات الإنترنت المتطرفة، وتطوير العشوائيات رغبة فى حصار الإرهاب وأفكاره المتطرفة، نفعل ذلك بحماس لا يمكن التشكيك فى إخلاصه، ونحن غافلون عن قاعدة هامة تقول إن الإرهاب دومًا يخرج من تلك البقعة التى انشغلنا عنها ولم نتوقعها.
 
يولد الإرهابى حيث لا تدرى ولا تحتسب؟! يولد فى أقرب مكان تخطو حوله أو تعيشه بجواره وأنت لا تعرف؟
الآن يشعر أهل التطرف بتضييق الحصار على مواقع الإنترنت والزوايا الصغيرة، والفضائيات الدينية، لذا قرروا أن يختاروا طريقًا آخر لغسيل مخ الشباب وزرع بذرة التطرف الأولى فى عقولهم، هل تتخيل أن أولادنا وشبابنا يدفعون الآن أموالًا مقابل تعليمهم التطرف أو سحبهم إلى سلمة الإرهاب الأولى؟
 
تظن أن الأفكار المتطرفة فى دروس ياسر برهامى وحسان وفتاوى الحوينى، والمقدم ومسعد أنور فقط، وكل ظنك خطأ، لأن الأفكار المتطرفة يتم توزيعها وتمريرها الآن داخل مايسمى بدورات التنمية البشرية التى يتم تنظيمها داخل قاعات فخمة وكبيرة فى المحافظات بعضها ملك الدولة، وبعضها يتم استئجاره أمام أعين الدولة؟ تنتشر الإعلانات هنا وهنا عن دورة تدريبية تكلفتها 500 جنيه تعلمك كيفية مواجهة الملحد، ودورات تدريبية أخرى تعلمك كيفية تنظيم الوقت يقدمها شباب يرتدون أزياء أنيقة بينما تاريخهم السابق يحمل فى طياته الكثير من العنف والدعم داخل جماعات متطرفة، مثل حازمون أو الإخوان أو الجبهة السلفية أو الدعوة السلفية.
 
محمد-الدسوقى-رشدى--ديكوبيه
 
يحدث أمر «جر رجل» الشباب إلى منطقة التطرف والإرهاب الآن، كما حدث من قبل على فترات متباعدة دون أن ينتبه أحد إلى أن ماتركته الدولة يغوص فى أعماق الشباب، ظنًا منها أنه بعيد عن السياسة والجماعات المسلحة كان مجرد تمهيدًا أولويًا يفتح الباب أمام الشباب لمراحل متقدمة من التطرف.
 
ولكى نفهم مايحدث الآن فى دورات التنمية البشرية، لابد من العودة قليلًا إلى الوراء، فى زمن دولة مبارك كانت الأبواب مفتوحة أمام السلفيين لتلقى تمويل ضخم من السعودية ودول الخليج والوهابيين لتأسيس ماتم تسميته وقتها بالجمعيات الخيرية الإسلامية، وكان رد الدولة وقتها على من أعلن قلقه من توغل تلك الجمعيات فى بطن المجتمع المصرى، لا تقلقوا هذه مجرد مستوصفات وأعمال خيرية لمساعدة الفقراء، ثم يمر الزمن لنكتشف معًا من أعرب قلقه ومن أعلن اطمئنانه أن هذه الأماكن والجمعيات لم تكن سوى مدارس لتربية المتطرفين، ونشر كتب التطرف واستمالة تعاطف البسطاء والعامة لفكرة التطرف الإسلامى.
محمد حسان
 
فى مرحلة لاحقة تحول شيوخ التيار السلفى، مثل محمد حسان والخوينى ويعقوب وبرهامى ومسعد أنور إلى نجوم تسمح لهم الدولة بتأسيس فضائيات دينية، وإلقاء دروس أسبوعية فى المساجد الكبرى بالقاهرة والمحافظات حتى صارت المساجد تسمى بأسمائهم، وكان رد الدولة وقتها، لا تقلقوا «دول ناس بتوع ربنا ملهمش فى السياسة»، هم فى أمان طالما لم يحرضوا مباشرة على القتل، أو يحرضوا على التظاهر، أو يتكلموا فى جواز الخروج على الحاكم، ثم مرت السنوات لنكتشف معا نحن والدولة أن هذه الفضائيات والدروس لم تكن سوى خطوة أولى فى حشد جيوش من المؤيدين والمعجبين والمأمورين بتعليمات هؤلاء الشيوخ لا نظام الدولة، ثم جاءت اعترافات حبارة فى تحقيقات النيابة لتؤكد أنه تعلم التكفير والولاء والبراء واستحلال دم المجتمع من دروس محمد حسان، فى مسجد التوحيد بالمنصورة، ومن بعدها جاءت اعترافات عسلية متطرف الإسكندرية الجاهل الذى ذبح بائع الخمور لتؤكد أن دروس المقدم ووليد إسماعيل هى التى زرعت فى عقله ضرورة الانتصار للإسلام بقتل بائع الخمور.
 
 
محمد حسين يعقوب
وفى نفس المرحلة، تجاهلت الدولة تحول أرصفة المساجد الكبرى إلى ساحة لبيع السبح والسواك والملابس الإسلامية والوصفات الطبية الشعبية بجوار كتب غريبة المصدر، تحمل فتاوى دينية دون موافقة من الأزهر أو غيره، تحت مظلة أنه لا داعٍ للقلق من ملتحين يبيعون السبح والسواك، ثم يمر الزمن لنكتشف نحن والدولة أن أساس الأرصفة لم يكن السواك ولا كتب الأذكار بل كان نشر كتب رخيصة لفتاوى ابن تيمية، وكتب لتكفير المجتمع والكلام عن الجهاد وتحريض المسلمين على المسيحين.
ياسر برهامى
 
ولأننا لا نتعلم من الدرس ظهرت فى مرحلة لاحقة ظاهرة الدعاة الجدد، شباب بلحى خفيفة أو دون لحية، يرتدون أشيك الملابس ويرتكزون فى خطابهم على الوعظ، وسكت الجميع وقتها بحجة أنه لا ضرر من تلك اللهجة المحبة، لتأتى الثورة وتكشف لنا أن أغلبية الشباب المتعصب الذى انضم لحازمون وغيرهم كانت بدايته فى دروس الدعاة الجدد، بل ونكتشف أن بعض هؤلاء الدعاة أظهر وجهه القبيح بعد أن ظن أن زمن التمكين لجماعات الإسلام السياسى قد حل، وبدأ يكشف عن أفكاره المتطرفة صراحة، بعد أن كان يدسها كالسم فى العسل داخل دروس الوعظ خاصته.
الآن نحن على موعد جديد مع نسخة أكثر تطورًا لتمرير الأفكار المتطرفة لعقول الشباب، نسخة مختلفة تمامًا تمثل عملية التمهيد الأولى لسحب الشباب إلى أرضية الخضوع لرجال الدين والأفكار السلفية المتطرفة، ولكن هذه المرة ترتدى «بدلة التنمية البشرية»، ويدفع الشباب مقابل مادى كى يحضر دروس تجنيده وسحبه إلى عالم التطرف.
 
عادل حبارة
 
الفترة الماضية شهدت ظهور نماذج لعدد من الشباب ذائع الصيت فى زمن الإخوان وحازم صلاح أبو إسماعيل، شباب كان يهتف بلحيته الكثيفة ضد الأقباط ويحرض ضدهم ويصرخ «عاوز أختى كاميليا»، شباب كان يعمل فى حملات حازم أبوإسماعيل رئيسا، شباب سلفى كان يعمل فى الفضائيات الدينية السلفية التى تكفر المجتمع، وقد اتخذ شكلًا جديدًا وتخلى عن لحيته وعاد ليقدم نفسه فى ثوب مدرب التنمية البشرية، يتكلم عن الاستيقاظ المبكر وتنظيم الوقت ولكنه يمرر رسائله عن الالتزام والدين والتكفير بين نصائحه وكورساته المسماة نصبًا باسم التنمية البشرية.
الدعوة السلفية التى يقودها ياسر برهامى، بكل أفكاره المتطرفة عن حرمانية الديمقراطية وعمل المرأة والتحريض على المسيحيين وغير ذلك من الآراء المتطرفة، والتى نبت لها بعد الثورة حزب حمل اسم النور يرفض نوابه وقياداته الوقوف أثناء السلام الجمهورى، فهمت سريعًا عملية الحصار المفروض على شيوخها داخل المساجد فقررت أن تتخذ طريقًا آخر لنشر أفكارها المتطرفة بين الشباب عبر دورات التنمية البشرية، نظرة واحدة للأعوام السابقة ستجد أن حزب النور والدعوة السلفية كانا أكثر الجهات الدينية والسياسية فى مصر اهتمامًا بمسمى التنمية البشرية لدرجة دفعتهم لتنظيم مئات الكورسات والمحاضرات والدورات فى التنمية البشرية داخل قاعات تتبع الدولة أحيانًا فى قرى ونجوع مصر، دورة تنمية بشرية يقدمها شيخ سلفى ممنوع من الخطابة فى المساجد، بسبب آرائه المتطرفة، ولكنه يلتقى بآلاف الشباب فى النجوع والقرى تحت لافتة كبيرة اسمها التنمية البشرية يمرر من خلفها نفس الآراء الدينية المتطرفة، يكفيك أن تعرف أن الدعوة السلفية على سبيل المثال وليس الحصر نظمت دورات تنمية بشرية فى قرية العصلوجى التابعة لمركز الزقازيق حاضر فيها شيوخها المشهورين بتطرفهم فى محافظة الشرقية، وأخرى فى قاعة البارون بالزقازيق، تحت عنوان «دورة التنمية البشرية بالقرآن والسنة»، لفضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم الشربينى، ونظموا بقرية نواج التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية أولى محاضرات التنمية البشرية، تحت عنوان «فن إدارة الوقت»، وألقى المحاضرة الشيخ الدكتور مجدى الجاكى، وفى دمنهور نظموا أيضًا دورة فى التنمية البشرية بمجمع الخدمات الطلابية بحضور عدد كبير من قيادات وكوادر الحزب، وحاضر فيهاالدكتور وليد عبدالجواد أمين حزب النور بدمنهور والشيخان محمود البلتاجى ومحمود غلاب عضوا مجلس إدارة الدعوة السلفية بدمنهور، والدكتور محمد انسى محاضر التنمية البشرية.
 
وبعيدًا عن حزب النور، تحلل شاب سلفى كان الأشهر على قناة الحكمة، وكان معروفًا بأنه من أنصار حازم صلاح أبوإسماعيل، وكان دائم تخصيص حلقاته على قناة الحكمة السلفية لخدمة حملة أبوإسماعيل الإنتخابية تحت شعار الشباب يريد حازم صلاح أبو إسماعيل رئيسًا للجمهورية، كان عمرو عادل ملتحيا يهاجم حليقى اللحية والمدخنين والليبراليين ويدعم مرسى والإخوان ويصف من يعارض مرسى والإخوان بأنهم أعداء الإسلام، ويحرص على تغطية وجوه النساء إذا صادفه عرض فيديو به مذيعة أو سياسية ببرنامجه، قائلًا إن صورة المرأة وشكلها عورة، ثم اختفى فجأة مع نهاية زمن الإخوان وعاد الآن، ولكن بصورة مختلفة، عاد ببدلة شيك وبدون لحية وتحت مسمى عمرو المعالج النفسى، واستشارى الصحة النفسية، مدرب معتمد فى التنمية البشرية والبرمجة اللغوية العصبية ومهارات التفوق الدراسى، وعضو المعهد الأمريكى الدولى للتدريب والاعتماد، ليقدم دورات تنمية بشرية يمرر من خلالها أفكاره، وهو لا يختلف عن نموذج آخر اسمه كريم الشاذلى كان يرفع شعارات الإخوان، والآن يلقب نفسه بمدرب التنمية البشرية ليمرر فى دوراته للشباب كلامًا متطرفًا، تحت مسمى قال الله وقالالرسول، ونحن جنود لخدمة الدعوة الإسلامية، ويستدعى أفكارًا فى دوراته من كتب ابن تيمية والشيخ السلفى السورى عبدالكريم بكار.
 
هؤلاء وغيرهم يعيدون الآن الحدوتة إلى سيرتها الأولى، مدخل جديد وطريقة جديدة لاستمالة عقول الشباب المصرى بعد أن أغلق المجتمع فى وجوههم المنافذ المعتادة بسبب تطرفهم وتلونهم، هؤلاء الآن يكررون تجربة شيوخ السلف الطيبين الذين لا يهاجمون الدولة ثم نكتشف أنهم كانوا يربون للدولة وحوشًا إرهابية كى تكبر وتفترسها حينما تحين لحظة ضعفها، هؤلاء الآن يرتدون بدلة التنمية البشرية لتكرار تجربة الدعاة الجدد الذين يعملون فقط بالوعظ لمواجهة غلظة شيوخ التيار السلفى ثم اكتشفنا لاحقًا أن دروسهم الرقيقة كانت مجرد الطعم الأول لاصطياد شبابنا من بحر الفوضى ونقلهم إلى محيط الإرهاب، فهل نسقط مجددًا فى نفس الفخ؟!









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة