أجرت صحيفة "ذا هندو" الهندية مقابلة عبر البريد الإلكترونى مع الرئيس عبد الفتاح السيسى بمناسبة زيارته الرسمية للهند، تحدث فيها عن التعاون مع الهند والتحديات الإقليمية مثل الإرهاب، إلى جانب العلاقات الثنائية بين مصر والهند.
الزيارة الثانية للهند فى أقل من عام
وفيما يتعلق بأهمية زيارته للهند، التى تعد الثانية فى غضون عام، قال الرئيس السيسي، إنه من دواعى سروره وشرف له أن يكون فى الهند للمرة الثانية فى غضون عام تقريبا، وهذه المرة بدعوة من الرئيس شرى براناب مخرجى، وأوضح أنه على ثقة من أن الزيارة سوف تعطى دفعة للعلاقات المتميزة بالفعل بين البلدين على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهى أيضا فرصة ممتازة لتبادل وجهات النظر مع المسئولين الهنود حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وكذلك لبحث سبل تعزيز التعاون والتنسيق على المستويات الثنائية والإقليمية الدولية.
وتابع الرئيس قائلا: "ارتبطت مصر والهند تاريخيا بصداقة قوية ووثيقة امتدت لمجالات مختلفة من خلال التبادل الثقافى والتجارى، وعزز نضال الشعبين المصرى والهندى من أجل الحرية والاستقلال فى القرن العشرين العلاقات الثنائية بشكل أكبر من أجل تحقيق أهداف الشعبين.
تعزيز العلاقات الثنائية
واليوم هناك إمكانات هائلة لزيادة التعاون بين مصر والهند فى عدد من المجالات الحيوية، فعلى الصعيد السياسى، لدينا تفاهم مشترك حول العديد من القضايا والسعة لتنسيق الجهود فى المحافل الإقليمية والدولية للتصدى لها.
واقتصاديا، زادت التجارة الثنائية بشكل كبير بنسبة 60% فى السنوات الخمسة الماضية على الرغم من التباطؤ الاقتصادى العالمى وعدم الاستقرار فى المنطقة. وتستمر الاستثمارات فى الزيادة فى عدد من المجالات مع 50 شركة هندية تعمل فى مصر، ونتطلع إلى توسيع استثماراتهم، كما أن المستثمرين المصريين مهتمون بتوسيع أعمالهم فى الهند أيضا.
كما أن التبادل الثقافى جانب حيوى آخر للعلاقات الثنائية الممتازة. فمهرجان "الهند على ضفاف النيل" حقق نجاحا كبير حيث يستطيع المصريون أن يختبروا جوانب مختلفة من الثقافة الهندية، وأعرب الرئيس عن أمله أن تقدم النسخة الأولى من "مصر على الجانج" للهنود تجربة مثيرة مماثلة وتثير اهتمامهم بمعرفة المزيد عن الثقافة المصرية، وهو ما سيعزز تدفق السائحين من الجانبين.
أما عن أبرز مجالات التعاون فى المجال الاقتصادى وفرص الهند فى مشروع قناة السويس الجديدة، قال الرئيس السيسي أن مصر شرعت فى سلسلة من المشروعات الطموحة لتحسين البنية التحتية، فضلا عن الإصلاحات الاقتصادية والإدارية لجذب المستمرين الأجانب.
وهناك العديد من الفرص لمصر والهند على حد السواء للاستفادة من تعزيز التعاون فى مجالات الزراعة والتجارة والاقتصاد والصناعة والتعليم والصحة والثقافة والسياحة، وكذلك العلوم والتكنولوجيا، ونريد تبادل الخبرات فى المجالات التى لدى كل بلد معرفة واسعة بها، ومصر مهتمة بشكل خاص للاستفادة من تجربة الهند فى تطوير قطاعات الشركات الصغيرة والمتوسطة وتكنولوجيا المعلومات، وهما قطاعان مهمان وجذابان.
مشروع قناة السويس الجديدة
وفيما يخص مشروع قناة السويس الجديدة، قال السيسي إنه يمثل إضافة كبيرة ستعزز بشكل كبير التعاون المشترك الإقليمى والدولى، وهو ليس فقط جزءا من خطة شاملة وطموحة تنص على إنشاء منطقة تنمية قناة السويس للاستفادة من هذا الموقع الاستراتيجى الذى يربط آسيا بأفريقيا، من خلال إنشاء مناطق اقتصادية خاصة وتأسيس منطقة صناعية كبرى، والهدف هو تحويل منطقة قناة السويس إلى ممر للاستثمار العالمى ومركز لوجيستى دولى، ويمثل هذا فرصة هائلة للمستثمرين الهنود للاستفادة من المزايا الجديدة التى يقدمها السوق المصرى، وذلك أفضلية الوصول للأسواق العربية والإفريقية والأوروبية، نظرا لاتفاقيات التجارة الحرة التى أبرمتها مصر مع هذه الأسواق.
التعاون فى مجال مكافحة الإرهاب
وطرحت الصحيفة الهندية سؤالا على الرئيس حول عدم تعاون مصر والهند فى قضايا الإرهاب فى الأمم المتحدة، وما إذا كان هذا سيتغير خلال أعمال الجمعية العامة القادمة. ورد السيسى قائلا أن مصر والهند تمثلان قوى استقرار فى منطقتيهما. ويتمتع البلدان بشراكة وثيقة للغاية فى مجالات عديدة من بينها الدفاع. فهما ملتزمتان باتفاقية محاربة الإرهاب الدولى والجريمة المنظمة والعابرة للحدود التى تم توقيعها عام 1995. وقد أقامت مصر والهند تعاون دفاعى مشترك فى عام 2006، شهد ستة اجتماعات حتى الآن. وهناك حرص متبادل لتعزيز التعاون بشكل أكبر فى هذا الجانب الهام من العلاقات الثنائية لاسيما فى ضوء التهديدات الناشئة التى تواجهها المنطقة التى تنتمى إليها كل منهما.
وأكد الرئيس على أحد المنتديات الهامة للتعاون والتنسيق فى هذا المجال على المستوى متعدد الأطراف هو لجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن التى تترأسها مصر حاليا. وقد قمنا بالعديد من الأنشطة داخل اللجنة وأيضا فى الجمعية العامة من أجل تعزيز التنسيق بين كافة الدول ضد هذا العدو المشترك الذى لا يعرف دينا ولا حدود.
داعش وصراعات الشرق الأوسط
وردا على سؤال علن كيفية محاربة داعش فى الشرق الأوسط، والصراع فى ليبيا واليمن، قال السيسى إننا نشهد معاناة إنسانية كبيرة بسبب الصراعات المستمرة والأزمات فى بلاد مثل سوريا وليبيا واليمن. كما لاحظنا أيضا كيف زعزعت هذه الأزمات استقرار المنطقة كلها وقدمت أرضا خصبة للتنظيمات الإرهابية لنشر مذاهبها المتطرفة والراديكالية وتجنيد أعضاء جدد. ولذلك، فمن المهم جدا للمجتمع الدولى أن يتحمل مسئوليته ويضاعف جهوده كمن أجل الوصول لحل سياسى لإنهاء هذه الصراعات فى أقرب وقت ممكن ووقف محنة المدنيين. وتؤمن مصر أيضا أنه من الهام أن تحافظ أى تسوية سياسية على وحدة الدول وسلامة أراضيها وعلى مواردها ومؤسساتها الوطنية. وبموازاة ذلك، هناك حاجة لإتباع نهج شامل لمكافحة داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى التى تشاركه نفس العقيدة، إلى جانب تعزيز التعاون لقطع مصادر تمويلها وتسليحها. وأكد الرئيس السيسى على أن الوقت هو الأساس وطالما لا يزال القتال مستمرا والسلام مؤجلا، فإن خطر الإرهاب لا يزال قائما.
وفيما يتعلق بالسلام والعلاقات بين مصر وإسرائيل، قال الرئيس السيسى أنه يعتقد أن هناك فرصة حقيقية لسلام عادل وشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين على الرغم من التحديات الإقليمية الراهنة. وقد أكدت مصر دوما أن تأسيس دولة فلسطينية مستقلة ستقضى على شعور البأس والإحباط وسيحقق الأمن والاستقرار لكلا الجانبى. ونهدف إلى مواصلة جهودنا الرامية إلى الوصول إلى حل لهذه القضية. وسندعم فى هذا الشأن كل الجهود الدولية الأخرى الساعية لإيجاد حل للصراع مثل مبادرتى السلام العربية والفرنسية وكذلك الجهود الروسية والأمريكية.
حركة عدم الإنحياز
وأنهت الصحيفة حوارها بسؤال "فى عالم القطب الواحد، هل المحافل متعددة الأطراف مثل اجتماع عدم الانحياز المقرر فى فنزويلا الشهر المقبل مناسبة".
ورد الرئيس السيسي قائلا إن مصر تولى أهمية كبرى للمحافل متعددة الأطراف التى تشمل البلدان النامية مثل حركة عدم الانحياز ومجوعة الـ 77 فى ضوء مساهمتهم فى التعاون بين دول الجنوب.
ونعتقد أن المبادئ المؤسسة لحركة عدم الانحياز التى ساهمت مصر والهند فى تأسيسها، لا تزال مناسبة لعالم اليوم، مع الوضع فى الاعتبار التهديدات المستمرة والتحديات التى تواجه سيادة وسلامة أراضى عدد كبير من دول المجموعة. ومع ذلك، فإننا مقتنعون بأن الحركة تحتاج إلى تنشيط اهتمامها فى معالجة التحديات العالمية الجديدة، لاسيما فى المجالات الثقافية والاجتماعية، ومن المهم أن نلاحظ أن دول عدم الانحياز تمثل ما يقرب من ثلثى أعضاء الأمم المتحدة، وتضم أكثر من 55% من سكان العالم، وهذا يمثل كتلة تصويتية كبيرة يجب الاستفادة منها لاسيما فيما يتعلق بتشكيل مواقف مشتركة حول قضايا الاهتمام للدول النامية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة